أعربت إيران للإمارات العربية المتحدة عن "صداقتها وأخويتها" وواصلت استفزازها بكل استكبار، مطالبة في نفس الوقت بمباحثات من أجل توضيح "سوء الفهم" حول الزيارة التي قام بها رئيسها إلى إحدى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة والتي تقول طهران أن سيادتها عليها "غير قابلة للتفاوض". فقد طالب أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، ب"مباحثات مع دولة الإمارات من أجل توضيح سوء الفهم"، محذّرا المسؤولين في الإمارات من "ترديد نغمة النظام الصهيوني". ونقلت عنه وكالة أنباء فارس وقناة إيران الدولية القول بأن "المسئولين الإماراتيين يبدو أنهم يسيئون استخدام صداقة إيران وأخوتها. فعليهم أن يعتذروا إلى إيران (...) وإذا كانت لديهم أي اعتراضات، يمكنهم أن ينقلوا اعتراضاتهم بأدب إلى الحكومة الإيرانية من خلال القنوات الدبلوماسية". مصطلح إيراني بامتياز وأضاف رضائي مهددا بنبرة تتسم بالاستعلاء والاستكبار بأنه "إذا ظنوا أن إيران أصبحت ضعيفة، فهم مخطئون. فاليوم إيران قوية للغاية وسوف تسحق أي عمل عدائي". ولطالما رفع القادة الإيرانيون من سياسيين وعسكريين منذ قيام الثورة الإسلامية سنة 1979 راية محاربة "الاستكبار العالمي"، ممثلا في الغرب بشكل عام والولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه الخصوص. ومن مصطلحاتهم أيضا "المستضعفون" و"الطواغيت" و"الشيطان الأكبر". وشدد وزير الدفاع، العميد أحمد وحيدي، على "إستعداد القوات المسلحة الإيرانية لمواجهة أي تهديد من العدو" وأن "إيران لن تسمح للقوات الأجنبية بتقويض أمن منطقة الخليج الفارسي". وأضاف وحيدي في إشارة إلى الخطة الأميركية بإقامة درع صاروخي في الخليج، أن "المؤامرات الأمريكية-الصهيونية مثل نشر نظام الدرع الصاروخي في الخليج الفارسي سيضر بالأمن في المنطقة وسيوفر الأمن للنظام الصهيوني غير الشرعي"، مضيفا أن "واشنطن تسعى بشدة من أجل تصوير إيران كتهديد لدول المنطقة، خاصة الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي، لكن العديد من القادة العرب يؤكدون على أنهم لا يرون في إيران تهديدا لهم". وتعددت التصريحات الإيرانية النارية منذ جولة الرئيس محمود احمدي نجاد الرسمية في أبو موسى في وقت سابق من الأسبوع الجاري، والذي دفعت بالإمارات إلى استدعاء سفيرها من طهران وبتقديم رسالة احتجاج إلى الأممالمتحدة تدين فيها هذه "الزيارة الاستفزازية". فوصف حسين أمير عبداللهيان، نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، الزيارة بأنها "شأن داخلي جاءت في إطار جولاته في الأقاليم". وشدد علاء الدين بوروجردي، البرلماني الإيراني، على أن "الجزيرة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية وان ملكيتها لا يمكن أبدا أن تكون موضع نقاش". وأضاف أن "الضجة الدعائية التي أثارتها الجامعة العربية والإمارات العربية المتحدة تتماشى مع السياسة البريطانية. فمنذ وجود بريطانيا في الشرق الأوسط، دأبت على بذر الخلافات بين الدول المداورة في المنطقة". وكان من آخر من أفتى في مشروعية الزيارة عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الاسلامي، حسين نقوي حسيني، الذي أعلن بأن البرلمان سيناقش موضوع خفض العلاقات مع الامارات وسيعلن عن مواقفه بهذا الشأن. وشدد حسيني على "ضرورة اعادة النظر في نوع العلاقات مع الامارات". وقال "ان القسم الاعظم من الاقتصاد الاماراتي مرتبط بالاقتصاد الايراني، واذا اعدنا النظر في حجم التبادل الاقتصادي، فلا شك ستواجه هذه الدولة ازمة اقتصادية". قطع شريان النقد لأيران يبدو أن حسيني قد تناسى أن الاقتصاد الإيراني هو الذي تضرر بفعل التزام الإمارات بتطبيق القرارات الصادرة عن المجتمع الدولي فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران بسبب نشاطاتها النووية. فالإمارات برزت كأهم جبهة في الحملة التي يشنها المجتمع الدولي ضد إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وقد توقفت غالبية بنوك الإمارات عن التعامل مع إيران منذ فرض العقوبات على إيران. وتبلغ قيمة السلع التي تصل إيران من الإمارات حوالي 20 مليار دولار سنويا أي ثلث واردات ايران. ويكفي التذكير بأن العقوبات وجهت ضربة إلى علاقات إمارة دبي التجارية التي كانت مزدهرة مع إيران. فقد تراجعت قيمة المبادلات السنوية خلال السنوات الأخيرة من 15 مليار دولار إلى حوالي 7 مليار دولار، كما أن 600 شركة تجارية على الأقل أغلقت أبوبها في دبي، كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في مارس الماضي. وعلى سبيل المثال، تسبب وقف العمليات المصرفية التي كان يقوم بها "بنك نور الإسلامي" في دبي الذي كان ينقل أرباح صفقات النفط إلى طهران عن طريق كيانات، من بينها بنك "صادرات" وبنك "ملي، فرضت الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوربي عقوبات ضدها في خسارة إيرادات كانت تجنيها إيران تقدر بأكثر من 80 مليار دولار في السنة، بحسب نفس الصحيفة. وفي الأسبوع الذي أعقب وقف "بنك نور الإسلامي" لهذه المعاملات، منتصف شهر ديسمبر الماضي، هبطت قيمة الريال الإيراني بحوالي 12 في المائة أمام الدولار في أسواق العملات. ونضبت تجارة العملة، بعد أن لجأ العديد من الإيرانيين إلى العملة الاجنبية أو الذهب من خلال صفقات في السوق السوداء، وواصل الريال سقوطه. وتشير التقارير الغربية أن الحكومة الإماراتية شددت إجراءات تسليم التأشيرات للمواطنين الإيرانيين كما قام البنك المركزي الإماراتي بالحد من خطابات الاعتماد التي تصدرها المصارف الإماراتية للشركات الإيرانية.