أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بدون) السودان.. الخطر القادم
نشر في الراكوبة يوم 16 - 12 - 2011

(...) هذه الحجة باتت الأقوى لمن يرغب في البقاء مواطنا في السودان
ما الذي جعل المفوض العام للاجئين يهتم شخصيا بالجنوبيين في السودان؟
ما دستورية إسقاط الجنسية عن الجنوبيين؟
الأمين العام لمجلس الوزراء: على دولة الجنوب أن تتحمل مسؤولية مواطنيها
مغمضة العينين، تقفز برجل واحدة وهي تدفع حجراً بقدمها بينما ترفع الأخرى، مرددة مع كل قفزة (أريكا)، وصويحباتها يترقبن الخطوط المرسومة على قارعة الطريق، بعضهن تخشى أن تطأ واحداً منها، فتخرج من اللعبة، وأخريات يتقين خطوة خاطئة لأخذ دورهن، ورغم اختلاف أهوائهن إلا أنهن يرددن عليها بعبارة (عميااا). لم يمض وقت طويل قبل أن ينقطع لعب الفتيات، بعدما نفضت (أنجلينا) الحجر خارج المربعات المرسومة، لتودع صديقاتها وتسرع لتجيب نداء أمها، قالت لها ندى: «سننتظرك لا تتأخري»! صاحت أنجلينا وهي تودعهن «لا أعتقد أنه بإمكاننا إكمال اللعبة بعد الآن، سأسافر إلى بلدنا، ولن نعود مجدداً»، صدمت الفتيات من هذا القرار المفاجئ، فكل ما كن يعرفنه أن صديقتهن أنجلينا ولدت وتربت هنا في الحاج يوسف، لم تكن لها بلدة تذهب إليها في المناسبات والأعياد، صحيح أن والدها كان يحفظ الصلة بين أسرتهم ومسقط رأس عائلتهم، أما أنجلينا، فلم يكن يعرفن لها وطناً خلاف هذه الأرض التي لعبن وتربين فيها.
في الوقت الذي تنشط فيه هذه الأيام عمليات العودة الطوعية لمواطني دولة جنوب السودان بالشمال، أعلنت الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة قمر هباني عن تمديد فترة تسليم الأطفال الجنوبيين غير المصطحبين لحكومة جنوب السودان من الثلاثين من الشهر الحالي إلى الثلاثين من يونيو من العام المقبل، وأوضحت أن المجلس حصر كل الأطفال الجنوبيين ووضعهم في قاعدة معلومات حيث بلغ عددهم أكثر من 900 طفل بجانب متابعتهم اللصيقة بدور الإيواء. وقالت قمر في تصريحات صحفية إن المجلس زار دولة جنوب السودان الأسبوع الماضي بوفد برئاسة الأمين العام للمجلس وعقد اجتماعا مع حكومة الجنوب حيث نوقش وضع الأطفال وجهود المجلس وكيفية تسليمهم إلى الحكومة بصورة رسمية حسب المعايير الدولية، وأكدت سعي المجلس من خلال الشبكة الوطنية للم شمل الأطفال الجنوبيين في الفترة المحددة باعتبار أن وجودهم بعد ذلك يصبح غير شرعي وأكدت التزام المجلس بتقديم كافة الخدمات للأطفال خلال هذه الفترة.
غير أن مراقبين يعتقدون أن الكثير من الجنوبيين سيفضلون البقاء في السودان حيث ولدوا وعاشوا سنوات طوال، ونبهوا إلى أن هذه المجموعة باتت مهددة بأن تدرج تحت لافتة البدون.
تداعيات اجتماعية
بدأت تداعيات انفصال الجنوب الاجتماعية تطل برأسها وتفرض نفسها على خريطة الأحداث، لتزيح قليلاً التداعيات السياسية والاقتصادية، لا سيما بعد أن أعلنت الحكومة السودانية عن إسقاط الجنسية السودانية عن منسوبي دولة جنوب السودان، بل شرعت فعلياً في فصل وإنهاء خدمة أبناء جنوب السودان في الخدمة العامة.
