بلاد السودان ... في مفترق طرق ؟ الموديل السوري يحمد بلاد السودان ! ثورة الجوعي في الطريق !البشير يمنع اقامة معسكرات للنازحين في المناطق المحررة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ، ويمنع منظمات الأغاثة الدولية من تقديم الاغاثات للنازحين ! بلاد السودان ... في مفترق طرق ؟ ثروت قاسم [email protected] 1 - مقدمة ! يقول الأستاذ عبدالمنعم سعيد أن الإنسان حينما يكون في مفترق طرق ، يواجه ثلاث سكك: + سكة السلامة، + وسكة الندامة، + وسكة قطر عجيب يودي ما يجيب ! يا ترى أي السكك سوف يختار الرئيس البشير ، وهو يدلف إلى الشهر الثالث من عام 2012 ! 2 - سكة السلامة ! هل سوف يختار الرئيس البشير سكة السلامة ، المفروشة بالأجندة الوطنية ، والتي سوف تقوده ، ومعه بلاد السودان ، إلى بر الأمان ؟ نعم ... يمكن تجسيد سكة السلامة في بلاد السودان فيما عرف بالأجندة الوطنية ، أو الميثاق الوطني للخلاص الوطني ! الأجندة الوطنية خارطة طريق ، وبرنامج زمني لنقل السلطة من الرئيس البشير ، وديناصورات المؤتمر الوطني ، المكنكشين في السلطة طيلة العقدين المنصرمين ... إلى سلطة مدنية منتخبة انتخابا حرا ونزيها وشفافا ، مرورا بسلطة قومية انتقالية ، متفق عليها من الجميع ! صار التغيير في بلاد السودان أمرا حتميا ! البقاء محلك سر ، أو العودة إلى الوراء ، من المستحيلات ! شم الشعب السوداني الدم ، وقال حرم ! الأمر الذي يتطلب من الرئيس البشير ، النظر بجدية في الأجندة الوطنية ! لإنقاذ البلاد من هاوية الحرب الأهلية الإثنية ، او الوقوع في جحيم حرب عبثية ضد دولة جنوب السودان ! قبول الرئيس البشير بالأجندة الوطنية ، قد يعطي الفرصة لإنقاذ بلاد السودان ، وأهل بلاد السودان ، من خطر محقق ! كان حزب الأمة أول من أقترح الأجندة الوطنية ، لإخراج بلاد السودان ، وأهل بلاد السودان من عنق الزجاجة ! وبعد أكثر من حجتين ، من المماحكات الإنقاذية ورقص الأفاعي ، لم ينجح حزب الأمة في اقناع الرئيس البشير بقبول الأجندة الوطنية ! ثم اقترح بعض شباب الحركة الإسلامية ، مذكرة لإصلاح سياسات المؤتمر الوطني تحوي أغلب ما جاء في الأجندة الوطنية ، من أقتراحات أصلاحية ! هذه المرة ، غضب الرئيس البشير من شباب الحركة الإسلامية ، وهدد بمحاسبتهم ، على تجرئهم اقتراح أجندة وطنية للتغيير ، والإصلاح ! أعتبر الرئيس البشير هذه الخطوة الأصلاحية المتجردة ، وصاية عليه ، وعلي نظامه ؛ بل تهديد لوجوده وبقائه ! صار الرئيس البشير لا يفرق بين بقائه في السلطة ، وبقائه خارج السجن ! بالنسبة للرئيس البشير الأجندة الوطنية ، أسم الدلع لسجون لاهاي الباردة ! وعليه ، وخصوصأ بعد تجربة شباب الحركة الأسلامية الفاشلة للأصلاح ، قطع قادة حزب الأمة الأمل والرجاء في إستجابة الرئيس البشير للأجندة الوطنية ، بل يئسوا بعد أن تأكدوا انهم قد نجوا ، على الأقل ، من سيف المحاسبة المسلط على رؤوس شباب الحركة الإسلامية ، برغم مطالبة الاخيرين باصلاحات طفيفة ! ماتت الأجندة الوطنية ( سجون لاهاي ؟ ) ، على رفض الرئيس البشير لها ، في تعنت ، وتبجح ، واستعلاء ! قرر نظام البشير الإستمرار + في ثنائية الإستبداد والفساد ، + وفي عناده ومواقفه المتشددة ، + وفي حروبه الأهليه ضد شعوبه ، + وفي منعه منظمات الأغاثة الدولية تقديم الأغاثات للنازحين ، ومنعه أقامة معسكرات لأيواء النازحين حتي في المناطق المحررة ، ورفضه أقامة ممرات أنسانية أمنة لتقديم الدواء والطعام للنازحين ، + وفي رفضه الوصول إلى كلمة سواء مع الرئيس سلفاكير في المشاكل العالقة بينهما ، علي العكس تمامأ ، أستكبر نظام البشير أستكبارا ، واستمر في حلوله الأمنية الإقصائية! واستمرت المعارضة في تشرذمها إلى ثلاثة مجموعات متدابرة ( تحالف كاودا الثوري ، قوى الإجماع الوطني ، والحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل ) ! وبدأت بلاد السودان في الإنزلاق إلى سكة الندامة ! 