أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور الجميعابي يروي شهادته للتاريخ حول فتنة الإسلاميين في الحكم ..ليس عندهم استعداد لسماع الرأي الآخر..!!. (سيد الزبدة لو قال أشووها يشووها) فهذه هي الحكومة.. الأوضاع اليوم أسوأ منها إبان مذكرة العشرة..!!
نشر في الراكوبة يوم 20 - 08 - 2010

طوال تلك الفترة من عمر الخلاف بين الإسلاميين، الذي خرج إلى العلن بعيد مذكرة العشرة، ظل القيادي بالحركة الإسلامية الدكتور محمد محيي الدين الجميعابي يلوذ بالصمت تارة، وينشغل أحياناً بالعمل الإنساني، ولكنه في قرارة نفسه كان مفجوعاً بما جرى، ومعتقلاً في زنازين المحنة التي لم تنته بعد، وعلى مقربة من ذلك الدخان ظل الدكتور الجميعابي يتأرجح في قوائم التصنيف السرية من (وطني) إلى (شعبي) دون أن يعلن انخراطه في صفوف أحد الجناحين، حتى انفتحت الأبواب للريح بزيارة الرئيس البشير له في دار المايقوما، تلك الزيارة المفاجئة التي دار فيها حديث طويل يشف عن حال الإسلاميين، وحال الوطن المنهك بالجراح. الدكتور الجميعابي هو كتلة من القلق والبحث الدائم عن هدف يليق بأشواقه، كان قيادياً باتحاد جامعة الخرطوم لأكثر من (7) سنوات، وعضواً بمجلس شورى الحركة الإسلامية، ومن ثم أصبح محافظاً لأم درمان و(محافظاً) للدامر بطريقة أشبه بالإبعاد، حتى التصقت باسمه عبارة (مثير للجدل)!
كانت هذه المواجهة النهارية محاولة للكشف عن أعماق الرجل ومواقفه السياسية، واستنطاقه بخصوص المفاصلة وحلقاتها المفتوحة، وخلافه مع الراحل الدكتور مجذوب الخليفة. وقد فتح الجميعابي النار في كل الاتجاهات، وقلب الطاولة في وجه الكثيرين، بمن فيهم وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي الأستاذة أميرة الفاضل، على خلفية أزمة دار المايقوما. وتحدث بصراحة شديدة إلى درجة أنه جعلنا نتحسس جهاز التسجيل أكثر من مرة. فإلى مضابط الحوار.
في مبتدر هذا الحوار دعنا ننتقل بك إلى تلك الأيام، أيام حركة الإخوان المسلمين وانضمامك إليهم. كيف كانت الأجواء ساعتها ومن الذي قام بتجنيدك؟
- حقيقة بدأنا نتعاطف وننعطف نحو اتجاه التيار الإسلامي منذ العام (1967)، وتحسن فهمي كثيراً في الأعوام (69- 1970) وكان وجودي داخل الاتجاه الإسلامي بشكل ملحوظ وأنا طالب في حنتوب الثانوية، وكنت عضواً في اتحادها، في بداية هذه الفترة كنت أدور بين تيار حركة الإخوان المسلمين والتيارات القطبية التي تأثرت بتيار الشهيد سيد قطب، وقد ذهبت في مجموعة أشبه بالمجموعات التي تأثرت بأفكاره، وتعدل فهمي تماماً بعد دخولي إلى الجامعة في (1973)، وكنت من الكوادر النشطة في حركة الاتجاه الإسلامي، ومن أوائل الذين كانوا يدعونني إلى الانضمام الأخ عثمان الهادي، وكأسرة دينية صوفية كنا نستضيف في بيتنا مراراً وتكراراً قيادات الحركة الإسلامية أمثال الشيخ حسن عبد الله الترابي، يس عمر الإمام، الصادق عبد الله عبد الماجد، وعدد من أعمامنا كانوا من الكوادر المؤسسين للحركة الإسلامية.