وبالنظر لتصنيفات المهددين بفقدان الجنسية سواء أكانوا ممن نزحوا من الجنوب، أم ممن جذورهم تعود إلى الجنوب فإنهم مهددون بفقدان العديد من الحقوق، ويقول الناشط بشبكة حقوق الإنسان والعون القانوني المحامي معتصم الأمير ل(السوداني) إنهم عملوا خلال الفترة الماضية على دراسة الآثار المترتبة على إسقاط الجنسية وعلى رأسها عدم إمكانية استخراج أوراق ثبوتية تمكنهم من التصرف في ممتلكاتهم الثابتة والمنقولة، وضع الطلاب الدراسي الحرج بعد فترة إعلان الانفصال.
أزمة أبو حشيش
سرت حالة من القلق في أوساط العديد من الأسر السودانية التي ينتمي جدودها إلى قبائل من جنوب السودان ولكنهم قدموا إلى الشمال منذ أكثر من مئة عام واندمجوا في مجتمعه وأسهموا في الحياة العامة ولكنهم بعد تعديل قانون الجنسية السودانية الأخير والفقرة التي أسقطت الجنسية السودانية عن كل من تعود أصوله إلى جنوب السودان باتوا يعيشون أوضاعاً عصيبة، خاصة أن بعضهم بدأت ضده إجراءات كما في حالة الصحفي محمد يوسف محمد الشيخ، الذي يعمل في تلفزيون السودان، وأوقف عن العمل بتاريخ الثلاثين من يونيو الماضي بحجة أن أصوله تعود إلى قبيلة من جنوب السودان.
وغير محمد يوسف كثر، ففي حي بري أبو حشيش يوجد آلاف المهددين بأن يصبحوا بلا جنسية بعد القرار الأخير، فهم لم يعد هناك ما يربطهم بالجنوب، بعد أن انسجموا طوال عقود طويلة في المجتمع السوداني الشمالي.
فمن هذا الحي خرج عدد من ضباط حركة ثورة اللواء الأبيض في عام 1924 أبرزهم ثابت عبد الرحيم، وعبد الله ريحان، ومحمد جمعة، وفنياً خرجت من أبو حشيش الفنانة منى الخير، وفي الرياضة قبل نادي بري أبو حشيش الذي سجل عام 1929م كان لسكان الحي فريق كرة قدم يسمى دوبي تأسس عام 1899م وكان يلاعب فرق الجيش الإنجليزي وبعد أن جاء نادي أبو حشيش قدم لكرة القدم السودانية عثمان نيكولا ومحمد فرج الله كوشيب الذي احترف في الاتحاد السعودي في الخمسينيات والتاج حسن لاعب المنتخب السوداني ونادي المريخ، ومن حي بري أبو حشيش خرج علم من أعلام الطب السوداني ومن أشهر جراحي العظام في العالم الدكتور عامر مرسال رحمه الله.
من جهته يقول المهندس إبراهيم أحمد مرسال في تصريحات صحفية لوكالة الأنباء (الفرنسية): إن تعدادهم في هذا الحي يبلغ 2600 نسمة كلهم جذروهم من قبائل جنوبية بل إن الحي نفسه مؤسسه مرسال أبو حشيش ومنه أخذ الحي الاسم ينتمي إلى قبيلة الدينكا وكان موجوداً هنا منذ المهدية وعقب استيلاء المهدي على الخرطوم عينه عمدة وكان أول عمدة للخرطوم, وإبان الحكم الإنجليزي كان يعمل مقاولاً وهو الذي جلب العمال الذين بنوا مبنى وزارة المالية الحالي ومبنى البوستة الخرطوم بل إن عماله ذهبوا إلى بورتسودان عند بداية بناء الميناء مطلع القرن العشرين وأعطته السلطات الأرض التي فيها حي بري أبو حشيش الآن وفي بورتسودان أعطته أرض ديم أبو حشيش المعروف في البر الشرقي ببورتسودان.
