قرأت كما قرأتم برقية العزاء التي بعثت بها السيدة "مريم الصادق المهدي" إلى الحكومة الإيرانية، في وفاة الرئيس الإيراني "ابراهيم رئيسي" التي حدثت بعد سقوط مروحية كان يستقلها رفقة وزير خارجيته الذي توفي معه في الحادثة أمس الأول. لم يساورني شكّ منذ أن اطلعت على أول سطر في رسالتها، أن من كتبها هي مريم لا غيرها، فاللغة غير المحسوبة هي لغتها، والمفردات المنفلتة بلا عقال هي مفرداتها، والطيش طيشها والنزق نزقها والطفولية البادية هي سمة من سمات تفكيرها، وأن المرء ليحزن والله؛ أن يكون كل هذا السقوط والتسفل، وكل هذا التفكير الأجوف والضحالة مصدرها أحد أفراد عائلة وطنية عريقة، مهما اختلف البعض معهم سياسياً إلا أنّ جميعهم عرفوا بعفة القول وعلو الحساسية، وأولهم المرحوم والدها، بالطبع عدا (مبارك)، والشييء بالشيء يُذكر والسيئة مع السيئ تذكر! لا أتحدث هنا عن ظروف وتوقيت التعزية في ظل دعم إيران العلني للإسلاميين الانقلابيين، وتورطها في الحرب ببلادنا وتدميرها، وقتل الآلاف من شعبنا بأسلحتها ومسيراتها، ولكني أتحدث أيضاً عن لغة الرسالة وعباراتها الدافئة وتعزيتها المخصصة -بالإسم- والموجهة لأئمة الإرهاب في العالم مثل "آية الله خامئني" و"محمد مخبر"، بل والتغزُّل في انتخابات إيران و نظامها السياسي والدستوري، – (يا للهول)- لقد اكتشفنا أخيراً؛ أننا لسنا أمام امرأة جوفاء وبلهاء فحسب، بل خائنة أيضاً، تخون وطنها ونفسها وجنسها، فأي نظام في كل هذا العالم يحتقر المرأة وينتقص من حقوقها الدستورية أكثر من النظام الإيراني؟! مشكلة هذه البلبوسة الخرقاء أنها لئيمة نهمة، تذهب مع الذهب وتميل مع المال، ولكنّها في ذات الوقت تريد أن تصلي على سجادة (علي) وتأكل على سماط (معاوية)، فهي تتودد إيران وفي ذات الوقت لا تتحرج من كون مسكنها وملبسها ومشربها من أموال دول تحتل إيران أراضيها، ومعلمها في درب الوصولية والانتهازية هو شقيقها الفاسد "عبدالرحمن"، الذي ظل وعلى الدوام يعيش تحت ظلال الاستبداد، يبدل مستبد بآخر أسوأ منه، وفاسد بفاسد وكوز بكوز، وبشير ببرهان، وإنا لله من هذا العار والخزي! كانت خاتمة رسالتها محتشدة بكل أنواع الكوميديا، فبعد أن وصفت نفسها في مستهل الرسالة بنائبة رئيس حزب الأمة، ولأن المعلوم بداهة أنّ الصفة التي تبدأ بها الرسالة هي التي تختمها بها، إلا أنها اختتمتها ب "مريم المنصورة"، وزيرة خارجية السودان السابقة، وهو المنصب الذي لا يزال يأكل معها في نفس الطبق، وكأنه لم تكفينا أهوال هذه الحرب ومآسيها لتأتي هذه النزقة فتذكرنا بأسوأ فعل لحكومة الثورة، وتحديداً لحاضنتها، عندما وضعتها على رأس منصب هو عنوان للثورة وعنفوانها وكرامة ثوارها، فإذا بها تُمثّل بالثورة وتمرغ كرامتها على الأرض، بل كرامة الوطن برمته، وإذا بنا أمام معتوهة تتحدث خارج النص، تتأتئ وتتعثر حتى في نطق البسملة والحوقلة، وخائنة (من يومها) تطلب من الطامعين الاسراع في (استعمار) بلادنا!. رحم الله الإمام الحقاني (الصادق المهدي)، كان فقده عظيماً على بلادنا، وعلى حزبه أيضاً الذي انكشف ظهره بعد رحيله، كما انكشف حال (بعض) أبناءه وبناته، ومنهن هذه "المنصورة"، التي كان حرياً بها أنّ تُسمّي نفسها (المطمورة) فرط الجشع والنهم وحب الأموال وتخزينها، وأنصحها هنا أن تراعي سمعة وميراث والدها الذي كان لا يأكل الفريسة السهلة دعك أن يأكل (فطيسة) حرب الكيزان والبرهان! وإذا كانت لا تستطيع كبح جماح نفسها الأمارة بالسوء والخيانة والفساد، فلتستتِر مراعاة لتاريخ حزبها وفكرته وعقيدته، حفاظاً عليه من الاندثار، والذي لم يتبق منه أمام الناس بعد وفاة الإمام الحقاني سوى تفاهة وكذب مبارك وخِسّة وفساد عبد الرحمن .. فماذا تبقى في ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة عن (المهدية) سوى القصة غير اللطيفة للمسكين "يونس الدكيم" مع ملكة بريطانيا، المتداولة يومياً وسط الشباب بموقع (فيسبوك) على سبيل التندر والدعابة، مع إنها فقدت كل صفات وشروط الطرفة والفكاهة وفقاً لمعايير هذا العصر ومنجزاته الحضارية، بل صارت بحكم هذه المعايير قصة مشينة ومخزية لا تصلح إلا للتداول في النطاقات المظلمة والضيقة، تماماً كقصص خيانة (المطمورة) الوطنية وفسادها المالي، الذي يرهق القلوب ويزكم النفوس، والتي لا تصلح للكتابة تصريحا حفاظاً على الصف الوطني – الذي أتمنى خروجها منه والانضمام رسمياً إلى شقيقها الفاسد وكيزانه وزمرته، ساؤوا سبيلا – وأيضاً حفاظاً على نظافة مدينتنا، التي أصبحت خراباً على أرض الواقع بسبب فسادها وخيانتها وشقيقها وبرهانها وكيزانهم.