انتهى نظام العقيد معمر القذافي الديكتاتوري نهاية بشعة، فقد قتل رأس النظام، وجرى سحله في الشوارع والاعتداء جنسياً على جثمانه، كما قتل ثلاثة من ابنائه (خميس وسيف العرب والمعتصم) وفر ثلاثة منهم، اثنان الى الجزائر (محمد وهانيبعل) ومعهما امهم وأختهم، اما الثالث (الساعدي) فالى النيجر، والوحيد الذي جرى القبض عليه حالياً هو سيف الاسلام الذي كان يهيئ نفسه لوراثة الحكم من والده. سيف الاسلام قد يشكل الصداع الاكبر للنظام الليبي الجديد، فالجهات التي القت القبض عليه (كتائب الزنتان) رفضت تسليمه الى المجلس الوطني الانتقالي، مثلما رفضت تسليمه الى محكمة جرائم الحرب الدولية، وأصرت على الاحتفاظ به رهينة، وربما كورقة مساومة، خاصة بعد ان نجحت في الحصول على وزارة الدفاع في الحكومة الجديدة. واذا جرى حل مسألة الجهة التي ستتولى استلام وسجن نجل العقيد القذافي، اي تسليمه الى المجلس الانتقالي لتجنيبه حرجاً كبيراً، فان محاكمته ستكون الحرج الأكبر في اي مكان انعقدت، سواء داخل ليبيا أو خارجها. المستر اوكامبو المدعي العام في محكمة جرائم الحرب الدولية الذي زار طرابلس قبل يومين، قال ان المكان الأمثل لمحاكمة سيف الاسلام القذافي هو مدينة لاهاي، حيث مقر المحكمة، ولكن وزير العدل في الحكومة الليبية الجديدة قال ان المحاكمة يجب ان تتم امام القضاء الليبي، وداخل ليبيا نفسها. اوكامبو محق في اقواله، لانه لا يوجد حتى الآن نظام قضائي ليبي مستقل تتوفر فيه شروط العدالة، او حدها الادنى، وقد كشف بان كي مون امين عام الاممالمتحدة عن تقرير قال انه سيقدمه الى مجلس الامن الدولي حول انتهاكات حقوق الانسان في ليبيا ما بعد القذافي، تضمن اعمال قتل وتعذيب واكثر من سبعة آلاف معتقل في سجون مزرية لا يتوفر فيها الحد الادنى من المعاملة الانسانية للمعتقلين. المجلس الانتقالي الليبي لا يريد تسليم سيف الاسلام الى المحكمة الدولية لان الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، وربما دول عربية اخرى لا تحبذ ذلك، تماما مثلما فعلت مع الرئيس العراقي صدام حسين عندما اصرت على محاكمة داخلية له انتهت باعدامه والكثير من المسؤولين السابقين في حكمه. سيف الاسلام يعرف الكثير من الاسرار حول نفاق الغرب وازدواجيته، وتورطه في التعذيب وتسليم المعارضين الابرياء الى نظام والده مقابل صفقات نفط واعمال تجارية، ولهذا يجب ان يعدم وبسرعة ومعه كل اسراره. اوكامبو سيوافق في نهاية المطاف على محاكمة سيف الاسلام امام محكمة ليبية، وربما يسحب كل اقواله حول عدم شفافية وجاهزية القضاء الليبي، والشيء نفسه سينطبق حتما على الادارة الامريكية زعيمة العالم الحر وراعية الحريات وحقوق الانسان والعدالة في العالم. سيف الاسلام وريث نظام ارتكب مجازر دموية في حق الليبيين، ويستحق القصاص، ولكنه يستحق في الوقت نفسه محاكمة عادلة مثل مجرمي الحرب الآخرين.