وعد محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين الجديد لانتخابات الرئاسة في مصر السبت بأن يدير البلاد من خلال حكومة ائتلافية وأن يعمل على تحقيق الاستقرار في البلاد بعد اضطراب سياسي مستمر منذ أكثر من عام. وانتقل مرسي إلى خط المواجهة في السباق بعد أن رفضت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة قبول ترشيح خيرت الشاطر المرشح المفضل لدى الجماعة. وقال مرسي (59 عاما) وهو رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين إنه سيسعى لضمان الفوز بأصوات السلفيين بعد أن أستبعدت اللجنة العليا أيضا حازم أبو إسماعيل المرشح السلفي لكنه وعد بأن يكون رئيسا لكل المصريين. ويحاول المهندس الذي يجيد الحديث بهدوء اكتساب شعبية بعد منع الشاطر رجل الأعمال الملياردير والمخطط الاستراتيجي للجماعة من خوض الانتخابات لإدانته في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عندما كانت الإخوان المسلمون جماعة محظورة. وستساعد قواعد الإخوان المسلمين مرسي ولكن منافسيه من المرشحين الإسلاميين والمرشحين الليبراليين الذين شغلوا مناصب في عهد مبارك بدأوا حملتهم منذ فترة أطول ويمكنهم التفاخر بأنهم أكثر شهرة من مرسي. ويتعين على مرسي أيضا أن يثبت أن المرشح الاحتياطي للإخوان لديه القوة ليقود مصر أكبر الدول العربية سكانا بعد فترة انتقال مضطربة أدار خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد منذ الاطاحة بمبارك قبل 14 شهرا. وقال مرسي "كلمة الاحتياطي انتهت...الآن المؤسسة جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لديهم مرشح ببرنامج واضح في هذه الانتخابات ..إن شاء الله يختار الشعب المرشح الإسلامي لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين إللي 'الذي' هو أنا وإن شاء الله تكون منظومة نحو الاستقرار والتنمية". وانتخابات الرئاسة هي المرحلة الأخيرة في انتقال البلاد للحكم المدني. وقال الجيش إنه سيسلم السلطة بحلول أول يوليو/تموز ولكن من المتوقع أن يظل الجيش الذي خرج من صفوفه رئيس مصر طوال ستة عقود ولديه مصالح اقتصادية ضخمة لاعبا قويا من وراء الكواليس لسنوات. وتجري مراقبة نتيجة انتخابات الرئاسة عن كثب في المنطقة حيث تضطلع مصر منذ فترة طويلة بدور مؤثر وفي الغرب الذي يشعر بقلق من صعود الإسلاميين في أول دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل في عام 1979 . وردا على سؤال عن العلاقة مع إسرائيل قال مرسي في المؤتمر الصحفي "رئيس مصر القادم لا يمكن أن يكون مثل سابقه.. لا يمكن أن يكون تابعا منفذا لسياسة توضع له من الخارج" في إشارة إلى مبارك الذي كان ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره رئيسا يخدم المصالح الأميركية. وقال أحد المساعدين إن مرسي ملتزم بتعهد الإخوان المسلمين بالحفاظ على المعاهدات الدولية في إشارة إلى معاهدة السلام. ولكن المساعد قال إن مرسي لن يجتمع مع مسؤولين إسرائيليين عندما يصبح رئيسا ولكن وزير خارجيته سيجتمع. وتعهد مرسي في تأكيد لموقف حزبه الذي يهيمن على البرلمان بأن يتواصل مع جميع القوى وبأن يحكم من خلال حكومة ائتلافية. وقال مرسي للصحفيين "حكومة ائتلافية بقيادة حزب الأغلبية هي التي ستحقق إرادة الشعب". وظهر التناقض جليا بين سلوك مرسي الأكثر تواضعا وبين الأداء القوي للشاطر الأكثرة حدة عندما كان يتحدث للصحفيين. وتميز المؤتمر الصحفي الأول للشاطر بلقطات فيديو مصممة بعناية وموسيقى وغابت هذه المشاهد عن المؤتمر الصحفي الذي عقده مرسي السبت. ورغم تعهد الإخوان المسلمين بأن يشكلوا حكومة تضم القوى المختلفة إلا أنها تتعرض لاتهامات من منافسيهم الليبراليين وغيرهم بالسعي للاستحواذ على السلطة من خلال السيطرة على جمعية تأسيسية لوضع الدستور مما دفع منافسيهم للانسحاب قبل تعليق أعمال اللجنة بحكم قضائي. كذلك تراجع الإخوان عن تعهد سابق بعدم التقدم بمرشح للرئاسة. ويثير المنافسون كذلك تساؤلات حول استقلالية مرشح الإخوان قائلين إنه سيتلقى أوامر من المرشد العام للجماعة وإن ترشيحه سيدفع مصر في اتجاه الدولة الدينية. ويرفض مرسي هذه الاتهامات قائلا "لا مجال للحديث عن قرارات تملى من خارج مؤسسة الرئاسة". ومنافسو مرسي الرئيسيون في الانتخابات عمرو موسى وهو وزير خارجية سابق في عهد مبارك وأحمد شفيق الذي عينه مبارك رئيسا للوزراء في الأيام الأخيرة لحكمه وهو قائد سابق للقوات الجوية ووزير سابق للطيران المدني وعبدالمنعم أبوالفتوح وهو إسلامي معتدل تم فصله من الإخوان بعد أن أعلن خوضه انتخابات الرئاسة ضد رغبة الجماعة. وجرى تقليص التنافس على الرئاسة بعد استبعاد أبو اسماعيل المرشح السلفي. وقال مرسي إنه سيسعى للفوز بأصوات السلفيين. ومضى يقول "أصوات السلفيين وأصوات أعضاء حزب النور طبعا مستهدفة كباقي أصوات الشعب المصري". وأضاف أن الإخوان ينسقون مع شخصيات من حزب النور والجمعيات السلفية لكنهم لم يعلنوا بعد عن المرشح الذي سيدعمونه في انتخابات الرئاسة. وستكون الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس القادم مع الجيش تحت المجهر في الداخل والخارج. وأثار الجيش احتجاجات عنيفة العام الماضي عندما قدمت حكومته مقترحات للدستور الجديد تمنح الجيش حصانة دائمة من الرقابة المدنية. وقال مرسي إن أحدا لن يكون فوق الدستور لكنه لم يوضح رؤيته لوضع الجيش. وقال إن البرلمان سيراقب ميزانية الجيش ولكن ستكون هناك ضرورة للسرية في مجالات بعينها. وأضاف أيضا أنه سيتشاور مع الجيش عند اختيار وزير الدفاع في حكومة جديدة. وعارض الإخوان المسلمون الاقتراحات التي قدمها الجيش للدستور الجديد لكنهم أصبحوا أقل ميلا للمواجهة والصدام. ويقول محللون إن الجماعة تريد أن تتجنب صراعا قد يضر بالمكتسبات السياسية التي حققتها بعد سنوات من القمع في عهد مبارك. وانتخب مرسي عضوا في البرلمان لفترة واحدة في عام 2000 عندما خاض الانتخابات مستقلا للالتفاف على حظر على الجماعة لكنه خسر المقعد في انتخابات عام 2005 التي اعتبرت مزورة على نطاق واسع. وأصبحت الجماعة الآن بفضل المكاسب التي حققتها أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى منذ تأسيسها قبل 84 عاما.