ولكن الحركة الإسلامية كانت انقلاباً على الفكر الصوفي، وأنت من أسرة صوفية شهيرة فكيف استطعت أن توفق أوضاعك؟
- لا لم تكن كذلك، الحركة الإسلامية كانت عبارة عن حركة ثورية تسعى إلى تجديد المفاهيم الإسلامية وسط الشباب وفي المجتمع، ولم يشكل مشكلة معنا أن نكون من أسر متصوفة وننتمي إلى الإخوان المسلمين.
طيب يا دكتور، ألم يكن من الخطأ فعلاً استيلاء الإسلاميين على السلطة بالقوة العسكرية؟
- بالتأكيد الحركة الإسلامية كانت تتوق دوماً إلى السيطرة على الحكم، وفي مرحلة من المراحل رأت أن تأتي عبر التيار العسكري بعد أن تأكد لها أن معظم الجهات التي تنافسها لن تمكنها من الوصول إلى كراسي الحكم، وحقيقة أنا من الذين شاركوا وكنت عضو شورى حركة الإخوان المسلمين في اتخاذ القرارات الأخيرة المتمثلة في عملية الاستيلاء العسكري على السلطة، هذا الكلام كان في العام (1986) وكان واضحاً أن الحركة الإسلامية أخذت قرارها بإمكانية الاستيلاء على السلطة قبل هذا التاريخ.
يوم الانقلاب أين كان الدكتور الجميعابي؟ وهل هو على علم بساعة الصفر؟
- المعلومات العسكرية كانت تدار بسرية كاملة، وحتى التنفيذية، وليس هناك شخص على الإطلاق كان ملماً بتفاصيل هذا الأمر غير الشيخ حسن عبد الله الترابي، كل الخيوط كانت بيده وتدار بسرية محكمة وبذكاء غير عادي، كل الترتيبات كان يقوم بها وحده فقط.
هناك من يقول إن الانقلاب في حد ذاته لم يكن على الديمقراطية التي لم تعجبكم وإنما كان انقلاباً على الحركة الإسلامية ومؤسساتها وقيمها؟
- لا.. هذا القرار اتخذ من قيادات الحركة الإسلامية وكل مؤسساتنا الشورية شاركت وبصمت، أنا كنت عضو شورى حركة الإخوان المسلمين والعدد كان لا يتجاوز (40) شخصاً، وجزء من هذه القيادات التى أراها الآن كانت معنا في الشورى وكلنا كنا مؤيدين للتيار العام والتيار الغالب.
ولكن هناك بعض الشخصيات اعترضت على فكرة الانقلاب أمثال التجاني عبد القادر والطيب زين العابدين وغيرهما؟
- التجاني عبد القادر لم يكن عضواً في شورى حركة الإخوان المسلمين ولم يكن حينها موجوداً في السودان على ما أظن، والحقيقة أن قضية الاستيلاء على السلطة بالوسائل العسكرية لم تكن مطروحة لقواعد الإخوان المسلمين.
حسناً.. بعد ذلك جاءت المفاصلة أو فتنة الإسلاميين الكبرى في الإنقاذ، وأنت شاهد على الوقائع، ما هي دواعي الخلاف في الأصل؟
- دواعي الخلاف حقيقة هي من يحكم السودان، هي قضايا سلطوية ونحن كنا في الشورى وأدركنا أن التسلسل السلطوي كان متفقاً عليه، وعندما أسمع الآن شخصاً يقول لي حسن الترابي حلّ مؤسسات الحركة الإسلامية، فهذا حديث يحتقر عقولنا، وكل الخطوات التي أقدمنا عليها وافقنا عليها جميعاً، وكل ما حدث بخصوص حل واجهات الحركة الإسلامية كان حديثاً متفقاً عليه قبل التغيير وبعد التغيير، أذكِّر الذين قادوا هجوماً على الشيخ الترابي بأنه حل مؤسسات الحركة الإسلامية، فهل حسن الترابي كان (سوبرمان)؟ تلك قضايا كانت مطروحة، بصمنا عليها وناقشناها وأيدناها.. التحول الديمقراطي، اختفاء الوجه العسكري للحكم.. والخلاف وصل قمته عندما تقدم الأمين العام حسن عبد الله الترابي بطلب الانتقال إلى الديمقراطية الحرة وإنهاء حكمنا الثوري، هذا الكلام كان في حدود العام (98 - 1999) وكان الترابي يطالب بعد ذلك أن ننزل للمنافسة مع التنظيمات السياسية، ويكفي أننا انفردنا بالحكم طيلة هذه الفترة، عندها برزت المجموعات التي لا تريد تلك التغييرات، وكان هناك نشاط متصل في المجلس الوطني وداخل الأطر التنظيمية والمؤسسة العسكرية، لكن اتضح في ما بعد أن هذا الصراع بدأ مبكراً منذ بداية التسعينيات، ولم يبدأ في المفاصلة، كنا نحس أن هناك تيارات للاستقطاب الحاد جداً ولكنها كانت ترتب نفسها بسرية محكمة، هذا ما نشهد عليه للتاريخ، وأحسب أن مراكز القوى بدأت تنهض وتنشط منذ ذلك الحين.
