التجربة الدانماركية محاولة سينمائية مصرية قوية لتعرية اعتمادنا على التجربة الغربية في كل شيء حيث مثل فيهاعادل إمام دور وزير للشباب والرياضة أو شيءمن هذا القبيل وتكفلت مصادفة من النوع الهندي في وقوعه بين براثن أولاده وبراثن الدنماركية التي أدت دورها ببراعة اللبنانية الشقراء نيكول سابا ... ونيكول لمن لا يعرفون ممثلة ومطربة لبنانية ولدت قبل سنتين فقط من توقيع اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وشاركت مؤخراً في التجربة السينمائية المصرية المثيرة للجدل (ليلة البيبي دول) و هو فيلم سياسي مصري يضم عدداً كبيراً من النجوم منهم نور الشريف ومحمود عبد العزيز ويتحدث الفلم عن مرشد سياحي يعاني من مشاكل في حياته الزوجية، فيسافر للبحث عن العلاج، ليعود مع فوج أمريكي، محضرا معه بيبي دول لزوجته ولكن يتعرض الفوج الأمريكي لخطر إرهابي فيحرم المرشد السياحي من الليلة التي يحلم بها ويعتبر الفيلم من أكثر الإفلام المصرية تكلفة حيث تخطت ميزانية الفيلم الأربعين مليون جنيه، وقد تم عرضه في مهرجان كان 2008 . والقاسم المشترك بين (التجربة الدانماركية) و(ليلة البيبي دول) هو – فقط - نيكول سابا وتقاطع فانتازيا السياسة بحياة الناس الخاصة بشكل يثير الضحك والبكاء بذات الوقت. (2) المدهش فيما يتعلق بالتجربة الدانماركية أن نيكول سابا كانت مجرد فنانة مجهولة ضمن فريق غنائي في بلدها لبنان وفي احدى المقابلات التلفزيونية أعربت عن حلمها بأن تمثل بالسينما المصرية وأن تقف أمام الزعيم عادل إمام وبالصدفة شاهد عادل امام اللقاء وطلبها للعمل بفيلمه الجديد الذي كان يتطلب فتاة شقراء.. فمن هو المسؤول عن تغيير مسار حياة سابا ؟ شعرها الأشقر ؟ أم أمنيتها الجريئة وتصريحها بها ؟ أم مصادفة احتياج لزعيم لفتاة شقراء في الوقت الذي قالت فيه هي ذلك ؟ التجربة النيكولية نفسها عبارة عن مفارقة تستحق أن (يشتغلها الناس ) في فيلم سينمائي ، موش ؟ (3) لكن التجارب سيداتي آنساتي سادتي لا تسير في اتجاه واحد ، بمعنى أننا يمكن أن نصدر تجارب جديدة لنج للأمريكان والانجليز والطليان ومن ذلك تغيير الحكومة لشعبها بدلا من العكس فالشيء الطبيعي أن الشعب هو الذي يغير الحكومة إما بانتخابات نزيهة أو غير نزيهة وإما بانتفاضة الخ فإذا عجز الشعب عن ذلك ربما استشعبت الحكومة وقررت تغيير شعبها ، بمعنى استبداله بشعب آخر والفكرة أول ما وردت وردت عند ناس حلمنتيش ، وناس حلمنتيش لمن لا يعرفون هم فئة استمرأت نظم الشعر الكوميدي في الجامعات وتناسلت منهم الجماعات المختلفة الجو الرطب والهيلاهوب وغيرهما والفكرة التي نتحدث عنها هنا وردت في القصيدة المشهورة أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات في المعاهد والجامعات والتي تحتوي على اقتراح لمعالجة اشكالاتنا المزمنة وذلك بإرسال (بعض السوادنيين) إلى ألمانيا واحضار ألمان إلى السودان .. والنتيجة (يا السودانيين بقوا المان ... يا الألمان بقو سودومان ) (4) الاقتراح الحلمنتيشي كان يستهدف بعض سلوكياتنا غير المتحضرة إلا أنه لا ضمانات من أن لا تكون بعض الجهات قد استفادت منه بشكل أو بآخر لتحقيق مآرب أخرى تتعدى التحضر والتمدين إلى ما كان يسمى بالتمكين بدليل وجود السوادنيين الآن في كل (أحياء) العالم المتحضر وغير المتحضر ووجود (مواطنين) معظمهم غير متحضرين بالملايين من مختلف القارات والسحنات في شوارع الحاج يوسف والكلاكلة و (كل شبر من بلادنا الفتية) للدرجة التي صرنا نخشى فعلا من مصير الهنود الحمر بأمريكا. (5) السودان له نكهته التي تخصه ولأننا نخشى على فلذات أكبادنا الذين يولدون كل لحظة في أصقاع الدنيا المختلفة أكثر من خشيتنا من أن نواجه نحن هنا (مصير الهنود الحمر) فإننا نبارك لنيكول سابا تجربتها مع الشهرة والعالمية التي أوصلتها لها جرأتها وشقرتها وندندن بذات القدر مع مبدعتنا الراحلة عائشة الفلاتية (يجو عايدين )! فالسوداني لا يصلح لغير السودان والسودان لا يصلح لغير السودانيين. فتحي البحيري الاهرام اليوم