شهدت جلسات مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان المصري) في الأيام الأخيرة عدة مشادات بين بعض النواب ورئيس المجلس الدكتور سعد الكتاتني، ونواب وبعض وزراء الحكومة، ما ترتب عليه حالة من السخط بين المصريين معتبرين أن تلك المشادات غير لائقة. كان البرلمان قد شهد أول من أمس وأمس جدلا حول النائب زياد العليمي، الذي أحاله الكتاتني لهيئة المجلس، بدعوى سبه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والداعية السلفي الشيخ محمد حسان، وذلك بعد أن طالبه رئيس المجلس بالاعتذار عما بدر منه، ورد العليمي بقوله «أعتذر للشيخ حسان إذا كان فهم كلامي خطأ، أما بالنسبة للمشير فأنا مستعد لتحمل المسؤولية». وعاد النقاش بالأمس بعد أن أعطى الكتاتني للنائب فرصة ثانية للاعتذار، لكنه اكتفى بالقول: «لا أجد حرجا في الاعتذار عن أي إساءة رأى البعض أني قد وجهتها للمجلس العسكري، وهذا هو الحد الأقصى الذي يسمح به لي ضميري»، معلنا تمسكه بموقفه السابق حول أداء المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما أدى إلى رفض أعضاء المجلس نص الصيغة، والتصويت على تأييد قرار إحالته لهيئة المجلس. فيما قام النائب بزيارة الشيخ حسان أمس للاعتذار عن هجومه عليه. كذلك شهد المجلس أول من أمس مشادة بين بعض النواب ووزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور جودة عبد الخالق، حول رد الحكومة على طلب الإحاطة الخاص بأزمة البطالة، ما أدى إلى عدم استكمال الوزير لكلامه بعد مطالبة النواب له بالخروج من قاعة البرلمان. كان الموقف قد بدأ بأن أعرب الوزير عن استيائه الشديد من رأي أحد النواب، حين هب واقفا من مكانه قائلا: «الحكومة لا تريد حل مشكلة البطالة وإنما تقليل عدد المصريين والتخلص منهم».. لينفعل الوزير قائلا له «اجلس»، ما أثار عددا من النواب، ليرد رئيس المجلس بأن النواب يتحدثون إلى رئيس المجلس وهو الذي يطلب منهم الجلوس وليس الوزراء. وأضاف الكتاتني أن من حق النواب أن يعبروا عن آرائهم ولا نقبل تعليقا من الوزراء على آراء النواب. وحين استمر الوزير في موقفه بأن طلب من النواب الجلوس، طلب الكتاتني من الوزير أن يعود إلى مقاعد الحكومة، فيما تكاثر بعض النواب على الوزير لإقناعه بالنزول من منصة الحديث إلى مقاعد الحكومة. ووجدت هذه المواقف ردود فعل مختلفة واقعيا وإلكترونيا، وهو ما دعا النائب عماد جاد للقول: إن 90% من الأعضاء داخل البرلمان ليس لديهم خبرة الحوار بين النواب؛ وذلك لدخولهم البرلمان لأول مرة. مضيفا ل«الشرق الأوسط» إنه يأمل في تحسن تلك المشكلة مع تفهم النواب لكيفية تقبل الرأي الآخر. وأوضح النائب صبحي صالح أن المشادات داخل البرلمان ظاهرة صحية، لأنها تعبر عن حيوية المجلس.. وأن كل نائب من حقه أن يعبر عن رأيه وممارسة حصانته. وأضاف: «الحدة في الحوار بين بعض النواب ورئيس البرلمان ليست ظاهرة غريبة، فكل دول العالم تشهد مثل تلك الحدة داخل برلماناتها»، مؤكدا أن رئيس البرلمان يساوي بين النواب بمختلف الأحزاب السياسية، ولا يحابي نائبا دون آخر. وانتقد عدد كبير من أعضاء المواقع الاجتماعية النائب زياد العليمي لإصراره على موقفه، مطالبين بعقابه بسحب الثقة الشعبية والبرلمانية منه بسبب تجاوزاته.. وتركزت تعليقات أغلب الأعضاء على وصفه ب«الكبر»، خاصة بعد أن كتب على حسابه الشخصي على الموقع «إذا كنت شجاعا في الحق عليك أن تكون أشجع عند دفع الثمن، سندخل سجونكم مرفوعي الرأس لا على أسرة نستجدي العطف.. الثورة ستنتصر». واعتبر نشطاء تلك المشادات تحت قبة المجلس غير لائقة ب«برلمان الثورة»، حيث غياب حرية التعبير والرأي من قبل رئيس البرلمان، وفي ظل سطوة أغلبية نواب البرلمان متمثلين في حزب الحرية والعدالة (الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين). وكرد فعل لهذه المشادات، قامت صفحة «كلنا خالد سعيد» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بالدعوة إلى حملة «اجلس مكانك»، لدعوة النواب إلى احترام لوائح مجلس الشعب والمطالبة ببرلمان منظم ومتحضر يقبل سماع الآراء المختلفة دون مقاطعة أو تشويش. وتدعو الصفحة لأن يكون البرلمان قدوة للشعب المصري، وليس حلقات من المشادات الكلامية كما يراها البعض، والدعوة إلى التزام النواب بالجلوس في أماكنهم وعدم رفع أصواتهم إلا إذا طالبهم رئيس الجلسة بذلك.