ولكن يا دكتور البعض ظلّ يردد أن الخلاف ذاته لم يكن على المناهج والأفكار وإنما كان صراعاً على (الكراسي).. ألا يقدح ذلك في رسالية الحركة الإسلامية وتاريخها؟
- بالتأكيد يقدح، وأنا لا أستطيع أن أنفي أن الصراع كان سلطوياً، وبالتالي هل فشلنا كإسلاميين بعد تجربة الحكم؟ لم نكن مهيئين؟ هل الطمع، وممارسة السلطة والسلطان المطلق أثرا فينا؟ بالنسبة لي لا أنفي تأثرنا بوجودنا داخل السلطة، وبالتالي في اتخاذ قراراتنا، وجاءنا الإحساس بالسلطان المطلق، حتى عندما كنا نرفع آراءنا للشيخ حسن الترابي عن كثير من الممارسات.. الشيخ حسن لم يكن يقبلها، كان يدافع عن الجهاز التنفيذي دفاعاً مستميتاً ولا يقبل أي نقد في كل هذه المجموعات، ولو كان هناك شيء نأخذه على الدكتور الترابي فهو أنه كلما نأتي وننقد ممارستنا في الحكم فإنه لا يقبل أي نقد مصوب للجهاز التنفيذي، ولا أي ممارسات أو خروج وتجاوزات في قضايا الرأي العام، والحريات وحقوق الإنسان.. لم يكن يقبل.
لماذا لم يكن يقبل؟
- بحسب تقديري ربما السبب تجربتنا مع السلطة، وربما السبب إحساسه أن التنفيذيين فوق النقد وما شابه ذلك، كل هذه الأشياء كانت واردة، ولكن أنا كنت مقتنعاً تماماً أنه سيأتي يوم من الأيام تندم فيه قيادة الحركة الإسلامية على هذا الأمر، حقيقة منذ ذلك الوقت وحتى اليوم ليس عندهم استعداد لسماع الرأي الآخر، فقد حدث وحصلت مذكرة العشرة، ولكن الأوضاع اليوم أسوأ منها إبان مذكرة العشرة.
ما الذي تعنيه بأن الوضع اليوم أسوأ؟ وضع الحركة الإسلامية أم الوضع العام؟
- كل الأشياء التى خرجوا عليها في مذكرة العشرة، كانت ممارساتنا أسوأ منها بعد المذكرة، رجعنا إلى ما اختلفنا حوله مع الشيخ حسن عبد الله الترابي، وازددنا عليه ممارسات، ويكفي ما وصلت إليه البلاد الآن: أزمات خانقة في الجنوب، أزمات خانقة في الغرب، أزمات خانقة في قضايا الحريات، في قضايا الرأي العام، في كثير من القضايا.