3 - سكة الندامة ! خلاصة سكة الندامة أن تبقى الأحوال على ما هي عليه ، بدون أي تغيير ، أو حتى اصلاح ! الإستمرار في العمل بسياسة رزق اليوم باليوم ، بل سياسة رزق الساعة بالساعة ، أو سياسة ردة الفعل ! Business as usual. سكة الندامة تعني سيولة الموقف ، بل زئبقيته ! في هذه الحالة ، تصل الأحوال في بلاد السودان إلى طريق مسدود ! زادت فرص الرئيس البشير في عرقلة بل وقف التغيير ، وفي تأخير وصول الربيع العربي لبلاد السودان ، نتيجة عدة عوامل ، منها : + العامل الأول زوال عنصر المفاجاة، واستعداد الرئيس البشير للقمع القبلي لأي إنتفاضة شعبية سلمية ، + العامل الثاني كون القوات المسلحة مؤدلجة ، وتدين لشخص الرئيس البشير بالولاء التام !وربما تصدت لأي انتفاضة شعبية سلمية بالقمع ، بدلأ من الوقوف على الحياد كما في النموذج المصري ! + العامل الثالث عدم مبالاة المجتمع الدولي ، وعدم تدخله الفاعل في تغيير نظام البشير ! بل على العكس الدعوة لإصلاحه سلميا ودستوريا من الداخل ... الإنقاذيون ينقذون نظام الإنقاذ ، أو تعيين الحرامي شرطيا ؟ يؤكد بعض المراقبين أن الرئيس البشير لن يقبل بالتغيير ، والرحيل ، لأنه يخاف من أمر قبض اوكامبوا ! والقوى السودانية لا تملك حق تجميد أو شطب أمر القبض ! وديناصورات الإنقاذ يخافون فتح الملفات ، وبروش كوبر ! خصوصأ وقد دقت شركة الأقطان الأجراس ، لكل من ألقى السمع ، وهو شهيد ! فلذلك سوف يستمر الرئيس البشير وديناصوراته ( الطغاة ، البغاة والغلاة ) في السلطة ، رغم أنهم لا يملكون أي حجة تسوغ استمرارهم في الحكم ! ولكنهم يغلقون آذانهم بأصابعهم ، ويضعون أكفهم فوق أعينهم ، حتى لا يروا ولا يسمعوا الحقائق ! وما نشاهده الآن في سوريا ( وقبله في ليبيا ) من تشبث نظام الأسد بالسلطة ، حتى ولو على أجساد شهداء وجرحى بالآلاف، يشهد على أن التغيير المطلوب ، بل حتى الإصلاح ، لا يمر على بلد دون ثمن من أرواح تزهق ، ومن جرحي ، ومن دمار وخراب ! نقول ذلك رغم أن بشار لا يحمل أمر قبض دولي على عنقه كما الرئيس البشير ! والنموذج الليبي برهان آخر على حتمية دفع ثمن لشراء أي تغيير ! ولا بد دون الشهد من إبر النحل ! ليس هناك غداء مجاني ، كما يقول أولاد العم سام ! والغالي بغلاتو يضوقك حلاتو ، كما قالت حبوبة كلتوم ست اللبن ! لن يقبل الرئيس البشير بالرحيل ، وتنصيب نائبه ( الأراجوز ) الحاج آدم ( الأستاذ علي عثمان في القائمة الخمسينية ؟ ) رئيسا لحكومة قومية انتقالية ، تحضر للدستور وإنتخابات عامة ، حرة ونزيهة ، كما في النموذج اليمني ( النموذج الخليجي ) ، وكما هو مطروح في النموذج السوري ( نموذج الجامعة العربية ) ! نعم ... لن يقبل الرئيس البشير بالرحيل ، بدون ضغوط لا قبل له بها ! للأسف لا تجري ريالة على فمه ، وهو العارف لما يحمله كتابه من أهوال ، وإبادات جماعية ! الرئيس البشير عسكري ، مرجعيته الحصرية ( القوة ) ! وقد اعترف بعضمة لسانه ، بأنه قد سرقها بالقوة ، ومن يرد استردادها ، فعليه بالقوة ! البشير يحاكي عبود ونميري من قبله ! ويحاكي القدافي وبشار ! ومبارك وزين العابدين وصالح ! ويحاكي كل الطواغيت في التاريخ البشري الذين يرون موتهم في تركهم للسلطة ! قال : إنك تستطيع أن تدهس الزهور ؛ ولكن لن تستطيع تأخير الربيع ! ولكن ، ورغم المقولة الحكيمة أعلاه ، فإن الإصلاحيون في حزب الأمة والحركة الإسلامية ، بحوارهم مع الرئيس البشير ، ينفخون في قربة مقدودة ! ويدخلون في حوار طرشان ! فلن يسمع الرئيس البشير ، لصوت غير صوت القوة ! ودروس التاريخ تعلمنا أنه على حق ! فلم يتنازل حاكم عن السلطة بأخوي وأخوك ! وإنما غلابا !