للكون أسرار إلهية كثيرة تجعل العقل البشري مشلولا في محاولة الجري وراء كشفها، ومن تلك الأسرار «مثلث برمودا» هذا اللغز الطبيعي الذي جعل عقول العلماء في حيرة من أمرها منذ مئات السنين، فالجزء الغامض من المحيط الأطلسي الذي يبتلع بداخله آلاف السفن والطائرات دون أن يترك أي أثر، لم يستطع أحد حتى الآن أن يفسر بشكل مؤكد سر هذا الاختفاء الغريب، فبالرغم من اجتهاد العلماء بوضع عدة نظريات الا أن تلك النظريات لم تعط جوابا شافيا لوجود سبب واحد يؤكد أن هناك تفسيرا مناسبا لحل هذا اللغز الطبيعي! ومن خلال متابعتي لكرة القدم الأوروبية على وجه العموم، ولكرة القدم الاسبانية على وجه الخصوص، تبين لي أن هناك «مثلث برمودا» من نوع كروي يملكه فريق برشلونة الاسباني تتكون أضلاعه من (تشافي انييستا ميسي)، هذا المثلث الذي جعل من برشلونة لغزا صعبا أمام جميع الفرق، وسؤالا يصعب حله عندما يتساءل ويفكر أي مدرب في ايجاد حل مناسب لايقافه، ذلك المثلث الذي ما أن تحاول كشف سره حتى تجد نفسك تغرق في بحر ابداعه الكروي، فاذا ما رأيت تمريرات تشافي هيرنانديز، ومهارة اندريس انييستا، وموهبة ليونيل ميسي، فانك ستقف مذهولا أمام ما يقدمه هذا الثلاثي من سحر، فلا تكون ردة فعلك سوى التصفيق ونثر كلمات الثناء اعجابا بما يقدمه ملوك الاستحواذ. قد يظن البعض أنني أبالغ اذا ما قلت إن هذا المثلث يمثل 75% من قوة «فخر كاتالونيا»، وانه السبب الرئيسي في النسبة العالية التي يصل اليها برشلونة في استحواذه والذي يصل الى أكثر من 60% في كل المباريات تقريبا، فلو نظرنا الى طريقة لعب برشلونة والتي تتمثل في 4-3-3 أو 3-4-3 وأطلقنا العنان لخيالنا لرأيت النهج التكتيكي الذي يتبعه، فاننا سنجد أن برشلونة في الحالة الهجومية يعتمد على البناء البطيء من الخلف، وسبب «البطء» هو تحقيق أكثر من هدف تكتيكي، فالهدف الأول هو تناقل الكرات بأكثر وقت ممكن في ثلثي الدفاع والوسط في محاولة للانتشار العرضي والطولي، والهدف الثاني سحب الخصم من مناطقه، والهدف الثالث ارهاق الخصم بدنيا وذهنيا، والهدف الأخير والأهم هو الاستحواذ على الكرة ومنع الخصم منها، كل تلك الأهداف تطبق وفقا لتحركات مثلث برشلونة، فتشافي هو من يقوم بدور صانع اللعب، وهو من ينقل الفريق من الحالة الدفاعية الى الهجومية من خلال تمريراته العرضية والطولية، ودقة تمريراته هي أحد أهم مفاتيح الاستحواذ، وانييستا لاعب «جوكر» يلعب بأكثر مركز ويطبق أكثر من دور تكتيكي بناء على مهارته الكبيرة، فتراه يلعب بخط الوسط ويكون دوره مساندة تشافي في عملية تناقل الكرات، ويلعب بشكل حر خلف رأس الحربة الوهمي للاختراق في المساحات وعمل الزيادة العددية، ويلعب على الجناح الأيمن للاختراق بالعمق وفتح المساحات لتقدم الظهير الأيسر، وميسي صاحب الموهبة الكبرى في العالم يتمحور دوره كرأس حربة وهمي يتحرك خارج منطقة الجزاء ليعمل على تفعيل الاستحواذ، أو سحب المدافعين بهدف خلخلة خط الدفاع وخلق المساحات، أو استخدام المخزون المهاري في المراوغة وصناعة الأهداف، كل تلك المهام التي أوكلها الفيلسوف غوارديولا لهذا الثلاثي جعلت من برشلونة فريقا نادر الوجود، وبعبع مخيف لكل خصم يجد اسمه في مقابلة «برشلونة».