أثناء وبعد المفاصلة التزم الدكتور الجميعابي جانب الحياد أو ما يشبه الجلوس على مقاعد المتفرجين، فهل كنت تتوق إلى وحدة ممكنة؟ وما سر ذلك الصمت؟
- بالتأكيد نحن كنا على درجة عالية من الطيبة، أنا قدت مبادرة تجديد القيادات، وطالبت أن نبعد مؤقتاً كل العناصر التي قادت إلى هذه الأزمة، لأن قواعد الحركة الإسلامية لم تكن على الإطلاق (قبلانة) بذلك الخلاف، وهم ما كانوا أكثر من سبعة إلى عشرة أفراد، وندير البلاد لفترة من دونهم، ولكنهم رفضوا تماماً، وقد كنت مقتنعاً تماماً بأننا كنا في وضع لا نستطيع فيه إطلاقاً أن نُقاد في الإطار العام بشخصية غير السيد الرئيس عمر حسن أحمد البشير، ولا بشخصية على المستوى التنظيمي غير الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي، كنت أود وكنت أتوق وكانت لديّ جولات مع السيد الرئيس ومع الترابي ومع الأستاذ علي عثمان محمد طه، ولكن كان واضحاً جداً أن هناك أناساً أرادوا أن تتم المفاصلة ويحدث الشقاق وفي النهاية الخيار كان للأقوى، وآراؤنا لم يؤخذ بها وحدث الخلاف وضعف الحزب وضعفت الدولة.
بالنسبة إليك أنت، هل فكرت في الانضمام إلى أي جناح من الأجنحة المتصارعة؟
- بالنسبة إليّ فقد كنت مشغولاً بأمر الحفاظ على الدولة وكنت أرى أن نحافظ عليها ونسعى إلى معالجة الخلاف، سمه خلافاً فكرياً، أو سلطوياً، وعندما يعود الشيخ حسن عبد الله الترابي أو أي من قياداته يجدون الدولة موجودة، لذلك ظللت أدافع عن الدولة وأحافظ على بقائها.
لكن كيف يستقيم أن يكون قلبك مع الترابي وعقلك مع البشير؟
- لا.. هذه القضية ليست بهذا الفهم، فنحن نتحدث عن دولة، الحفاظ عليها واجب لأننا إذا فقدنا الدولة فإنها لن تعود مرة أخرى، ثم إن الدولة هذه هي ثمرة مجهود الحركة الإسلامية لأكثر من (50) عاماً، يستحيل أن نتركها تضيع، عليه نعمل على تقريب وجهات النظر، عسى ولعلَّ.
الأستاذ علي عثمان كان يقول أيضاً ساعتها إنهم ضحوا بحبهم للترابي من أجل الحفاظ على الدولة والمشروع، فهل كانت الأزمة مثالية إلى ذلك الحد؟
- حقيقة الأستاذ علي عثمان محمد طه هو الرجل الثاني، والشيخ حسن عبد الله الترابي عصارة جهده وتكليفه قدمه للأستاذ علي عثمان، وفي تقديري أن الشيخ أهَّله لقيادة الحزب وقيادة الدولة من بعده، ولذلك أحترم وجهة نظره، ولكن في تقديري حتى الآن الدور المنوط بالشيخ علي لم يقم به، وقد كان عشمي أن يقود الأستاذ علي عثمان تياراً حقيقياً صادقاً للم شتات الحركة الإسلامية، وبالنسبة إلي السيد الرئيس عمر البشير سيدعم أي اتجاه لو جاء من قيادات الحركة الإسلامية متمثلة في الدكتور الترابي والأستاذ علي عثمان وآخرين، فالرئيس البشير رجل مميز وعنده عقلية غير عادية واستيعابه عال جداً وعلى درجة من الذكاء، وما زلت أعول عليه كثيراً ولكنني أقول إن القيادة الحزبية للمؤتمر الوطني ضعيفة وغير مؤثرة بكل أسف، بعد المؤتمر العام كنت أتوقع أن يقود السيد الرئيس تغييراً حقيقياً يجدد به دماء وقيادة وفكر المؤتمر الوطني، وحتى الجهاز التنفيذي كنت أتحدث مع السيد الرئيس أنه آن الأوان لتغييره، ولكن ظلت القضايا الموجودة، قضية الجنوب، قضية دارفور تدار بعقليات حرصت أن تظل نار الخلاف موجودة، وفي تقديري أنهم يريدون للوضع أن يكون متأزماً حتى يحتاج السيد الرئيس إلى تلك المجموعات للوقوف بجانبه، ولذلك فأنا متأكد أن السيد الرئيس مؤهل لحل قضية دارفور خلال أسبوع إلى أربعة أسابيع، لو قادها بنفسه.
