اندلعت "حرب" كلامية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بين إسلاميين ينتسبون إلى التيار السلفي وآخرين يناصرون جماعة العدل والإحسان، والتي تعد إحدى أكبر التنظيمات الدينية بالمغرب، تبادلوا خلالها كثيراً من التهم بالجبن والتخاذل وأخرى بالعمالة للنظام الحاكم في البلاد. ونفى أشهر رموز ما بات يُعرف بالسلفية الجهادية في المغرب الشيخ محمد الفزازي أن يكون قد تعرض لجماعة العدل والإحسان بأي هجوم أو سباب على صفحته الخاصة في "فيسبوك"، وأن ردّه بالشتم كان فقط على أحد "أوباش" الحركة الإسلامية بالَغ في الاعتداء على عرضه. فيما نبَّه مصدر مسؤول من داخل الجماعة إلى أن هناك من يحاول إشعال الفتنة وإحداث الخصام بين أبناء الجسد الإسلامي الواحد بالمغرب. تراجعات أو مراجعات وانهال عدد من الشباب ذوي التوجه الإسلامي على الداعية السلفي الشيخ محمد الفزازي بالانتقادات الجارحة وباللمز أحياناً أخرى بعمالته للنظام، باعتباره حظي بالعفو الملكي قبل أشهر ليخرج من السجن بعد أن كان محكوماً عليه بمدة 30 عاماً، فيما مكث وراء القضبان باقي مشايخ السلفية الذين اعتقلوا لنفس التهم التي سبق أن وُجهت إليه. وخاطب أحد هؤلاء المعلقين على "فيسبوك" ومواقع إلكترونية محلية أخرى الشيخ الفزازي متسائلاً: "بالله عليك أخبرنا لماذا تم الإفراج عنك في الوقت الذي تم فيه استثناء الشيخين أبي حفص وحسن الكتاني وآخرين، أليسوا سلفيين؟"، قبل أن يردف: "لقد انكشف انبطاحك وتخاذلك ورعونتك". وأثنى ناشط آخر على الإنترنت على جماعته "العدل والإحسان" التي يناصرها بكونها تتصف بالصدق والإيمان والوطنية والغيرة على الشعب المغربي، بخلاف بعض السلفيين الذين باعوا دينهم بدنياهم، وأبانوا عن "مواقفهم المتخاذلة من خلال الإشادة بالحكم الجبري في البلاد"، وذلك في إشارة إلى الشيخ الفزازي بعد مراجعاته الفكرية والسياسية الأخيرة. ورد مناصرون للتيار السلفي على هذه الاتهامات بالتأكيد على علو كعب الشيخ الفزازي في العلوم الشرعية وحسن أدبه وخلقه، فقال أحدهم: "إن ما قاله الفزازي ليس تراجعاً بل هو مراجعات، والذي يحترم نفسه مُلزم دائماً بمراجعة مواقفه وأفكاره وتصوراته"، مضيفاً أن "ما يجده الشيخ من انتقادات بعض المتطفلين على الحقل الإسلامي مرده إلى فهمهم السقيم للإسلام". وأتى هذا التجاذب خاصة بعد نشر موقع "لكم" الإخباري موضوعاً يتحدث عن ما سمّاها حرباً شرسة محورها "ألفاظ نابية وشتائم" وجهها الفزازي إلى جماعة العدل والإحسان وأتباعها من قبيل "أوباش الحركة الإسلامية"، كما وصف كتاباتهم وفكرهم ب"الأزبال" التي يجب التخلص منها، وفق ما جاء في الموقع الإلكتروني ذاته. الجهر بالسوء ونفى الشيخ محمد الفزازي في اتصال مع "العربية نت" أن يكون قد قصد بما ورد في صفحته على "فيسبوك" من ردود جماعةَ العدل والإحسان رغم اختلافه الكبير معها، كما لم يقصد أي تيار إسلامي آخر، موضحاً أن ما تم نشره في الجريدة الإلكترونية "لكم" تحريف مفتعل لحاجة في نفسها. وأفاد الفزازي بأن كل ما قاله من شتائم وسباب كان رداً على أحد الأشخاص "التافهين"، بعد تعرضه شخصياً إلى هجمة شرسة من أقوام "لا خلاق لهم"، بلغوا في عدوانهم عليه وولوغهم في عرضه إلى حد التكفير الصريح"، بحسب قوله، مضيفاً أن هؤلاء هم من سمّاهم أوباش الحركة الإسلامية، سفلة الناس في كل نحلة ومذهب، وكل ذلك من باب قوله تعالى: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم". واستطرد الداعية السلفي قائلاً: "أما جماعة العدل والإحسان التي أختلف معها في غير قليل من التصورات والتصرفات، فهي عندي جماعة إسلامية أعظم وأشرف من أن أنعتها بالأوصاف السالفة الذكر، ولا يمكن أبداً بشكل قاطع أن أصف تياراً إسلامياً كيفما كان نوعه بأوباش الحركة الإسلامية، وما شابه ذلك من النعوت؛ حيث إن خلقي وديني ومركزي يأبى ذلك، فما يجمعني بجماعة العدل والإحسان أكثر مما يفرقني". وأوضح المتحدث أن هناك صراعاً قديماً جداً بين السلفيين والصوفية في مجالات العقيدة والعبادة والذكر، معرباً عن عدم رغبته في النبش فيه البتة، كما أن هناك خلافاً سياسياً حديثاً معلوماً نتدافع فيه بالحسنى والصراع المتحضر. وخلص الفزازي متحدثاً عن نقط الاتفاق والاختلاف بينه وبين جماعة العدل والإحسان: "هم يريدون إسقاط الفساد والاستبداد وأنا كذلك، هم من خارج النظام والمؤسسات، وأنا من داخله وداخلها، لهم رأيهم في التغيير، ولي رأيي وهنا الخلاف". ومن جهته، قال مصدر مسؤول من داخل جماعة العدل والإحسان في تصريح مقتضب ل"العربية.نت" إنه قد توجد أطراف ما لم يحدد ماهيتها لها مصلحة في إذكاء نار الفتنة بين أبناء الصف الإسلامي الواحد في البلاد، من أجل إلهائهم عن ما هو أهم وأجدر بالمتابعة في خضم المرحلة السياسية الحساسة التي تمر منها البلاد".