بوجوتا - تاتيانا رودريجث - امرأة مليئة بالمزايا والنعم وشاكرة لما حباها الله ذلك، هذا هو تعريف معنى اسم شاكيرا مغنية البوب الكولومبية الرائعة ذات الأصول اللبنانية صاحبة العيون الواسعة والشعر الأشقر والتي تبلغ من العمر 34 عاما، الفنانة التي شاركت كل من بونو واليخاندروسانث وجوستافو سيرافي وبيونسي ومايك جاجر على خشبة المسرح هي نفسها التي تعمل في مجال العمل الاجتماعي والإنساني منذ 15عام بذلت خلالها جهودا رائعة لإضفاء طابع ديموقراطي عادل على تعليم الأطفال والشباب في العالم. ويبدو أن شاكيرا التي ولدت في مدينة بارانكييا شمال كولومبيا على البحر الكاريبي، وهي نفس المدينة التي نشأ بها أديب نوبل الشهير جابرييل جارسيا ماركيز، لم يكتب لها أن تكون ناجحة على الصعيد الفني فقط حيث تجاوزت مبيعات ألبوماتها أكثر من 70 مليون البوما في جميع أنحاء العالم كما حصلت أغنيتها " أنا هنا "، على لقب أغنية القرن ال21، وحصلت 7 مرات على جوائز جرامي اللاتينية من 13 ترشيحا سنويا متتاليا، وإنما امتد نجاحها بوصفها احد عوامل التغيير في مجتمع يتسم بانعدام المساواة والعنف والتخلف. منحها باراك اوباما رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية في الخامس من تشرين أول /أكتوبر الماضي لقب عضو اللجنة الاستشارية للاتينيين المتميزين على مستوى التعليم في أمريكا وذلك لالتزامها وتعهدها بالعناية بهذا الأمر بهدف الوصول إلى ديموقراطية تعليمية تعمل على زيادة سرعة عجلة التطور والتنمية. ولم تكن دعوة اوباما قائمة على خلفيات فنية موسيقية وإنما عن تقارير إخبارية عن مساندات شاكيرا ودعمها المستمر للأطفال اللاتينيين المتسربين من التعليم. بدأ الأمر مع مؤسسة "أقدام حافية" وهو الاسم نفسه الذي أطلقته على ألبومها الثاني الصادر عام 1997 وعرفه العالم كله بهذا الاسم وقد وقع اختيار شاكيرا على هذا العنوان بعدما أدركت مدى الفقر والجوع الذي يعاني منه الأطفال في مسقط رأسها، كولومبيا البلد الذي مزقته النزاعات المسلحة بين عصابات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، والتنظيمات شبه العسكرية وجماعات المتمردين مثل الفارك. ومنذ ذلك الحين قررت شاكيرا أن تخصص جزءا من أرباحها للمشاريع الخيرية التي تعنى بالتغذية والتعليم في بلادها . تم اختيار شاكيرا سفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونسيف) عام 2003 لتعزيز وتحسين الرعاية والتعليم للأطفال في جميع أنحاء العالم. ومن هنا امتد نشاط الفنانة الكولومبية إلى هاييتي بعد زلزال عام 2010 المدمر حيث قدمت المساعدة للأطفال عن طريق إعادة بناء المدارس اعتمادا على بنك التنمية التابع لمنظمة الأممالأمريكية (OEA). كما قامت بإنشاء 20 مشروعا تعليميا في جنوب أفريفيا وقامت بتأسيس ست مدارس في كولومبيا خلال السنوات السبع الماضية، وقد تم إنشاء وتجهيز هذه المدارس على أعلى المستويات حيث تم توفير الغذاء للطلاب في هذه المدارس التي اعتمدت على طرق التدريس الحديثة وتعليم اللغات الأجنبية كما توفرت بها الملاعب الرياضية والحدائق والمشاريع الإنتاجية لخدمة 30.000 شخص. وكفنانة، ترى شاكيرا أنها تتمتع بالقدرة على نشر الوعي بشأن التحديات العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان وحفز العمل لمواجهتها، قائلة "أعتقد أنه يتعين عليّ أن استخدم الموارد التي أتاحتها لي مسيرتي الفنية لأتحدث إلى الناس عن المشاكل الحقيقية في العالم الواقعي، وأعلم أنه يجب عليّ أن أساهم في البحث عن حلول حقيقية. إني واثقة من أن كوكبنا سيصبح مكاناً أفضل إذا تحمّل كل واحد منا المسؤولية التي يتعين عليه الاضطلاع بها عن احتياجات الآخرين". يذكر أن الفنانة وفرقتها من الموسيقيين يقوموا بإنفاق مليون دولار لتغطية نفقات إنشاء أي مشروع تعليمي كما خصصت 40 % من أرباحها لدعم المشاريع التابعة للمؤسسات التعليمية. وترى المغنية ذات الأصول اللبنانية أن دعم القطاع الخاص للمشاريع التنموية أمر بالغ الأهمية من أجل تحقيق التقدم والتطور وقليل من الناس من يرفضون هذا الدعم، ولكنها تحظى بقائمة طويلة من الشخصيات النافذة في العالم الذين يبذلون بسخاء من أجل تحقيق أهداف مؤسساتها الخيرية النبيلة، وفي مقدمتهم أثرى أثرياء العالم، عملاق الاتصالات المكسيكي كارلوس سليم حلو، وهو بالمصادفة تجمعه بشاكيرا الجذور اللبنانية المشتركة. وقد أصبحت شاكيرا عضوا مؤسسا في رابطة فناني أمريكا اللاتينية للتضامن مع منظمة (ALAS) أو "الأجنحة" والتي تعمل جنبا إلى جنب مع القادة السياسيين والفنانيين من أجل تعزيز السياسات العامة لخدمة أطفال القارة اللاتينية وترى شاكيرا أن التزاماتها الفنية وتعاقداتها لا تقف عائقا أمام مشاركتها في العمل الاجتماعي، كما حدث في حفلة مهرجان الصخرة في ريو دي جانيرو، الذي جعلت منه منبرا لإطلاق الدعوة لتنظيم برنامج تعاوني من أجل الأطفال بعد أن رقصت رقصتها البارعة التي تتميز بهز الوسط ببراعة فائقة. وقد أيدت السيدة ديلما روسييف رئيسة البرازيل على الفور دعوة شاكيرا كما أيدتها أيضا مؤسسات حقوقية غير حكومية برازيلية أخرى. كما حصلت شاكيرا الشهر الجاري على لقب شخصية العام من الأكاديمية اللاتينية للتسجيلات لتصبح بذلك أصغر الحاصلين على هذا اللقب وذلك لالتزامها بالنشاط الاجتماعي والإنساني محليا وإقليميا حقا أنها سفيرة رائعة لها مذاق كاريبي لذيذ تمتاز برشاقتها ونظرتها الساحرة وصوتها القوي الدافئ وفوق كل تتمتع بقلب من ذهب يفيض بالخير والنعم على كل من حولها.