حين خطت أقدامهم معقل الشياطين الحمر المخيف في أولد ترافورد، فإن كتيبة المدرب الأرجنتيني القدير مارسيلو بييلسا كانت تبتغي هدفا أرقى من تحقيق نتيجة إيجابية في ذهاب دور ال16 لبطولة الدوري الأوروبي، بل حمل أتلتيك بلباو رسالة ضمنية للعالم تهدف للقضاء على خرافة أن الدوري الإسباني لم يعد الأقوى عالميا مع انحصار المنافسة على لقبه بين القطبين ريال مدريد وبرشلونة. أثبت بلباو أن تداول لقب الليغا بين البرسا والريال يرجع إلى الفارق الهائل بين هذين الفريقين وباقي فرق العالم وليس في إسبانيا وحدها، لأن الفريق الباسكي الذي عادة ما ينافس على المركز الخامس أو السادس نجح في ان يذل بطل إنكلترا ووصيف بطل أوروبا على ملعبه وبين جماهيره ويحطم كبريائه بثلاثية. أكد بلباو أمام الملأ أنه لو سنحت الفرصة له للعب في الدوري الإنكليزي أو الإيطالي لتمكن من المنافسة على لقبه والفوز به، ونفس الحال ينطبق على فالنسيا وأتلتيكو مدريد وربما إشبيلية وفياريال وليفانتي وإسبانيول. الدوري الإسباني لم يعد ضعيفا كما يتوهم البعض، ولم يسحب منه البساط البريميرليغ أو الكالتشو أو حتى البوندسليغا، ولكن تكمن الأزمة الوحيدة في أن ريال مدريد وبرشلونة في كفة وباقي فرق العالم في كفة أخرى. أتلتيك بلباو محارب للخرافة - كرة القدم - الدوري الأوروبي من يقدر على الزعيمين؟ هل يقو أي فريق في العالم أن يصمد أمام قوة البرسا والريال مجتمعين في الوقت الحالي؟ فلنطلق العنان لخيالنا لبعض الوقت لطرح بعض الأفكار المجنونة..لو أن ميلان بطل إيطاليا أو مانشستر يونايتد بطل إنكلترا انتقلا للعب في الليغا..هل يتمكنان من كسر احتكارهما للقب وانتزاعه من بين أيديهما في ظل تلك القوة المفرطة التي يتمتعان بها؟. فلتتسع قاعدة الاختيارات قليلا، ولنتخيل مانشستر سيتي وتشيلسي وليفربول وأرسنال ويوفنتوس وإنتر ميلانو ونابولي وبايرن ميونخ وبروسيا دورتموند يلعبون في دوري واحد إلى جانب الريال والبرسا على مستواهما الحالي، فلمن تكون الغلبة؟ دون شك ستكون المنافسة مشتعلة على أشدها..ولكن سيتصدر القمة بالطبع قطبا الكرة الإسبانية، لأنهما ببساطة الأفضل في العالم، فميزان القوة سيرجح كفتهما مهما بلغت قوة باقي منافسيهم في العالم. تسبب هذا الفارق الهائل في تجاهل حق باقي أندية إسبانيا التي تلعب تحت ظل العملاقين المدريدي والكتالوني، ولكن في الحقيقة فمستوى العديد من الفرق يؤهلها لحصد أي بطولة على صعيد أندية العالم، ولكن بشرط تجنب مواجهة الغريمين اللدودين. التفوق الكاسح لبلباو على أرض مانشستر لم يكن وليد الصدفة أو المفاجئة، فالفريق الباسكي يقدم عروضا مبهرة في المواسم الأخيرة، وجعل من نفسه ندا صعب المراس أمام الريال والبرسا محليا، وفي الغالب فإنه ينجح في نصب فخ التعادل لهما أن لم يفز، وخاصة بملعبه المرعب سان ماميس، وإما يتلقى خسارة بشق الأنفس وبرأس مرفوعة. أتلتيك بلباو محارب للخرافة - كرة القدم - الدوري الأوروبي نجوم واعدة بلباو بقيادة نجومه الواعدين يورينتي ومونيايين وسوسايتا وتوكيرو وخابي مارتينيز جاء ليدافع عن شرف أندية الإسبانية، رغم حساسية انتمائه لإقليم الباسك المطالب بالاستقلال والانفصال عن إسبانيا، ولكن الواقع أنه أحد الفرق الإسبانية المتهمة بالاستسلام أمام بطش الفريقين الكبيرين، لكنه أثبت أن مواجهة أي اسم في العالم مهما كانت قوته وحتى لو كانت بين جماهيره ليست مخيفة، لأنه ليس فريق هين أو ضعيف أو حصالة للأهداف. ربما تملكت خرافة ضعف فرق الدوري الإسباني من الشياطين الحمر، فاستهانوا بالخصم، وعلى رأسهم السير أليكس فيرغسون نفسه، فرغم عمره المديد في عالم التدريب لأكثر من ربع قرن، لكنه صدق الخرافة كمثله، واعتبر أن مواجهة أي فريق إسباني بخلاف الميرينغي والبلاوغرانا ستكون سهلة، فدخل المباراة بتشكيل غريب يوحي بالتعالي والغرور وعدم الاعتبار للخصم. وفي المقابل لعب نجوم بلباو بثقة كبيرة، فقد تحدث الجميع عن رهبتهم وخوفهم من الأجواء والجماهير في أولد ترافورد، ولكن من شكك في قدراتهم تجاهل اعتيادهم على نفس تلك الأجواء وربما أصعب منها في كامب نو وسانتياغو برنابيو. الخرافة نالت من جميع لاعبي مان يونايتد باستثناء الحارس ديفيد دي خيا، لأنه بطبيعة الحال يحمل الجنسية الإسبانية، ويعرف جيدا مقدار قوة بلباو التي تضاهي أعتى فرق أوروبا، فتحضر جيدا للقاء، ورغم اهتزاز شباكه في ثلاث مناسبات، لكنه أنقذ كبرياء بطل إنكلترا وتصدى لعدد قياسي من الفرص المحققة، فارتدى قفاز الإجادة والتألق وقدم أروع عروضه منذ انضمامه لفريق فيرغسون. الحديث عن قوة بلباو، ممثل فرق إسبانيا المظلومة عالميا، غير مرتبط بنتيجة مباراة الإياب بملعبه، فحتى لو خسر المواجهة فهذا لن ينتقص من قدره ولن يهدر حقه في الإشادة بعد العرض التاريخي الذي قدمه بملعب مانشستر. فهذا الفريق المتحد الذي لا يقبل التعاقد مع أي لاعب غير منتمي لإقليم الباسك طالما كان قويا ومناضلا ولكن مهضوم الحق، فآن الأوان أن يسترد وضعه قاريا وعالميا بعد أن سطر تاريخه على الصعيد المحلي.