كنت – دائماً – أقرن عدد عظام جمجمتي بعدد أعضاء الدول في جامعة الدول العربية، ولا أعرف هل ذلك من أجل أن أتذكر عدد الدول العربية، أم من أجل أن أتذكر عدد عظام جمجمتي، فعدد كل منها (22) منذ أن عرفت الحياة، أما اليوم فقد يختلف الأمر.. أعني ستظل أعداد عظام جمجمتي كما هي، بينما لا أعرف هل سيظل عدد أعضاء دول الجامعة العربية (22) أم سيزداد بعد أن تقسم السودان إلى سودان شمالي وسودان جنوبي؟! السودان الجنوبي اصبح الدولة رقم 193 في هيئة الأممالمتحدة، ومن غير المعروف – حتى الآن – هل سيكون ضمن جامعة الدول العربية أم إلى تجمّعات أخرى، وفي كل الأحوال ستبقى ذاكرتي تنتظر.. وتنتظر إلى أن تتم عملية فك الارتباط بين العدد 22 وبين عظام جمجمتي وعدد أعضاء الدول العربية إذا ما قرّر السودان الجنوبي ذلك؟! يبدو لي أن انقسام السودان إلى شمالي وجنوبي أشبه بعمليات الاستنساخ (Cloning) التي قام بها البروفيسور (ايان ويلموت) مع فريق من الباحثين في اسكتلندا، ثم أنتجت للعالم النعجة المشهورة (دولي) عام 1996م، تلك النعجة التي نفقت بعد سبع سنوات من استنساخها بعد أن أظهرت الفحوصات الطبية أنها مصابة بمرض رئوي، ووجه الشبه يكمن في أن الاستنساخ لم يتم إلا بعد العديد من التجارب والمحاولات، وكذلك هو الحال في عملية تقسيم السودان، لم يتم إلا بعد عدة جولات ومشاورات واستفتاءات، والاستنساخ صنعه الاسكتلنديون، والانقسام صنعه السودانيون، وكلّ إنسان يصنع شيئاً بنفسه يعتبره أرفع قيمة من شيء صنعه سواه، ومن المعروف أن كلّ ما يصنعه الإنسان لنفسه بنفسه يحقق له هويته ووجوده، والفارق الوحيد هو أن استنساخ النعجة (دولي) دام سبع سنين، بينما غير معروف كم سيبقى الانقسام السوداني، فهل سيتجاوز سبع سنين أم سيتجاوز عدد عظام الجمجمة!! أما المفارقة العجيبة في الأمر فهي أن معظم الدول الغربية المؤثرة باركت عمليات (الاستنساخ) التي قام بها الاسكتلنديون، كما باركت عمليات (الانقسام) التي قام بها السودانيون، والعجيب في هذه المفارقات هو أن دولة الاستنساخ ذاتها (اسكتلندا) التي تقع في شمال بريطانيا، وتتكوّن من أكثر من (790) جزيرة، كانت مملكة مستقلة أي (منقسمة) ومنفصلة عن بريطانيا حتى وحّدها قانون الوحدة (Law of Unity) مع بريطانيا عام 1707م لتصبح بريطانيا العظمى.. وقد بارك الغرب هذه الوحدة، وهو يبارك اليوم (الانقسام) السوداني.. أليس في ذلك تناقض؟!! ربما يظن القارئ الكريم أن خيالي قد شطح شطحات لا تبرير لها.. ولكن أعذره في ذلك؛ لأن كلماتي تتسع لأكثر من معنى بين السطور، ثم إني مثل غيري لم أتوقع أن يصل عدد الدول العربية إلى أكثر من عدد عظام الجمجمة.. وهذا ما سوف تكشفه لنا الأيام بكل تأكيد!! [email protected] اليوم