ويلتقط الحديث حفيد مرسال أبو حشيش وجده أحمد مرسال عمل عام 1927م في موسيقى الجيش السوداني ويقول: «نحن أولاً نرفض أن تبنى الحقوق والواجبات على أساس عرقي فالتعديل الذي حدث في القانون أسقط حقنا وصرنا بدون جنسية ونحن نتحدث عن جدودنا الذين قدموا للمجتمع السوداني وحتى عندما جاء التصويت للاستفتاء لم يكن لنا حق المشاركة لأن القانون تحدث عن الجنوبيين الذين جاؤوا إلى الشمال قبل عام 1956م بأن يصوتوا عندما يسجلون في مناطقهم الأصلية في السودان, ولكن عندما أصبح الانفصال أمراً واقعاً أصابنا ضرره».
أما إبراهيم مرحوم فيقول: «أنا جدي عبد الله السوداني كان يعمل في سلاح الأسلحة ومنزله المسجل باسمه في بري المحس سجل عام 1928م، صحيح جذوره تنتمي إلى قبيلة جنوبية ولكن لك أن تنظر أنه سنة 1928 امتلك منزلاً في بري المحس فكيف بالله تقول لأحفاده أنتم جنوبيون ونحن في الجنوب لا نعرف مناطق جدودنا الأصلية ولا إن سئلنا عن من يكون ناظر قبيلتنا أو العمدة لا نعرف شيئاً فكل ما نعرفه أننا عشنا هنا».
والآن فإن أصحاب هذه القضية من الذين تعود أصولهم إلى قبائل من جنوب السودان يعدون للتقدم بطعن إداري في مواجهة قانون الجنسية السودانية المعدل عام 2011م.
وتكشف مصادر مطلعة ل(السوداني) أن أبناء أبيي التي تعتبر جزءا من الشمال، باتوا يمثلون طوق نجاة لكل من يريد أن يعيش في الشمال مواطنا سودانيا، وأضاف المصدر –الذي فضل حجب اسمه- أن هناك الكثيرين من الجنوبيين باتوا ينتسبون لمنطقة أبيي للحصول على المواطنة، وزاد أن شماليين تربطهم علاقة بهولاء يعملون على تأكيد انتماء تلك المجموعات والأفراد لمنطقة أبيي.
تدخل أممي
في الأثناء أبدت المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة تخوفها من ظهور بدون في السودان، وقالت إن قطاعات سودانية عريضة يمكن أن تصبح من دون جنسية ومحرومة من الحقوق الأساسية مثل الحصول على وظائف وتعليم ما لم تضمن الخرطوم وجوبا منح جنسية للجميع بعد استقلال جنوب السودان.
وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريس: «نخشى من أن العديد من الأشخاص الذين أقاموا علاقات دائمة منذ وقت طويل في الشمال (السودان) ولهم اتصالات قليلة في الجنوب ربما يتعرضون للنسيان، إذا لم تعترف بجنسيتهم أي من الدولتين». وأضاف جوتيريس أن مفوضية شؤون اللاجئين تعمل مع الجانبين للتأكد من أن كل سوداني حصل على جنسية «لتجنب ما حدث على سبيل المثال مع تفكك الاتحاد السوفييتي في السابق». وقالت المفوضية إن عدم حمل جنسية يفاقم من حالات الفقر ويخلق توترات اجتماعية ويمكن أن يحدث انقساماً بين العائلات.
ويرى مراقبون أن هذه القضية محل اهتمام خاص من جانب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي بدأت حملة مؤخراً لتسليط الضوء على محنة حوالي 12 مليون شخص بدون جنسية في أنحاء العالم لا وجود لهم في الوثائق ولا يعتبرون رعايا لأية دولة.
