وكيف لحاجبيّ أن ينعقدا من الدهشة؛ وعلى مدى نظري ونطاق سمعي، يحوم أكبر (بلبوسين) في تاريخ الصحافة السودانية، أحدهما كوز صريح، والآخر متكوزن انتهازي محترف، لذلك كان لقاء تبادل الأدوار (البودكاستي) بينهما، لعبة إعلامية بائخة وسخيفة ومكشوفة، ولا تأثير لها، لأن مواقف الرجلين المهنية والسياسية معروفة منذ النظام البائد اللذان أثريا في ظله. وكما يعلم الجميع فإن ضياء الدين بلال تم إعداده وصناعته في أقبية أجهزة أمن الكيزان الرسمية والخاصة، وهي ذات الجهات التي صنعت (على عجل) الصحافي الرياضي مزمل أبو القاسم؛ فتحوّل بقدرة قادر إلى كاتب سياسي يفتقر إلى الحد الأدنى من القدرات التحليلية، ويتعامل مع السياسة بعقلية التهريج التي اتسمت بها الصحافة الرياضية السودانية. في هذا البودكاست الذي نحن بصدده – سلخ الإنتهازيان – ساعات ثمينة من وقت المشاهدين في بث الأكاذيب والتحليلات السطحية ونشر الغباء والتسويق له، ليقولا للمشاهد أن الدعم السريع وخلفه (قحت)، من أشعلا الحرب وأطلقا طلقتها الأولى – يا للسخف! يا لهما من مثيران للشفقة والتعاطف، وهما لا يريان في مشهد الحرب الدائرة الآن، إلاّ (قوى الحرية والتعيير)، فهي بنظرهما وحدهما قوة عسكرية لا سياسية، ما هذه البلاهة التي تخطيا بها أراذل (اللايفاتية)، وأسافل الصحافيين، فلم يعد هناك فرق بينهما وبين (عائشة الماجدي ورشان أوشي)، وهما كذلك لولا اختلافات بيولوجية صغيرة، فما دخل (قحت) في صراع بين من أخرجوها وانقلبوا عليها في 25 أكتوبر، 2021، ثم جلب أحدهما (البرهان) الكيزان وأعادهم إلى السلطة مُجدداً؛ الأمر الذي أقلق الثاني (حميدتي) فعاد معتذراً، ومن هنا دبت الخلافات بين الرجلين، فوصلت حافة الهاوية عدة مرات، أما الاتفاق الإطاري فقد كان محض (قميص عثمان) الذي لبسه الكيزان لاحقاً ليبرروا به إطلاقهم الطلقة الأولى وإشعالهم الحرب، وها هما صحفيا الانقلاب يلبسانه في حوارهما الغبيّ. هذا الكوزان البلبوسان وبالذات ضخم الجثة قليل العقل جديب الخيال، الذي ليس له نصيب من ضياء اسمه – وهو ربما يكون الصحفي الوحيد في هذا العالم الذي درس الصحافة بكلية القرآن الكريم – لم ير في مشهد ما قبل الحرب سوى ما سماها الاستعدادات العسكرية الضخمة لقوات الدعم السريع، فيما أصابه (الحوّل) فلم ير تهديدات أنس عمر والناجي عبد الله وتغريدة (عمار السجاد) قبل أيام من الحرب، و أحاديث وتهديدات؛ (مافي أرجل من الإسلاميين في السودان)، وما (تقول لي فريق ولا فريق أول/ اي زول يلبس على قُدر جلابيته)، لكن ضياء الذي لم يضيئ الله بصيرته، بينما سحبت منه كوزنته (موية بصره وعمت عليه عيونه)، لم يشاهد إفطارات رمضان والحفلات الخطابية التي ظهر خلالها فلول النظام البائد، يهددون الجميع، ولم ير البرهان وكباشي وياسر العطا، وهم يقلبون ظهر المجن لحليفهم (الدعم السريع)، فيطلقون التهديد والوعيد من مناسبة اجتماعية إلى أخرى، لم يتركوا فرح أو كره أو عقيقة أو ختان إلا ونصبوا منبراً يعلنون فيه خلاله جاهزيتهم لشن الحرب – حتى الكباشي استرجل وقتها- ذلك كله حدث قبل انطلاق قوات الدعم السريع إلى مروي حيث كانت تقبع (طائرات أجنبية) بشر بها أحد كبار البلابسة العنصريين في صفحته على فيسبوك وقال إنها ستحول أجساد جنود الدعم السريع إلى (كباب)، أي والله، هكذا بصريح العبارة. لم يستمع البلبوسان إلى شهادة جقود مكوار – نائب رئيس الحركة الشعبية – جناح الحلو، ولم يريا استعدادات كتيبة البراء الإرهابية قبل الحرب ودخولها الحرب في أتم الجاهزية في ساعتها الأولى صباحاً، لم يريا ذلك ولم يسمعا بتصريحات جقود أبداً، رغم أنه أدلى بها قبل الحرب وقبل مروي وقبل أي شئ، بشهور، كما لم يرويا لنا قصصاً معلنة يعرفها جميع السودانيين وهي تحشيد الكتائب والمليشيات الكيزانية، لكن الكوز وتابعة الذليل وحدهما لم يسمعا ولم يشاهدا ذلك. يا سبحان الله، ما هذه السذاجة و(عدم الاختشاء)؟، ما هذا العهر التحليلي الذي يتجاوز دور الكيزان المحوري في إشعال الحرب وإدارتها، ودور قيادة الجيش التي حاولت التلاعب على التناقضات بين الكيزان والدعم السريع ليستفرد البرهان بالسلطة ويتخلص من (حمديتي) والكيزان والقوى المدنية ممثلة في (قحت) بضربة واحدة، ثم يتفرغ (للقزقزة بالموز) – وتقشيرة وأكله على مهل – وفيم العجلة مع جبريل ومناوي وبقية الأراذل؟! إنّ مزملاً المُتدثر بلغة بلال الجوفاء، كان كعادته محض (شيّال) يغني خلف مطربه المفضل، يردد كلماته ويجتر مفرداته كحوار ذليل لشيخ دجّال، لا يرى إلا بعين شيخه، وهي في حالة الأول مصابة بالحول المانع من ظهور الكيزان في (بؤبئها)، وإحلال (قحت) مكانهم، وكلاهما قد شارك في الانقلاب، وكلاهما قد شارك في الاعداد للحرب قبل حدوثها، ما أكذبهما من كوزان بلبوسان مضحكان ومثيران للقرف والغثيان.