لوس أنجليس - أندي جولدبرج - أمر طبيعي ان تكون هوليوود مكانا يتسم بالجنون طوال العام، ولكن في موسم العطلات الشتوية تتحول "كعبة السينما في العالم" إلى ما هو أكثر من ذلك حيث تصبح مكانا تسوده حالة من "ازدواج الشخصية" أو الشيزوفرينيا في ظل الأعمال المختلفة والمتنوعة من كل الأشكال والألوان التي تحتل دور العرض خلال تلك الفترة سعيا لنيل رضا الجماهير والنقاد. ولا ترجع أزمة هوية عاصمة السينما العالمية فقط إلى تعدد الأنواع الثقافية والأوجه العديد للاحتفال بعطلات أعياد الميلاد والكريسماس وعيد الحانوكا اليهودي أو عيد الكوانزا لأصحاب الأصول الأفريقية في نفس الوقت، بل أيضا إلى الرغبة في تحقيق أرباح ضخمة في شباك التذاكر بالتوازي مع تقديم أعمال أكثر "إبهارا" مع اقتراب موسم الأوسكار أو عرس السينما الأمريكية السنوي. وأحيانا وبمحض الصدفة تحدث المعجزة ويندمج عنصرا الإيرادات والإبداع والإبهار الفني في فيلم واحد، وهو الأمر الذي من المنتظر أن يحققه فيلم (هوجو) بتقنية الأبعاد الثلاثية للمخرج الشهير مارتين سكورسيزي، والذي حظى بنقد ممتاز من المتابعين وعلى رأسهم مخرج (تايتانك) و(أفاتار) المبدع جيمس كاميرون الذي قال عنه إنه أفضل فيلم يتم إبداعه بخاصة البعد الثلاثي أو (3D)، وما يتبقى الآن هو شباك الإيرادات الذي بدأ في قول كلمته بالفعل مع عرض الفيلم. وتتميز هذه الفترة أيضا بكثرة الأفلام العائلية التي تحمل طابعا خفيفا كوميديا لجذب أكبر فئة ممكنة من الجماهير، حيث تمتلىء دور العرض بأعمال من هذه النوعية في عطلة أسبوع عيد الشكر، والذي يعتبر من أكثر المواسم السينمائية شعبية طوال العام. ومن ضمن الأفلام التي ستعرض خلال هذا الموسم من هذه النوعية "ذا مابيتس"، المستوحى من مسلسل تليفزيوني للعرائس كان يتمتع بشعبية كبيرة في الثمانينات وظل يعرض لمواسم طويله تحت عنوان "مابيت شو" ومن أشهر أبطاله الضفدع كيرمت والخنزيرة بيجي والدب فوزي. كما يعرض أيضا في الوقت الراهن "آرثر والكريسماس"، الذي أنتجته (سوني) وينتمي لفئة الرسوم المتحركة وبابا نويل ويدور حول الصعوبات التي تواجه سانتا كلوز في توصيل الهدايا للأطفال في جميع أنحاء العالم في ليلة الكريسماس، ويتزامن معه على الشاشة الجزء الثاني من سلسلة البطاريق السعيدة "هابي فيت"، ويقوم بالأداء الصوتي له النجم الكوميدي روبين ويليامز وترافقه اللاتينية الحسناء صوفيا فيرجارا. ويعتبر فيلم "حصان الحرب" للمخرج الشهير ستيفن سبيلبرج، من الأعمال التي يتوقع أن تحظى بكلا النجاحين الجماهيري والنقدي، وهو مستوحى من مسريحية عرضت في برودواي ويدور حول سعي طفل بريطاني لانقاذ حصانه أثناء الحرب العالمية الثانية، ويعتبر هذا ثاني فيلم لسبيلبرج خلال هذا الموسم عقب فيلم "مغامرات تان تان :سر الخرتيت"، الذي لاقي استحسانا كبيرا أيضا وينافس بقوة في سباق الأوسكار مع "الأقدام السعيدة" و"هوجو". ولا تجد أسماء أخرى كبيرا مانعا من تقديم أعمال للتسلية البسيطة والخالصة، ومن ضمنهم