وقالت المفوضية إن عدم حمل جنسية يفاقم من حالات الفقر ويخلق توترات اجتماعية ويمكن أن يحدث انقساماً بين العائلات. وهذه المشكلة أوسع انتشاراً في جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط.
غير أن 66 دولة فقط أعضاء في معاهدة 1954 التي تتعلق بوضع الأشخاص الذين لا يحملون جنسية ووقعت 38 دولة فقط على معاهدة خفض أعداد من هم بدون جنسية التي يحتفل بمرور 50 عاماً عليها يوم 30 أغسطس.
صدام دولي
ويتخوف البعض من تبعات إسقاط جنسية الجنوبيين على أساس عرقي وإثني وما يمكن أن يجره من عقبات وإشكالات مع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية باعتباره ينطوي على تمييز عنصري وعرقي ويخالف المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
عند التمعن في متون هذين النصين نجد أن أمر سحب الجنسية من جنوبيي الشمال لن يكون أمراً يسيراً كما يفترض البعض وإنما سيفتح الباب على مصراعيه على الشمال عموماً وحزب المؤتمر الوطني على وجه الخصوص وربما يدخله في صراع جديد مع المجتمع الدولي.
ويشير هنا الخبير القانوني نبيل أديب فى حديثه ل(السوداني) إلى عدم إجازة القانون الدولي لسحب الجنسية عن أي مجموعات أو أشخاص بناء على اللون أو العرق باعتباره يدخل ضمن ممارسات التمييز الذي لا يقره أو يقبله القانون الدولي أو المواثيق الدولية.
أما في ما يتصل بأوضاع الجنوبيين الموجودين بالشمال، فينبه أديب إلى عدم حق الشمال في إسقاط جنسيتهم لمجرد السحنة أو الأصول العرقية وأضاف: «يظل حقهم قائماً حيث لا يجوز للدولة نزع الجنسية تعسفاً، طبقاً لنصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الذي أجازته الأمم المتحدة في عام 2000م»، موضحاً أن هذا المقصد من هذا الإجراء هو عدم نزع جنسية المواطنين من الدولة السلف قبل منحهم جنسية الدولة الخلف للحيلولة دون نشوء أشخاص (بدون) جنسية.
بيد أن الأمين العام لمجلس الوزراء د. عمر محمد صالح يقول إن على دولة الجنوب أن تتحمل مسؤولية مواطنيها، ويضيف أيضاً أن الإقامة ليست شرطاً كافياً لمنحهم الجنسية، وينبه صالح إلى إمكانية إسقاط جنسيتهم دون انتظار منحهم جنسية دولة أخرى ويقول فى حديثه ل(السوداني): «نعم يمكن أن يحدث هذا ولذلك عندما صدر القانون قال إن الأشخاص الذين ينتمون إلى دولة جنوب السودان قانوناً أو حكماً بمعنى أنهم نالوا جنسية تلك الدولة قانوناً أو حكماً وهذا افتراض بأن الشخص ينبغي أن يمنح الجنسية هناك ونحن لن ننتظر حتى تمنحه دولة جنوب السودان الجنسية حتى نسقطها عنه».
وهنا يطالب صالح المجتمع الدولي بالضغط على دولة الجنوب للاضطلاع بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، الذين سيواجهون تبعات خطيرة تتعلق بفقدانهم كثيرا من الحقوق.
الأكثر حساسية
تعد قضية الجنسية والمواطنة للسودانيين الجنوبيين بالشمال والشماليين بالجنوب من بين القضايا المعقدة والحساسة وتقع ضمن حزمة القضايا العالقة المشار إليها في المادة (63/3) من قانون استفتاء جنوب السودان لسنة 2009م التي سيتفق عليها طرفا اتفاقية السلام الشامل قبل نهاية الفترة الانتقالية. وترتبط بقضية الجنسية والمواطنة قضايا أخرى على رأسها الحقوق السياسية كالترشح والانتخاب وشغل الوظائف الدستورية، بجانب العمل والتملك والنقل وحقوق التعليم والعلاج والتمتع بالخدمات.