الدكتور الجميعابي يخرج عن صمته ويروي شهادته للتاريخ حول فتنة الإسلاميين في الحكم (2-2)
حوار عزمي عبد الرازق
{ مواصلة لما انقطع من حديث. هناك من يقول إن الخلاف أصلاً صنعه الدكتور الترابي وكان حريصاً على كلمة (مفاصلة) ليحدث قطيعة ما بين تاريخ الإنقاذ ومواقفه في مجال الحريات والتحول الديمقراطي.. إلى أي مدى هذا الكلام صحيح؟
- شوف.. الشيخ حسن عبد الله الترابي شخصية قلَّ أن تتكرر، وهو رجل مجدد بكل المعايير، أحترمه وأحترم فهمه ورأيه، وفي تقديري يجب على الدولة والحزب وقيادات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أن يتقربوا ويقربوا للشيخ حسن الترابي لمعالجة هذا الخلاف، فهو شخصية لن تتكرر.. وحتى لو عنده أي آراء يمكن أن نختلف عليها فيجب أن نجد له العذر، لكن الشقة الموجودة لو صدقت النوايا وصدق الأستاذ علي عثمان محمد وطه وصدق الرئيس لتجاوزوا بنا هذه المحنة، الآن قبل الغد، والترابي يمكن أن يُحاوَر، ونحن حاورنا قرنق وحاورنا كل الحركات، ولو فوضنا أهل الجدارة لعاد الوئام وعاد الشيخ الترابي والسيد الرئيس والأستاذ علي عثمان إلى طاولة واحدة.
{ بحسب تقديرك، الدكتور الجميعابي، ما هو المكان الأنسب للدكتور الترابي اليوم؟
- هذا رجل مجدِّد أخي الكريم، هذا رجل غير عادي، هذا من أميز العلماء المسلمين الموجودين اليوم، الترابي عبارة عن درَّة، يجب الحفاظ عليه ويجب أن تردم الهوة بيننا وبينه، نحن سوف نكسب كثيراً جداً، والدولة سوف تكسب كثيراً جداً لو وحدنا الحركة الإسلامية، والترابي قيادة روحية وتاريخية، وله عقلية متقدة يمكن أن تحقق الكثير.
{ في نفس الاتجاه هناك من يتهم الحركة الإسلامية بأنها فشلت في الحكم وحُكِم عليها بالفشل، فكيف تطالب بعودتها؟
- نحن الآن ما عدنا حزباً، نحن تيار، ومن حق الناس أن يحكموا على التجربة بالفشل، وبالنسبة إليّ الانشقاق والسلطان المطلق والإحساس بالقوة أدت إلى الممارسات المنفرة التي ننتقدها اليوم.. فالإنقاذ من الأشياء التي هزمتها أنها لا تحسن اختيار القيادات، انظر لمن اخترناهم ولاة ووزراء قبل عشر سنوات، أين هم الآن؟ هل فيهم شخص واحد ترشح في دائرة وجاء ممثلاً لشعبه؟ كلها شخصيات اختفت وتلاشت، وكل مؤهلاتهم في السلطة كانت المناصب التي تقلدوها، كذلك ما استطعنا أن نكسب الرأي الآخر، ولا استطعنا أن نوحد أهل السودان، أو نحافظ على أية اتفاقية! وقعنا مع الميرغني والصادق وكل الحركات، واليوم بكل أسف نقاتل لوحدنا. نعم فزنا بالانتخابات بمستوى كبير لكننا رغم هذا فشلنا في الاستقطاب السياسي وفشلنا في تجميع القوى الوطنية الموجودة في البلد، وأدرنا اتفاقية ثنائية مع الحركة الشعبية والآن نحن عاجزون عن أن نستصحب معنا أحزاب السودان للمشاركة فيها وما إلى ذلك.