زوج مادونا السابق، جاي ريتشي الذي يقدم للجمهور الجزء الثاني من سلسلة أفلام المخبر البريطاني الكلاسيكي "شيرلوك هولمز"، في الوقت الذي يخوض خلاله بيكسار بارد بيرد تجربته الأولى مع عالم الأكشن في الجزء الجديد من سلسلة أفلام المهمة المستحيلة بعنوان "بروتوكول الشبح"، التي يعود من خلاله النجم المحبوب توم كروز لأداء شخصية العميل السري إيثان هونت، التي قدمها مع الجزء الأول من السلسلة عام 1996. ومن ناحيته يسعى ديفيد فينشر، صاحب فيلم (الشبكة الاجتماعية) الذي لاقى إشادة كبيرة من قبل النقاد، هذا العام وراء النجاح في شباك التذاكر برؤيته الجديدة لفيلم الإثارة السويدي "الفتاة ذات وشم التنين". ووسط كل هذه الأسماء الكبيرة فإن الصراع هذا العام على جوائز الأوسكار لن يكون سهلا، وحتى الآن فإن أبرز الأفلام المرشحة من قبل المتابعين لتحقيق نتائج جيدة في الأوسكار هو "المنحدرون" للنجم جورج كلوني، الذي يؤدي دور محامي من الطبقة المتوسطة يعاني من أزمة شخصية ومالية، كما تحدث البعض عن وجود فرص لفيلم (الفنان)الصامت والمصور بالأبيض والأسود من إخراج الأخوين وينشتاين للحصول على إحدى جوائز الأوسكار، خاصة بعد فوزه بجائزة أحسن ممثل في مهرجان كان. ومن ضمن الأفلام الأخرى المرشحة لحصد جوائز الأوسكار "أسبوعين مع مارلين" والذي تؤدي خلاله ميشيل ويليامز، بطلة فيلم "جبل بروكباك"، دور أسطورة الإغراء وأيقونة الأنوثة الراحلة مارلين مونرو، ووفقا لموقع (جولدي دربي) السينمائي المتخصص فإن الدراما الإنسانية (المساعدة) هي الأخرى تحظى بدعم كبير للترشح للأوسكار. وستكون حظوظ النجمة ميريل ستريب كبيرة في هذه النسخة من جوائز الأوسكار، حيث تؤدي دور المرأة الحديدية مارجرت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، في الوقت الذي سينافس خلاله فيلم (مرتفع جدا وقريب للغاية) لستيفين دالدري بقوة مع كوكبة النجوم التي يضمها وعلى رأسهم توم هانكس وساندرا بولوك وجيمس جاندولفيني، حيث يتناول العمل آثار الألم النفسي الناتجة عن اعتداءات الحادي عشر من أيلول /سبتمبر. والمتابع يعرف جيدا أن أفلام الكوميديا ليس لها نصيب كبير من جوائز الأوسكار، ولكن فيلم (يانج أدلت) في ظل وجود تشارليز ثيرون والمخرج الكندي جيسون ريتمان، الذي سبق له الفوز بالأوسكار عن (جونو) و(عاليا في الهواء)، ربما يكسر هذه القاعدة. ولن تتوقف تساؤلات مثل تلك التي أطلقها، الخبير السينمائي توم هاوسمان حول إلى من ستذهب ترشيحات وجوائز الأوسكار إلا مع إعلانها، فمهما اختلف السؤال حول ماهية الفيلم من كوميدي إلى ملحمي أم دراما سوداء أم عمل جماعي، فإن غرض من صنعوه في النهاية كان متعة الجماهير أو مجدهم الشخصي. جدير بالذكر أن ترشيحات الأوسكار ستعلن في 24 من الشهر المقبل، ولكن ربما حتى هذه الفترة قد تكون ظهرت مؤشرات جماهيرية ونقدية حول إلى أين ستذهب الجوائز التي ستمنح في الأسبوع الأخير من شباط/ فبراير على مسرح كوداك بلوس أنجليس كما جرت العادة كل عام.