الشاعر الراحل العظيم.. عمر الدوش.. شاعر مقل رغم كبر موهبته الشعرية.. كتب شعراً متقدماً على زمانه موضوعاً وشكلاً.. وقد اخترع للقصيدة الغنائية شكلاً جديداً غير معهود .. وهي القصيدة ذات الوحدة الموضوعية كأغنية الود التي عمل وردي على إعطائها ذات الوحدة الموضوعية في اللحن وفي التوزيع الموسيقي.. كما عمل الدوش على اكتشاف بلاغة جديدة للنص الغنائي في أغنية سعاد التي غناها الكابلي.. فهي مجموعة صور تخترع بلاغتها الشعرية من الموسيقى الشعرية الداخلية دونما اعتماد كلي على إيقاعات الوزن الشعري، كما في قوله في ذات القصيدة »كبرت كراعي من الفرح«.. والدوش يأخذ فرحه الخاص وحزنه الخاص ويصنع منهما شعراً.. وعندما تكون تجربته الوجدانية كبيرة.. يتجه بكامله لتجربته الحياتية الوجودية ويصبح هو البطل للتجربة.. أي أنه يحول بطل القصيدة إلى شخص تأريخي.. وهنا داخل النص الشعري يتداخل المستويان.. الشعري المتخيل والواقعي المعيش كما في قصيدة »سعاد« وقصيدة »بناديها« وقصيدة »الود«.. وبذا يمكن معرفة السبب في قلة إنتاج الدوش.. لأنه يحول النص الفني إلى تجربة معاشة.. ولعل هذا هو ما يسمونه بالصدق الفني..