{ طيب.. البعض يشبِّه المفاصلة بأنها الفتنة التي وقعت بين الصحابة في فترة الخلافة، وآخرون يرددون بأنها مؤامرة عالمية، إلى مدى هذه المقاربة يمكن أن تكون صحيحة؟
- في تقديري ما حدث بين الإسلاميين لم يكن عادياً، والتاريخ سيكتب عنه، وما زلت أقول إنه تمت تغذيته بوسائل إقليمية، وربما تكون عالمية لشق أقوى حركة إسلامية موجودة في العالم الإسلامي، وهذا العمل الذي تمّ لا أعتبره من إنتاجنا وحدنا، ربما كانت فيه صفات وراثية ومؤثرات خارجية، وربما كان أجنبياً، وأقل شيء أن تكون هناك أطماع شخصية، لكنه لم ينطلق من مسلمات فكرية أو فقهية.
{ كنت أميناً للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم، ولكنك وجدت نفسك ما بين كماشة الراحل مجذوب الخليفة وبدر الدين طه.. علام كان الخلاف بينكم؟
- نعم، أنا كنت أميناً للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم، وكنت أميناً للمؤتمر الوطني بالولاية، والخلاف جرى لأنني كنت مع الحريات ومع التنظيم المفتوح والشورى المطلقة، وكثير من التنفيذيين (تضايقوا) مني وأبعدت إلى الدامر بموافقة الشيخ حسن الترابي، لأنه ما كان يستطيع أن يعترض التنفيذيين في رغبتهم.
{ هل كان إبعاداً سياسياً؟
- نعم، بالنسبة إليّ كان إبعاداً مقصوداً وواضحاً جداً، ولكنني كقائد ما كان ممكناً أن أرفض التكليف، وكثير من القيادات النافذة أين هم الآن؟ الدكتور التجاني عبد القادر، الأستاذ حسين خوجلي، المرحوم محمد طه محمد أحمد كثير من قيادات الحركة الطلابية والقيادات الشعبية القوية والمؤثرة في الرأي العام، الآن أبعدنا تماماً.
{ ربما لأنك ذو ميول شعبية؟
- في مرحلة من المراحل كنت متهماً بأنني شعبي، بالرغم من أنه الآن يوجد بدر الدين طه، وحاج ماجد سوار ومحمد الحسن الأمين وكل قيادات الشعبي التي كانت موجودة، فليسألوهم هل كان الجميعابي في الشعبي؟ أو وجدوني في اجتماع؟ ولكنني مع الرأي الآخر، ومتأكد جداً أننا أناس غير مرضي عنا بسبب آرائنا، وبالرغم من ذلك فأنا أحترم جداً شخصية المشير عمر البشير بنفس الرأي الإيجابي الذي قاله فيه الشيخ حسن، وهو لو وجد القيادات السياسية والتنفيذية لأحدث تغييراً حقيقياً في السودان، ولكنه حتى الآن لم يجد تلك القيادات النوعية، وللأسف الشديد الجهاز التنفيذي الآن احتكر قيادة الحزب واحتكر قيادة الحركة الإسلامية وما عاد هناك أي رأي مغاير، وليس هناك مجال للمبادرات، ولا هناك مجال لقيادة جديدة يمكن أن تفيد.
