لا يخلو الحراك الأردني بكل تعبيراته من الطرافة وأحيانا الغرابة وسط تطور مذهل في سايكولوجيا السخرية السياسية المرة وإستثمار الفنون التراثية في المعركة مع أومن أجل الإصلاح. مؤخرا لفت نشطاء حراك مدينة الطفيلة جنوبي البلاد الأنظار تماما عندما تجمعوا قبالة سجن الجويده في العاصمة عمان إحتجاجا على إعتقال بعض زملائهم.. لحظتها خطرت فكرة ميدانية لأحدهم فقال: لماذا لا نرقص أمام السجن. خلال دقائق تحلق النشطاء المعارضون وشبكوا أيديهم وتلازموا بالأكتاف وأندفعوا في "دبكة شعبية" تقليدية سرعان ما تخللتها أهازيج عشائرية مألوفة مع قولبتها لصالح الإصلاح وضد الفساد. وبسرعة غريبة أصبح إسم المشهد الفني "دبكة الفساد" وهي رقصة شعبية محترفة توجه رسائل للنظام وتتوعد الفاسدين وزادت شهرة هذه الرقصة بعدما إلتقطت صورة للمعارض البارزجدا ليث الشبيلات وهو يشارك فيها. قبل ذلك أقام شبان في مدينة سحاب شرقي العاصمة وفي الشارع العام محكمة شعبية تمثيلية على الرصيف يتم بواسطتها إستدعاء نخبة من كبار المسئولين السابقين لمحاسبتهم فيما إستعد نشطاء الحراك الجمعة لإقامة أول عرض مسرحي ميداني مباشر على مستوى الشعب برمته سيقدم فيه النشطاء تمثيلية ساخرة توضح كل تفاصيل وملابسات بيع صفقة الفوسفات. خفة الظل هذه رافقت الأردنيين طوال عام الحراك الأول فأحد الفنانين الشعبيين حرص على تقديم أغنية بسيطة تتحدث عن غلاء الأسعار فإنتشرت كالنار في الهشيم مع فيديو مبثوث على شكل الأغاني الحديثة لكن بدلا من تبادل الأحضان بين الحبيب والعشيقة شوهد البطل في الأغنية يشتم قطعة لحم ويحتضن علبة طماطم ويقبلها لإنه لا يستطيع شرائهما. وقبل نحو ستة أسابيع لوح الأمير حسن بن طلال في حديث تلفزيوني بتنخيل من يتجمعون في ساحة النخيل وسط العاصمة فرد عليه النشطاء في الجمعة التالية بالظهور في ساحة النخيل مع عشرات من المناخل الخشبية التي تستخدم في تنخيل الطحين في الوقت الذي تعرضت فيه فتاة ناشطة للطعن من مجهول بعدما ألفت ردا على كلام الأمير أغنية "تي نخل تي نخل". وتقول أنباء الفيس بوك هذه الأيام بأن مدير المخابرات الأسبق السجين محمد الذهبي أطلق لحيته ويرفض تناول طعام السجن المخصص للنزلاء ويعتمد في طعامه على علبة السردين التي يشتريها يوميا من بقالة السجن. ويخضع الذهبي للتحقيق في إطار قضية غسيل أموال لكن يبقى المشهد الأكثر تأثيرا وإثارة للجدل هو مشهد الدموع التي إنهمرت أمام الكاميرات على بوابة البرلمان قبل أسبوعين عندما تحسر رئيس لجنة التحقيق النيابية بقضية الفوسفات أحمد الشقران على نتيجة التصويت فخرج للجمهور باكيا. القدس العربي