زهرة مرعي: ميكايللا لا تشبه غيرها من الفنانات كل ما يشغلها فنها والتمارين التي تجريها لتؤكد نجاح حفلاتها الكثيرة. لكنها تؤكد أن التحدي الأكبر الذي يواجهه كل إنسان وبخاصة الفنان هو في الزمن الذي يركض ولا ينتظر أحد. في أمنيات ميكايللا أن يبتعد الغناء العربي ولو قليلاً عن اللون العاطفي، وأن يتجه لمعالجة قضايا الإنسان. وهي بصدد البحث عن أغنيات من هذا النوع لدى زياد الرحباني. معها كان هذا الحوار؟ *تألقت قبل أيام في حفل عيد الفصح كما كتبت الصحف؟ * الحمدلله كان حفلاً موفقاً إلى جانب الزميل الفنان أيمن زبيب، وقد غنيت فيه العديد من أغنياتي، إلى جانب أغنيات غربية وشرقية يحبها ويطلبها الجمهور. *نعرف أنك تقدمين الكثير من الحفلات في العراق ما الذي يربطك بالشعب العراق؟ * هذا صحيح. وكانت آخر حفلاتي الناجحة جداً حفل بمناسبة عيد الأمهات في بغداد. كذلك أزور أربيل أكثر من أربع أو خمس مرّات في السنة لإحياء الحفلات هناك. الجمهور العراقي راقٍ جداً ومميز. *ما هي مميزات هذا الجمهور؟ * هو شعب يتميز بثقافة موسيقية كبيرة. يطلبون مني أغنيات لا أعرفها الأمر الذي يصيبني بالخجل. يعرفون أغنيات البدايات للسيدة فيروز وأنا أجهلها الأمر الذي يحرجني. وقد أجد مخرجاً لهذا الحرج بالاعتذار بأنه لم يتم إعداد هذه الأغنية أو تلك مع الفرقة الموسيقية. كذلك يحب الشعب العراقي الدبكة وبخاصة على وقع أغنيات سميرة توفيق. *وهذا يوحي لك بضرورة غناء اللهجة البيضاء التي أدتها سميرة توفيق؟ * في جعبتي أغنية من هذا اللون من ألحان هيثم زيّاد وكلمات يوسف سليمان وتوزيع ريمون حاج وعنوانها 'قلنا السلامة'. لكني أخشى من تسويقها في هذا الوضع السياسي القائم في الدول العربية. ربما أسوقها على طريقة خطوة خطوة كأن تكون في الإذاعات أولاً، ومن ثم يصار لتصويرها فيديو كليب. *قبل عام كانت لك أغنية بحلم أليس كثيراً أن يبتعد الفنان لسنة عن أي جديد؟ * ليس باليد حيلة في ظل هذه الأوضاع. ما من بلد مستقر. لكني دائمة الإيمان بأن الغد أفضل من اليوم. *تواجهين تحديات إذاً؟ * التحدي الأساس هو مع الوقت الذي يركض ولا ينتظر أحداً. هناك الكثير من الفنانين، والمطلوب من الفنان المثابرة، الصبر والتفاؤل. كل هذا في ظل وضع أمني يؤخر العمل الجديد. الحمدلله عملي جيد. أقدم حفلين أسبوعياً من خلال عقدي عمل، وبينهما لي سفر أسبوعي إلى الخارج، ومع ذلك يبقى القلق والتوجس سائدين في حياتي. *ألا يشجعك الفنانون الذين لا يتأثرون بالأوضاع بالنسبة لجديدهم؟ * ولأني أحاول التمثل بمن لديهم قلب قوي قلت بأني أفكر بأن أباشر بعرض الأغنية عبر عدد من الإذاعات أولاً. وهذا سيكون على سبيل جس النبض. وفي الأساس تم إطلاق هذه الأغنية من خلال قناة السومرية العراقية. * ماذا حققت في المرحلة الماضية من عمرك الفني؟ * الحمدلله على كل خير قدمه لي. أنا فرحة ومرتاحة جداً بما حققته من أحلام، ومن أسفار قدمتني للكثير من الناس، وعرفتني على الكثير منهم. وقفت على الكثير من المسارح المهمة، ولم تبق شاشة تلفزيونية لم أظهر عليها. والأهم في هذه المسيرة أني أقوم بها وحيدة بالتعاون مع مدير أعمالي مصطفى مطر وبدون شركة إنتاج. لقد أثبت ذاتي وصرت من بين الأكثر طلباً للحفلات. هذا جيد قياساً لي، والخير على الطريق. *هل لأن روحك إيجابية يقابلك ما هو إيجابي؟ * صحيح أني أتعامل مع الواقع بروح إيجابية، لكن يد واحدة لا تصفق. هو جهدي وجهد مصطفى مطر وإدارة أعماله الممتازة جداً. نحن معاً نعمل وبيد واحدة. ونحصد النجاح. *صُنفت أغنيتك الأخيرة 'بحلم' بأنها جريئة كيف هو الصدى في غنائها على خشبة المسرح؟ * الجمهور لا يصاب بالصدمة منها وهو يطلبها ولا يرى فيها ما هو غلط. الناس لا يركزون على الكلمات بل هم يتقبلون الأغنية بالروح الإيجابية التي أقدمها فيها. وكذلك هم يتلقفونها برومنسيتها الجميلة. الأغنية في كلمتها ولحنها وأدائها وصلت كرسالة كما يجب ولم تذهب باتجاهات أخرى. التوقف عند هذه الأغنية كان من قبل الصحافة، ولزمن قصير ثم 'مشي الحال'. *وهل يشجعك هذا لتكون لك أغنيات أخرى تتميز بالإنفتاح والجرأة؟ * لست في بحث عن هذا النوع من الغناء. أبحث عن شعر يتلاءم مع اللحن. وعن شعر له معنى ولم يطرق من قبل. لست من النوع الذي يبحث عن صف كلام موزون بعيداً عن الصور والخيال، بحيث لا يشعر أحدنا مطلقاً بنكهة الأغنية. فإن تلقيت كلاماً يحمل معاني غير مطروقة، وفيه بعض الجرأة لما لا؟ * كامرأة هل من رسالة معينة ترغبين بتقديمها من خلال غنائك؟ * كل ما أتمناه وأرغبه أن تحيد الأغنية العربية عن موضوعات الحب والوطن. في الأغنيات الغربية نسمعهم يعالجون موضوعات الشباب والمستقبل وبخاصة العمل. هم في أغنياتهم يعالجون حال السياسة والمجتمع بروح نقدية. قد نسمع أغنية عن عقدة نفسية وتربوية تسبب بها الأهل لأبنائهم. نحن لا نحيد عن الموضوع العاطفي. وهنا أسأل هل نحب بشكل مختلف عن بقية الشعوب؟ أم نحن مجتمعات مكبوتة؟ كمغنية أخشى إن غنيت غير الحب أن أصاب بالفشل ولا يقبلني الجمهور. *سيد درويش عالج في أغنيته قضايا المجتمع وفي عصرنا يتابع الطريق الفنان زياد الرحباني؟ * صحيح لكن هذا الغناء يشكل نسبة ضئيلة قياساً للغناء العاطفي. في حفلاتي أردد بعض أغنيات زياد الرحباني. كما قدمت معه عدة حفلات في قصر الأونيسكو في بيروت، وكنت على اتفاق معه للغناء من كلماته وألحانه، لكنه انشغل بأسطوانة السيدة فيروز. أنا في سعي للحن وأكثر من زياد الرحباني في حال هدأت الأحوال السياسية والأمنية. *هل أنت في منافسة مع بعض الزميلات؟ * بشكل عام لست من النوع الذي يشغل نفسه بالثرثرة بين الزملاء. ما أختلف فيه عن غيري أني لا أنظر إلى الفن كعمل وبيزنس. الفن بالنسبة لي حياتي. من ينظر للفن كبزنيس يبحث في كيفية 'شفط' حفل من هذا أو ذاك. وهذا النسق من التفكير بالمنافسة و'التشليح' يلهي عن التمارين وعن الإبتكار في الفن. *لديك سلامك الخاص؟ * طبعاً. كما أني بعيدة كل البعد عن الحياة التي يعيشها الفنانون بشكل عام. حتى أني لم أشعر يوماً بضرورة تحقيق الشهرة. ولم تكن الشهرة هاجسي للحظة. أعيش اكتفاءً والحمدلله. وبالكاد أستطيع تلبية كافة الحفلات التي تُطلب مني أسبوعياً. أحقق كل هذا النجاح بدون بروباغندا إعلامية وبدون 'طنة ورنة'. دائماً يضع ربنا الناس الجيدين في طريقي. *هل لديك لقاءات وصداقات مع الفنانين والفنانات؟ * كان لقاء مع سعود أبو سلطان حين أنجزنا الديو معاً. لكني لا أتقصد لقاء أي فنان. لدي أصدقاء من الملحنين والشعراء والصحافيين، وكذلك من العازفين الموسيقيين. وفي أحيان تجمعنا سهرات نغني خلالها ما هو جميل جداً. القدس العربي