ما يدعو إلى الاستغراب هو استنكار واستهجان الكثيرين لإعلان الوالي كرم الله عباس رغبته في التطبيع مع إسرائيل من وجهة نظر تخصه هو، ثمّ تجريمه وتخوينه من البعض.. ثم تبرأ منه حزبه بل دعا إلى ما يشبه تقصي الحقائق حول ما قاله كرم الله الذي هو من مدرسة في المؤتمر الوطني تدعو إلى التطبيع، في حين أن رغبة حزب كرم الله كانت أقدم من رغبة كرم الله في التطبيع مع إسرائيل إلا انها لم تتحقق.. فلماذا صمت هؤلاء عندما سربت وثائق ويكيليكس عرض السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل على لسان سفير خارجيته الأسبق مصطفى عثمان، بل حسب الوثيقة فحكومة السودان تتطلع إلى وساطة أمريكا للتطبيع مع إسرائيل وفق شروط.. وويكيليكس لم يُكذبه أحد في كل المستندات التي كشفت حكومات العالم الثالث ولم يُكذبه أحد فيما هو أخطر من التطبيع مع إسرائيل فلماذا صدق ويكيليكس هناك وكذب هنا، وما جاء بخصوص السودان كله لم يُكذب إلا جزئية التطبيع مع إسرائيل وكذبها مصطفى عثمان نفسه،، ما يعني أن كل ما قيل صحيح.. لم يحدث مجرد مطالبة بالتحقيق حول ما قيل وحول موقف الدولة من القضية الفلسطينية في ظل رغبتها التطبيع مع إسرائيل، فقضية التطبيع مع إسرائيل تسير ضد التوجه العام والخاص، على الأقل ظاهرياً، لكن عندما أعلنها كرم الله فتحت عليه النيران. في تصريحات سابقة لبعض قادة حزب النور "السلفي" الفائز في الإنتخابات البرلمانية في مصر والذي جعل الدهشة تتضاعف أضعافاً في الشارع المصري والعربي.. قال قيادي منهم عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن حزب النور السلفي سيلتزم باحترام معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل،ثم لم يكتف بهذا الإلتزام،بل رحب بكل السواح القادمين إلى مصر بما فيهم سواح إسرائيل،ثم دلف مباشرة إلي طاولة مفاوضات عريضة مع الدولة التي تهدد الأمن القومي العربي، وقال: إن حزبه السلفي لا يمانع في الجلوس مع إسرائيل في طاولة مفاوضات بشروط مسبقة وحتى لو لم تكن بشروط فلا فرق كبير، ما دام المبدأ متوفراً.. السفير الإسرائيلي بالقاهرة وعقب تلك التصريحات السلفية عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي قال: إنه تلقى توجيهات رسمية من قيادة دولته لفتح حوار مع الأحزاب الإسلامية في مصر، والذي حدث أن حزب النور نفى فقط مسألة التفاوض ولم يتطرق إلى نكران التزام حزبه بمعاهدة السلام.. هذا هو حزب النور السلفي.. إذن قد يكون هذا تغييراً يطرأ على كل العالم، مثل هذه الأحاديث يُمكن أن تعتبر مؤشراً لإعادة ترتيب الأوراق بصورة أكثر مما هو متوقع، ربما لن تصبح مسألة التطبيع مع إسرائيل تمثل خيانة، ما دامت الحكومات ذاتها راغبة في ذلك لكنها تخشى الإعلان. التيار