{ بصراحة يا دكتور، من الذي تسبب في إبعادك ولا زال مصراً ألا تكون موجوداً في الحكومة؟
- كل الذين كانوا يرفضون الحريات ولا يقبلون الرأي الآخر، ربما كانوا هم، أذكر أنني اعترضت على احتفالات (1995) بأعياد الثورة، وبعدها مباشرة غادرت، وكان هناك اجتماع فيه عدد من الوزراء الاتحاديين اليوم، والأمر الثاني هو أن الأخ الوالي ساعتها بدر الدين طه كان يكرر مراراً أن الحزب أصبح أقوى من الحكومة، المؤتمر الوطني أصبح أكثر تأثيراً من الحكومة ولا بد من إضعافه، وقد استمعت إلى الأخ غازي والشيخ حسن والشهيد الزبير وكانوا يقولون لي «ما عايزين حزب قوي بهذا المستوى»، كانوا فقط يريدون حزباً أقرب إلى (الديكور)، ودار حوار قوي بيني وغازي والترابي بهذا الخصوص، وبالنسبة إلى بدر الدين طه فقد شعر بأن الحزب أقوى منه، وغادرت إلى الدامر، بالرغم من أنه من غير الممكن أن يُنقل أمين الحركة الإسلامية والحزب بالولاية محافظاً في الدامر، وهي لم تحدث إطلاقاً في تاريخ الإنقاذ.
{ قبل أن تغادر إلى الدامر تركت وصية مهمة، فما الذي أردت أن تقوله عبر تلك الوصية؟
- الحفاظ على المؤسسة التنظيمية، الحفاظ على مؤسسة الحركة وقيادة المؤتمر الوطني، تمكين الحريات وتمكين القواعد من أن تعبر عن رأيها، وقد انتهت مهمتي في الخرطوم.
{ في ذلك الوقت كان الدكتور مجذوب الخليفة نافذاً جداً وممسكاً بكل الخيوط، فهل كان مجذوب الخليفة يطمع في خلافة البشير؟
- مجذوب الخليفة شخصية تحمل صفات تنفيذية غير عادية، هو من أقوى الناس، شخصية متمكنة، كان فقيهاً وسياسياً محنكاً، كل صفات الدهاء موجودة فيه، وأقولها لك: مجذوب كان مؤهلاً لقيادة الدولة ومؤهلاً لقيادة أية وزارة، وهو من خيرة الإخوان ولكنني لم أر شيئاً يدل على أنه كان يسعى لخلافة الرئيس البشير.
{ بالنسبة إليك لماذا تركت العمل السياسي وتفرغت تماماً للعمل الإنساني؟
- لم أترك العمل السياسي، وطيلة هذه الفترة كل المواقع التي قمت بتغطيتها كانت بتكليف من الحركة الإسلامية والقواعد، واليوم شعرت بأن القيادة لا تريدني، وبصراحة قُصِد ألا أصل مرة أخرى إلى أي شكل من أشكال القيادة السياسية، لا على المستوى الحزبي ولا التنفيذي، وسمعتها مراراً وتكراراً، وعندما ابتعدوا عني وظفت كل مجهودي للعمل الاجتماعي، فقد كنت رئيساً للهلال الأحمر السوداني، واستفدت من تجاربي كلها في منظمة أنا السودان، ولن أتوقف عن العمل حتى يوقفني الموت، وأقول لك توجد كثير من مراكز القوى، وجيلنا الذي قاد الاتحادات الطلابية والقيادات التي بنت الحركة والحزب قُلِّل من وجودهم في قيادة الدولة والحزب.
{ ربما كان السبب لأنهم أبناء الشيخ الترابي؟
- طيب هم ذاتهم أبناء من؟ هم لو لم يكونوا أبناء الترابي فلا نعرف لهم أباً.. كل الناس أبناء الشيخ حسن عبد الله الترابي.
{ حسناً.. هناك اعتقاد بأن المشروع الحضاري دفن في أروقة نيفاشا، إلى أي مدى هذا الكلام صحيح؟
- هذا الحديث يُقدم إلى رجال نيفاشا ورجال أبوجا عموماً حتى الآن نستطيع أن نقول إنه ما زال في أساسيات الدولة ما يحفظ التوجه الإسلامي، وكل المطلوب به في تقديري الشخصي تجديد قيادة الحزب والاستفادة من الكوادر الموجودة في الرصيف، والاستفادة من الكوادر القيادية المتمكنة من تفعيل وتحريك الشارع السوداني. وبالرغم من ذلك فالتوجه الحضاري لم يختف، ما زال موجوداً.
