في الحلقة الخامسة ناقشنا نقطة من أطلق الرصاصة الأولي للحرب. هل الجيش هو من أطلقها؟ أم الدعم السريع؟ أم الكيزان داخل/ او خارج الجيش؟ أم طرف رابع؟!! كما رفضت شخصيا مبدأ (تخوين الجيش) بكل مكوناته وكوادره. هذا لا يعني أنه لا يوجد خونة بالجيش أو أي مؤسسة عسكرية أو دعم سريع أو حركات الكفاح المسلح أو مدنية أو حتي داخل منازلنا وأسرنا وأحياءنا. خلاصة ما جاء بالحلقة أن الجيش لم يقم باطلاقها ، بل لم يكن في الأصل مستعدا لها ، خاصة داخل الخرطوم ، أو حرب المدن بصفة عامة ، رغما عن أن كل المؤشرات لأمكانية حدوث الحرب شعر بها الجميع بما فيهم نحن المدنيون!!! . كما قلنا من قبل أن أبوالقدح يعرف أين يعض أخيه. الجيش كان يعلم بقوة الدعم السريع (عددا وعتادا وتواجدا). ويعلم جيدا أن حدث شيء داخل الخرطوم أو أي مدينة بالتأكيد الغلبة ستكون للدعم السريع ، لكنه لم يكن يظن أن الدعم السريع سيستخدم كل هذا ضد المكون الرئيسي ، أي الجيش نفسه!!! وهذا هو (الخطأ الفادح والجهل) بما يحيط بالسودان من مؤامرات منذ عقود ، بل قرون مضت من دول الجوار والدول الاستعمارية التقليدية والحديثة. نعترف بان الجيش قد أخطأ اخطاء شنيعة ، خاصة بالخروج من ولاية الجزيرة ، ووالسماح للدعم السريع بالتغلغل داخل ولاية سنار ، وندفع نحن الأن كوطن ومواطنين ثمنها الغالي جدا ، و(لن نغفره) مهما طال الزمن أو كانت المبررات للجيش والدعم وساسة أخر الزمان. هل يعني ذلك أننا قد استبعدنا الكيزان (المؤتمر الوطني وأتباعه) من التأمر؟ من يظن ذلك فهو لا يعرف من هم الكيزان وكيف يفكرون ، وما هي تركيبتهم النفسية…الخ. نقول لا ، بل كانوا هم من قالوا للطرفين (المديدة حرقتني) كجزء من السيناريوهات التي بدأت (قبل الاعتصام) أمام القيادة العامة ختي تاريخه ، مع اعتقادي الجازم بأن من يديرها مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش من الخارج والداخل ، ويمسك بعصا المايسترو ، ثم هربوا أسرهم وممتلكاتهم قبلها وأثنائها ، حتي خرج كل سكان العاصمة. كان الكيزان/ المؤتمر الوطني (كرتي وجماعته) يعتقدون أن أحد الطرفين سينتهي من الأخر خلال ساعات أو بالكثير أيام ، وأن اللقاء في (المباراة النهائية) سيكون بين المنتصر من الجيش أو الدعم السريع (كطرف أول) ومنسوبي المؤتمر الوطني داخل الجيش/ الدعم السريع والمدنيين (كطرف ثان). وكما قال لي أحد منسوبيهم منذ الأسبوع الأول للحرب بأنها ، كان من المتوقع ، ولا زال متوقعا ، أن تتوقف الحرب بعد التوقيع بين (الدعم السريع والكيزان) بقيادة المايسترو صلاح قوش من علي البعد. لكن الأن (السيناريوهات تغيرت) بشكل جعل هذه الحرب تنتشر في أغلبية الولايات ، وانفرط عقد الدعم السريع وفقد أغلبية قياداته ، وأغلبية أفراده أصبحوا من (الغنامة) القادمين من عرب الشتات ولا يستطع قادة الدعم السريع التحكم فيهم. انتشرت مجموعات خرجت من السجون وأخري من هوامش المدن والقري والكنابي والشماسة والمرتزقة واستغلوا الفوضي داخل الطرفين العسكريين والخونة وبدأوا في قتل وترويع ونهب المواطنين في كل دارفور والجزيرة ومناطق شاسعة من سنار!!! باهاف شخصية وعرقية واقليمية ودولية تدار بأصابع نحاول أن نقنع أنفسنا بأنها (خفية) ، علما بأن حتي الأطفال يستطيعون تسميتها وتحديدها بدولها وأفرادها سنقون بتسميتها عند تناولنا للأطراف الخارجية التي بالفعل تدير هذه الحرب لاخلاء السودان وتغيير تركيبته السكانية واحلال شعوب أخري (من بينها) عرب الشتات ، والغالبية من دول استعمارية ذات سطوة مالية ضخمة تستطيع أن تستغل ثروات وموارد السودان بطريقة فشلنا نحن السكان الحاليين من استغلالها!!! من منكم لا يعرف ذلك؟ وان كنتم تعرفون ، ماذا فعلتم لمنعه؟ ألم تشعروا ببداية هذه المؤامرة من قبل انفصال الجنوب؟ الم تشعروا بذلك بعد الهجرات الضحمة للمواطنين من ولايات بعينها بعد 1988م الي الخرطوم ومدني وسنار وكوستي والأبيض؟ كان معدل الهجرة الي الخرطوم يوميا حوالي 100 اسرة. السكن العشوائي بالسلمة وعد حسين والأزهري والعزبة وأمبدات والمربعات وسوبا والجريف..