يرى كثير من المطربين العرب أن عدم انتشار الأغنية السودانية (اقليمياً) سببه انها لم تكن (محمولة) على (الفيديو كليب)..!! بعد فشل كافة محاولاتنا الفنية لعدد من مطربي بلدي الحبيب في انتاج فيديو كليب وفق المواصفات الفنية المعيارية، مازال الأمل يحدو البعض في (مزاولة) أو إعادة انتاج الفكرة.. لعل آخر من طرح البدء فيها المطربة سمية حسن التي لعلها الحين تبدأ أولى خطواتها في ذلك.. فمنذ فشل كليب (أنا عايز أعيش) للفنان الشاب طه سليمان، ومجمل الأغنيات المصورة لمحمود عبد العزيز إذ (سقطت) كذلك فنياً وجماهيرياً، تساءل النقاد عن جدوى (الفيديو كليب) على العمل الفني من جهة كونه اضافة أم إنتقاصا للعمل الفني..؟! (1) الدكتورة منال بدر الدين ترى أهمية الفيديو كليب على ايصال محتواه للعمل الفني، وهي قد راودتها أمنية تطاولت معها حيث انها حلمت بتصوير فيديو كليب على اهرامات النقعة والمصورات، وهي تؤدي شخصية (الكنداكة) الشخصية التاريخية الشهيرة.. ويرى المخرج السينمائي الكبير سعيد حامد، يرى أن هناك شروطاً فنية عالية ينبغي أن توضع ضمن خارطة التنفيذ، وهي الاحترافية، وجدوى الصورة على العمل الفني، وفي الاجابة عن السؤالين تكمن راهنية الأهمية.. الفنانة سمية حسن ترى أهمية الفيديو كليب ومناصرته للأغنية، حيث أنه يعكس رؤى فنية لا تستطيع الأغنية (المحمولة على الكلمات) في ترجمة معانيها (الصورية) كما تعتقد سمية.. (2) الكثيرون قد يختلفون حول هذه الاداة (الفيديو كليب) التي خلطت أوراق اللعبة الفنية في تحديد (الموهبة) باعتبارها الديباجة الفنية الحقيقية، ويرون في الفيديو كليب سلاحا ذا حدين، إما أن ينعكس سلباً على المطرب ويشطبه من خارطة (الجماهيرية)، أو يكون له ايجاباً ليضيف إلى رصيده ما يرفع مستوى مبيعات ألبوماته.. في فترة فنية سابقة من تاريخ انتاج الألبومات في السودان، حشدت ما تجاوز (21 ) شركة انتاج فني، مئات الألبومات، دون أن (تدبس) معها (سي دي لأغنية مصورة).. كانت جملة مقولات منتجي الشركات الفنية في صعوبة انتاج (كليب) مصاحب للألبوم، بدعوى ارتفاع سعر انتاج الكليب، اضافة إلى توجسهم من برود التفاف المستمع السوداني تجاه الأغنية المصورة، مع اضافة (غير معلنة) وهي أن معظم المطربين السودانيين يفشلون في (تلقائية) تصوير الكليب، بسبب قصور ناحية (الفوتو جينيك) عند معظمهم، اضافة إلى أن الرقص وابتكار الحركات والايماءات البعيدة (غالبها حسي)، اضافة إلى (الموديلز) والتقاليع والديكورات الضخمة والاضاءة المبهرة، وطاقم التصوير إلى غيره، وكل ذلك تجابهه أدبياتنا السودانية بمحاذير اجتماعية، وربما اقتصادية جمة. (3) يرى البعض أن الفيديو كليب أضحى اليوم موضة الفضائيات (الموسيقية)، وأضحى احد أبواب دخول مطربين لا يملكون أية موهبة حقيقية، فقط يكمن اعتمادهم على (الشو) والقدرة المالية، و(المواصفات الأخرى) لانجاز فيديو كليب خاص بهم.. عربياً وجهت اليوم انتقادات واسعة وحادة للعديد من المطربين والمطربات العربيات و(كليباتهم) الجديدة، منهم نوال الزغبي، ونجوى كرم وغيرهما.. المنافسة اليوم في هذا المضمار تدور حول كل شئ يؤكد أحقية بقاء المطرب في (أعين الفضائيات) وعلى لسان (المبيعات)..!! فأدبيات الفيديو كليب ومعيارية انتاجه اليوم لا توافق الذوق والمزاج السوداني، حتى يتنافس الآخرون في اختراقها.. فلا يمكن -مثلاً- أن يتم حشد (موديلز ساخن) حول الأستاذ الكبير محمد الأمين، حتى تستطعمه الأذن العربية..؟ وعينها.. (4) ودعونا نتساءل.. هل احتاجت أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم عربياً، والكاشف وأحمد المصطفى وغيرهم داخلياً إلى فيديو كليب لتنتشر أغنياتهم الخالدة، هل كانت ملامحهم (فوتوجينك)؟ ولنطرح اليوم سؤالاً موضوعياً مهماً: لقد شاهد غالبنا المئات من الفيديو كليبات على الفضائيات المتعددة، فأي مغنٍ لصق بذاكرتنا السمعية وأفاده (الكليب) في هذا الرسوخ..؟ وأي من مطربي اليوم ومع عشرات الكليبات التي أنتجها يمكنه مضاهاة الذيوع والانتشار الذي وجدته كوكب الشرق مثلاً، أو الكاشف في السودان..؟! ولنفترض ولظروف تقنية انه لم يتم صناعة الفيديو كليب أصلاً، فكيف نقرأ امكان مطرب اليوم في ايصال صوته أو منتوجه الغنائي للآخرين، وهو أصلاً فاقداً للموهبة.. كيف يمكنه ذلك..؟ (5) لقد عمل الفيديو كليب راهناً على انقاذ العديد من المطربين الذين يعرفون كل شيء إلا الغناء، وعملت التقانات الحديثة على تحسين (الحلاقيم الغنائية) فبدت في الحفلات الجماهيرية العامة وعلى الهواء مباشرة (فضيحة بجلاجل).. ولعل أخطر ما تفوه به المطرب النوبي الشهير محمد منير في قوله: (أنا لا أعرف أغني.. ولكنني ذكي).. كيف طبّق منير ذكاءه في خداع الأذن التي تستمع اليه رغم اعترافه بعدم معرفته الغناء..؟ إذا كان هذا محمد منير.. فكيف بالباقين..؟ لقد مكث الكاشف لدينا ومازال أكثر من نصف قرن، دون أن تتلوث صورته لدينا بكاميرا صدئة، تحاول جعله مهرجاً يلهو بين صنوف من الشباب والشابات الذين لوثوا آذاننا قبل عيوننا..!!