{ بصراحة.. لماذا أحنى الترابي رأسه لمذكرة العشرة؟
- هذه غلطة الشاطر، هذه أحد أخطاء الشيخ حسن الترابي، وكل الذين كتبوا هذه المذكرة (ربّاهم) بيديه، والذي حصل حصل.
{ هناك من يقول إن أزمة دارفور هي إفراز لصراعات الإسلاميين على السلطة، ما مدى صحة هذا الكلام؟
- أنا لا أقول إن صراعات الإسلاميين لم تؤثر على أزمة دارفور، ولكن اتفاقية نيفاشا وما حصل عليه الجنوب هي السبب الأساسي في تفجر الأزمة وصدقني، خليل إبراهيم شخصية نعرفها، قيادي مميز عنده أخلاق وعنده دين، لا يوجد سبب يجعل الرئيس البشير يكون بعيداً عنه، أنا شخصياً على استعداد لأن أحضر خليل في أي مكان يريده، اكتب هذا الكلام على لساني، أنا مستعد أن أحضر خليل إبراهيم لمقابلة السيد الرئيس.
{ كيف تنظر إلى مستقبل السودان في ظل هذه الظروف؟
- أنا لا أريد أن أقول لك إنني متشائم، أنا غير متفائل، إذا لم تحل مشكلة دارفور، إذا لم يقد السيد الرئيس بنفسه حوار دارفور، خليل إبراهيم من الأبناء المقربين للسيد الرئيس، والبشير له من الحنكة ما يمكنه خلال أسابيع من امتصاص أزمة دارفور، فلماذا لا يقود السيد الرئيس بنفسه ملف دارفور؟ أنا لا أشكك في قدرة الأخ غازي صلاح الدين فهو على درجة من العمل والكسب، الآن قضية الجنوب أوصلتنا إلى ما أوصلتنا إليه فربما نمسي ونصبح على دولة منشطرة وهذه كارثة، وإذا انشق الجنوب تكون هذه واحدة من أكبر سوآت الإنقاذ التاريخية، تسلمت وطناً موحداً وسلمته مفككاً، يجب أن تعمل الدولة على إدارة حوار قوي للحفاظ على وحدة السودان التي قدمنا من أجلها آلاف الشهداء.
{ هناك زيارة شهيرة من البشير لك في دار المايقوما. لماذا تأخرت تلك الزيارة؟ وهل صحيح أن هناك من حالوا بين الرئيس البشير وما تقومون به عبر منظمة أنا السودان؟
- الرئيس البشير يحمل قلباً رحيماً، وقال لي (أنا ما ندمان على شيء إلا أنني بعد عشرين عاماً بجيء أزور دار المايقوما)، وحقيقة زيارة الرئيس البشير إلى المايقوما هناك قيادات كثيرة وقفت ضدها، والبعض منهم كان يقول، كيف للجميعابي أن يأخذ الرئيس إلى مكان يمكن أن يسيء إليه؟ البشير قال سوف آتي ولا تستجب لهم. جاء وبكى وتألم ودعا وتحدث ودعم، ولكن الحسد والمرض والغيرة، كانت تريد أن تمحو آثار الزيارة، وأخرج الرئيس مرسوماً لكل ولايات السودان لتمكين المنظمة من رعاية هذه الشريحة الضعيفة، وأول جهة ردت له هذا الطلب كانت وزيرة الشؤون الاجتماعية، مجرد أن تسلمت توجيه السيد الرئيس قالت إنها وجدت أنا السودان صوتها أعلى من الوزارة، وحدثتني بأنها سوف تخفض رأسنا وتعلي اسم الوزارة، وقد فعلتها وهي وزيرة، والآن الأطفال يموتون كما يموت الذباب، ويفتقدون كل العناية ولكن (سيد الزبدة لو قال أشووها يشووها) فهذه هي الحكومة، وهذا هو والي الخرطوم وحكومته.
{ أميرة الفاضل لوحدها أم أن هناك جهات تقف خلفها؟
- بالتأكيد لم تتحرك لوحدها.
{ شكراً الدكتور الجميعابي.
- شكراً ل (الأهرام اليوم) وفقكم الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.