الخ ، واغلبيتهم من ذات مناطق قبائل الدعم السريع ، لم يلفت نظركم!! كان بعض الزملاء واغلبهم من أبناء دارفور بالعمل في رحلة الي الولاية قبل عدة سنوات بغرض التدريب للكوادر والدعاية للمنتجات الخاصة بالشركة ، وفي المساء ذهبوا للعشاء بأحد المطاعم المفتوحة وكالعادة تناولوا العديد من المواضيع انتظارا لقدوم (الشية) ، وكان يجلس بجوارهم أحد عجائز المنطقة فسألهم من أين أنتم يا أولادي؟ فقالوا له من الخرطوم. فما كان منه الا وان قال لهم أنصحكم يا ابنائي بأن تعملوا لكم بيوت تانية بره الخرطوم!!!! . اعتبارا من ثورة الشباب 2013م أصبح القتل بواسطة الأجهزة الأمنية واجب وضرورة وأمر عادي ، كما أخبرني أحد لواءات جهاز الأمن أثناء تلك الثورة بأنهم صدرت اليهم أوامر بأن يطلقوا الرصاص قتلا علي شخصيات/ أفراد محددة من قادة المظاهرات الشبابية ، ومراحل سنية محددة (أقل من 23 سنة) ، حتي يقوم الأهل بمنع ابنائهم من المشاركة في التظاهرات. عليه أصبح الجميع في حالة هلع مرتبطة بتقبل ظاهرة القتل والموت دون البحث عن من قام به ولماذا كأمر واقع. ظهر فيما بعد ظاهرة ( 9 طويلة) لاثبات أن الأمر في المدن والبلاد بصفة عامة أصبح فوضويا (الفوضي الخلاقة) ، ولابد من تشديد قبضة الأجهزة الأمنية (نظرية الصدمة). هنالك من يقول أنهم مجموعات تابعة للأجهزة الأمنية دربوها علي هذا النوع حتي تبرر للأجهزة استخدام العنف. جهات أخري تتهم الدعم السريع بأنه كونها حتي تعم الفوضى ويقوم الدعم بفرض وصايته وسيطرته علي المدن التي فشلت الشرطة في حمايتها لضعف وفقر امكانياتها (بفعل فاعل). وطرف ثالث يقول أنهم من تأسيس جماعة الكيزان ، خاصة بعد ثورة ديسمبر حتي نقول (حليل الكيزان)!!! . كما يجب أن لا ننسي لماذا انتشرت (المخدرات) بكل أنواعها (أيس وكبتاجون …الخ) داخل البلاد؟ ومن يستجلبها؟ ولماذا يعلن بين حين وأخر القبض علي حاوية مخدرات بواسطة الشرطة أو الجمارك؟ وأين تذهب البقية التي لم تضبط؟ واين ذهبت؟ وقيمتها ملايين الدولارات؟ واضح أنها تأتي لتمويل الجهات المستوردة من أحزاب أو حركات كفاح مسلح أو دعم سريع أوعصابات أو جهات مسنودة من الحزب الحاكم أو الأجهزة الأمنية .. الخ. نقطة أخيرة تجاهلتموها جميعا بعد الثورة وهي انتشار (الدراجات النارية) بالمدن ، وأصحابها جميعا أو غالبيتهم من نفس الجهات التي تعمل مع الدعم السريع الأن ، وبكل دراجة شخصين ، ويقومون منذ الفجر وينطلقون بسرعات فوضوية (سواقة الخلاء) بطرقات المدن في حالة استعجال شديد مما يدل علي أهمية الأمر (أكل عيش وتمويل) ، وكل منهم يحمل حقيبة ظهر!!! يا تري ماذا يوجد بداخلها؟ هل لاحظتم في تقاطعات الطرق بالعاصمة؟ كانت تكتظ بالمتسولين من ذات العرقية (غير السودانية) وأغلبهم أسر من نساء من أعمار مختلفة وأطفال ورجال كبار السن ويرتدون ملابس كأنها صرفت لهم من جهة محددة. هؤلاء هم (السكان الجدد للعاصمة) بعد هروب أهلها بالعمارات بدلا من أن تسكنها (الكدايس) ، ويعملون في ذات الوقت كمراقبين ومخبرين وكمرشدين للدعامة عند دخولهم للأحياء عن السكان وووظائفهم ووثرواتهم وتحركاتهم …الخ. كما لا ننسي انتشار ظاهرة (ستات الشاي) تحت كل شجرة بالنهار ، وبكل الشوارع ليلا ، اضافة الي (بائعي السجائر والمعسل والرصيد). كل هؤلاء تم تجهيزهم علي الأقل قبل عامين من الحرب ، كجزء من تفاصيل السيناريوهات الموضوعة بواسطة مستشاري الدعم السريع والمخابرات الأجنبية. يا سادة ، من أعدوا للحرب هذه درسوا تفاصيل وسيناريوهات من واقعنا كشعب سوداني (سبهللي وعشوائي) لأنهم ببساطة يعرفون طريقة حياتنا المكشوفة والعشوائية ، وطريقة تفكيرنا وسلوكياتنا … الخ. عليكم الربطوا بين كل هذه الأشياء وحللوها وناقشوها في ما بينكم ستجدون أن كل شيئ كان واضحا ، لكننا كنا في سبات عميق (بفعل فاعل) ، اضافة الي عشوائيتنا وانعدام وطنيتنا وانعدام أو غياب العمل والفكر الجماعي داخل المؤسسات والأحياء والمدن ، وكل واحد منا عامل نفسه (أبوعرام)!!! اللهم نسالك اللطف بنا وبوطننا (أمين) . [email protected]