هل تذكرون الملك الذي بكى ملكا ، لم يحافظ عليه بالسيف ؟ هل تصدقون أن الرئيس البشير سوف يستمع لصوت العقل ويتنازل طوعا لنائبه الحاج آدم ، وهو يرى الرئيس مبارك في قفص المحكمة ، ويري زين العابدين وحيدا في منفاه ومحكوم عليه بالسجن في بلده ، ويري القدافي يموت ميتة السوائم ؟ كلا وكلا بل سيكنكش الرئيس البشير في السلطة رغم الوعود المعسولة بعدم ملاحقته جنائيا ! وسوف تستمر الحروب الأهلية في دارفور ، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ! ويستمر أكثر من 4 مليون نازح ولاجئ ، يكابدون كل يوم، ليبقوا أحياء ليوم آخر ، في معسكرات الذل والهوان ! وسوف يستمر نظام البشير في رفض أقامة ممرات أمنة ، وفي منع الإغاثات الإنسانية ، من طعام ودواء وملابس ، عن النازحين ( لحسن الحظ لم يمنع نظام البشير الهواء عن النازحين بعد ؟ ) ! تستمر الحرب الباردة ، والحرب بالوكالة ، بين دولتي السودان ، في انتظار شخطة قشة الكبريت التي سوف تفجر الحريقة ، في كومة القش اليابسة ! ويقع على أرض سكة الندامة ، الحزام الذي تم ربطه على بطون جماهير الشعب السوداني ، لأنه صار أوسع من البطون الخاوية ، التي لا تجد ما تاكله لغلاء الأسعار الفاحش ، والفقر الطاحن ! 4 - سكة قطر عجيب يودي ما يجيب ! تبدأ بلاد السودان ، وأهل بلاد السودان ، ولوج هذه السكة ، ( وهي سكة لإتجاه واحد ) : + عندما يصر الرئيس البشير على الإستمرار في رفض الأجندة الوطنية ، والسير على طريق الندامة ! فيبدأ الجهاد المدني ، الذي يتكلل بانتفاضة شعبية سلمية ، تقمعها مليشيات البشير ، بذئبية ، وتسيل الدماء أنهارا ! ويفر المرء من أخيه ، وصاحبته ، وبنيه ! + عندما يرفض الرئيس البشير الوصول إلى اتفاق مع دولة جنوب السودان ، فتقوم الحرب الضروس بين الدولتين ، وتجر اليها قوى اقليمية ودولية ، لا تريد لدولتي السودان خيرأ ، فيعم الدمار ، وتصير دولتي السودان إلى خرابة تنعق فيها البوم ! + عندما يرفض الرئيس البشير الوصول إلى اتفاق عادل وشامل مع تحالف كاودا الثوري ، فيضطر التحالف إلى الإستجابة إلى ( المديدة حرقتني ) ، التي يهزها الرئيس البشير في أياديه ! + عندما تشتد الضائقة المعيشية ، نتيجة طبيعية لسياسات الرئيس البشير البئيسة ! ولا يجد المواطن قوت يومه ! فتهب ثورة الجوعى ، ويختلط الحابل بالنابل ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ! نعم ... وذات لحظة يأس من طرف أو آخر، يقوم أحدهم بشخط عود الكبريت ، في كومة القش اليابس ! تلك هي اللحظة التي تقع فيها بلاد السودان في سكة قطر عجيب يودي ما يجيب ! قطر هذه السكة يؤدي مباشرة إلى تلك التي لها سبعة أبواب ، لكل باب منهم جزء مقسوم! عندها يَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْ بلاد السودان ، وعلي أهِلْ بلاد السودان وحينها يفور التنور ، وينقلب عاليها سافلها ! 5 - خلاصة ! ختاما نقول بأن الرئيس البشير يخطئ كثيرا إذا اعتقد أن الشعب السوداني ، سيتعب ويتوقف عن المطالبة بحقوقه المشروعة في التغيير! ويخطئ اكثر إذا اعتقد أنه يمكن أن يعتمد على دولة قطر ، وليس على الشعب السوداني ، للبقاء في السلطة ! ويرتكب الخطأ المميت إذا ظن أنه بمنجأ من الإطاحة ، وأراد أن يصدق أنه لا يريهم إلا ما يرى ! لا يزال أمامنا بعض الوقت !هل يهتبل الرئيس البشير الفرصة ، ويقبل بالأجندة الوطنية ، ولا يحاكي جاهل أو غافل ، فيُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ ، ويَسُومُها طَلبَ المحالِ فتطمَعُ ، فيعض أصابعه ندما ، ولات ساعة مندم !