اختزلت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مشاكل التواصل والحوار بين أشخاص باعدت بينهم القارات والمسافات كثيرا، وقربت بينهم متجاوزة كل المسافات والعوائق، غير أنها على الجانب المقابل باعدت كثيرا بين أشخاص يتشاركون المكان والزمان عينه، يكونون معا في نفس المساحة، ولكن لكل شأن يغنيه. وأكثر ما انعكس ذلك على الأسرة الواحدة ومساحة الحوار والتواصل بينها سواء بين الزوج والزوجة، أو بين الآباء والأبناء، ووصل الحال داخل بعض البيوت لافتقاد حضور الأبناء وتغير عاداتهم وانعزالهم عما يحدث في البيت حتى أن تواصل الآباء والأمهات معهم يتم أحيانا ب"البلاك بيري" للنداء لوجبتي الغداء والعشاء. مجالس بلا جلاّس وليس حال المناسبات الاجتماعية ببعيد عن هذا فأصبحت أعين الموجودين لا تبرح جوالاتهم، يستقبلون ويرسلون تواصلا آخر في أجهزتهم أحدث أخبارا وأكثر تشويقا غير مستشعرين بقادم أو مغادر. هذا التغير الذي طرأ على التواصل الحقيقي في المجتمع هو نتاج لثورة الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي والبرامج التطبيقية في أجهزة الجوال الكفي التي كونت شبكات اتصال بين الكثير من أفراد المجتمع سواء كانوا زملاء أو أقارب أو أصدقاء، فالفرد الواحد لديه أكثر من مجموعة اتصال ومصنفة حسب قوة التواصل، أو نوعية المعلومات المتبادلة فهناك مجموعة الأقارب وهناك مجموعة الأسرة وتلك مجموعة البنات وأخرى المطلقات والمتزوجات و..و.. مجموعات في رحمها مجموعات أصغر ولا بد لهذه الثورة من سلبيات وإيجابيات في التواصل أو قطع أواصر المجتمع الحقيقي. وفي هذا الصدد يشير الدكتور محمد القحطاني عضو هيئة التدريس في قسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أن مواقع التواصل لها أثر سلبي إذا تمادى الشخص في استخدام هذه البرامج الحديثة بشكل يطغى على تفاعله الاجتماعي الحقيقي مع أفراد أسرته أو أقاربه أو عمله فإن الممارسة الكثيرة لذلك قد يسبب إدمان الشخص على هذه البرامج فتأخذ وقته كاملا، وبالتالي قد يُقصّر الزوج مع الاتصال بزوجته والفرد مع محيطه. برامج التواصل أسهل تواصلاً فيما ترى الطبيبة هند المنيع أن التواصل الاجتماعي شبه منقطع من قبل برامج التواصل وبالنسبة لها وفرت لها تواصلا كانت تفتقده لضيق وقتها كطبيبة وتقول: "إني الآن أعرف أخبار مجتمعي وأقاربي وصديقاتي اليومية من هذه البرامج حتى أني أصبحت أعرف ما يأكلون وما يشربون وإلى أين يذهبون فبين دخول المريض والمريض الآخر أقرأ رسالة وأرد عليها فهذا أسهل من الاتصال بالصوتي". وتوافقها في الرأي أسماء الكليبي في أن هذه البرامج لها ميزة في ربط أواصر ما انقطع من التواصل الحقيقي وقالت: "الكثير منّا كان يستثقل المكالمة أو الزيارة بسبب الانشغال فأنعم الله علينا بهذه البرامج لسهولتها وسرعة وصولها بديلة عن التواصل الفعلي فأنا أرسل وأنا في السيارة أو على السرير أو في أي مكان حتى الاجتماع في هذه البرامج أخف على النفس من الزيارة الحقيقية من ناحية اللبس والتكلف". وتعدد خزنة المطيري مزايا هذه البرامج في التقارب وبسط الأريحية بين الأهل والأصدقاء حيث تقول "إن هذه البرامج تجعل من المتحدث يأخذ راحته في الكلام أو التعليق خلاف لو كان الحديث وجها لوجه خاصة لمن يعانون من الخجل والدليل أن إحدى قريباتي كنت ألقاها في الزيارات العائلية يغلب عليها الصمت والثقل بينما كانت في هذه البرامج قمة الضحكة وخفة الظل.