وبعد إجازة قانون استفتاء جنوب السودان لسنة 2009م من قبل المجلس الوطني أعيد مرة ثانية إلى البرلمان بسبب اعتراضات نواب الجنوب وأجيز القانون في المرة الثانية بعد إسقاط عدد كبير من التعديلات التي أدخلت عليه في المرة الأولى بما في ذلك المادة المرتبطة بمناقشة القضايا التي سيناقشها الشريكان حيث اقترحت اللجنة الخاصة بدراسة مشروع القانون ربط قيام الاستفتاء بحسم تلك القضايا، وبررت تلك اللجنة مقترحها ب(ضرورة أن تحسم المسائل الموضوعية المشار إليها في المادة قبل إجراء الاستفتاء باتفاق طرفي الاتفاقية والحكومة القومية وحكومة الجنوب على أن تصدر القوانين المنفذة لذلك الاتفاق). في خاتمة المطاف أسقط هذا التعديل وأبقي على المادة (63/3) بشكلها الراهن.
وكان رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني د. غازي صلاح الدين هو أبرز المعترضين على إعادة القانون مجدداً إلى قبة البرلمان وإجازته للمرة الثانية بعد إلغاء تعديلات اللجنة واعتبر في لقاء تلفزيوني أجرته معه قناة النيل الأزرق في يناير 2010م أن إجازة القانون بتلك الصيغة يعتبر «وصفة حرب وأن تطبيقه في ظل سوء النية سيؤدي إلى انفصال وإلى حرب».
واعتبر أن تنظيم الاستفتاء دون اشتراط الاتفاق على قضية الجنسية بالنسبة للجنوبيين بالشمال والشماليين بالجنوب قد يؤدي إلى نشوء وضع أشبه بوضع البدون بين الكويت والعراق بوجود كتلة بشرية معروفة لكن ليست لها حقوق مدونة أو جنسية أو تبعية.
وفي ذات السياق يرى وزير الدولة بمجلس الوزراء د. محمد المختار أن إسقاط الجنسية عن جنوبيي الشمال بعد اختيار الجنوبيين الانفصال يعتبر إجراءً لا غبار عليه، نظراً لمنح الجنوبيين دون غيرهم حق الاستفتاء على تقرير مصيرهم دون غيرهم من السودانيين وبالتالي فإن الجنسية ستسقط منهم تلقائياً بمجرد اختيارهم الانفصال.
مخالفة قانونية
ويرى خبراء قانونيون أن قرار إسقاط الجنسية أمر غير دستوري، ويقول الخبير القانوني كمال الجزولي إنه ليس من حق أية جهة إسقاط الجنسية من إنسان اكتسب الجنسية بالميلاد إلا في حال تنازل الثاني، عوضاً عن أن قانون الجنسية السودانية يعترف بازدواجية الجنسية. ويضيف أيضاً: «لكن بحسب الواقع فالبرلمان أسقط الجنسية عن الجنوبيين بلا استثناء وفصلوا بموجب ذلك من دواوين الخدمة المدنية».
وفي ذات الوقت يوضح الخبير القانوني نبيل أديب أن مسألة الجنسية لا تعالج في إطار قانون الجنسية وإنما تحكم بمعايير القانون الدولي المطبقة في حالة انفصال دولة عن دولتها الأم وهو ما يؤدي إلى نشوء دولتين تعتبر الدولة الأم (الدولة السلف) أما الدولة الجديدة المنفصلة فتعتبر (الدولة الخلف). ويضيف أن القانون الدولي والمواثيق تلزم الدولة (السلف) بعدم نزع الجنسية من المواطنين القدامى ما لم يكتسبوا جنسية الدولة (الخلف)، ويضيف: «في حالة المواطنين الجنوبيين الموجودين بالجنوب ونيلهم جنسية الدولة الجديدة، فإنه في تلك الحالة يمكن للسودان الشمالي إسقاط الجنسية عنهم».
السوداني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.