تونس - نفى تقرير صادر عن اللجنة الوطنية التونسية لاستقصاء الحقائق في التجاوزات والانتهاكات المسجلة انطلاقا من 17 كانون أول/ديسمبر 2010 ، تاريخ اندلاع الثورة التونسية ، وجود جهاز "قناصة" في المؤسسة الأمنية ، لكنه أكد في المقابل وجود عمليات إطلاق نار متعمدة من جانب رماة مهرة . وأكد التقرير ، الذي طالما انتظره التونسيون ، أنه لا وجود لجهاز خاص بالمؤسسة الأمنية التونسية يسمى ب"القناصة" ، ولكن هناك عدة عناصر من الوحدات الأمنية كانت اتخذت عدة مواقع فوق الأسطح والبنايات العالية وقامت بتوجيه طلقات نارية باتجاه المتظاهرين في أماكن قاتلة (الرأس والقلب والصدر والظهر). وقال تقرير اللجنة ، التي بدأت عملها منذ شهر شباط/فبراير 2011 ، إن عدم وجود جهاز خاص اسمه "القناصة" لا يعني عدم وجود عمليات قنص قامت بها وحدات أمنية. وأوضح التقرير ، الذي وصل وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نسخة منه ، إن التحريات التي قام بها أعضاء اللجنة كشفت عن وجود مؤشرات تدل بشكل قاطع أن العديد من الضحايا تم قتلهم أو إصابتهم من قبل عناصر تتمتع بمهارة فائقة في الرماية وأن هؤلاء اتخذوا مواقع واستعملوا أسلحة للقيام بذلك. وأضاف: "إن انتشار بعض القوات الخاصة من الأمن والجيش وبروزهم بأزياء وأسلحة خاصة بعد 14 كانون الثاني/يناير ، تاريخ فرار الرئيس (التونسي) المخلوع (زين العابدين بن علي) كان بهدف تأمين بعض المقرات الحساسة وتنفيذا لخطة أمنية مسبقة الوضع ولا علاقة لها بموضوع القناصة". وأوضح أن "إطلاق النار الذي حصل في بعض الحالات كان ناتجا عن عدم تنسيق وارتباك بسبب كثرة الإشاعات ونداءات الإغاثة". وفضلا عن حالات القمع الأمني والمداهمات وعمليات القتل بالرصاص التي رافقت أحداث الثورة ، أفاد التقرير أيضا بتعرض العديد من النساء الحوامل إلى مضاعفات حادة بسبب استنشاقهن للغاز المسيل للدموع الذي استخدم بشكل مكثف لتفريق الاحتجاجات مما تسبب في سقوط أجنتهن وإصابتهن بحالات اكتئاب حادة. وذكر التقرير أن تواتر بعض المعلومات والأنباء في ذروة الاحتجاجات يوم 14 كانون ثان/يناير 2011 شكل عاملا حاسما في فرار بن علي ، مثل تحليق مروحيات عسكرية فوق القصر الرئاسي واقتراب زورقين من مرسى القصر المطل على البحر ووجود معلومات حول قدوم مظاهرة ضخمة تضم 500 ألف محتج باتجاه القصر. وقال التقرير إن مخاطر أمنية كارثية كانت تحدق بالبلاد ، "فمع انتشار أمهر الوحدات التابعة للجيش والأمن بين مطار تونسقرطاج الدولي والمطار العسكري بالثكنة العسكرية بالعوينة إلى جانب الحرس الرئاسي ووحدات من الحرس الوطني ، فإن خطر التصادم بين هذه الوحدات قائم في اللحظات الأخيرة التي أعقبت هروب بن علي ومحاولة فرار أصهاره من بعده". وحول الانفلات الكبير الذي حدث في السجون التونسية ، قال التقرير إن نحو عشرة آلاف سجين فروا من السجون بعد سقوط النظام ، لكنه لم يؤكد ما إذا كان ذلك مدبرا أم عفويا ، وقد طرح في ذلك فرضيتين ، إما أن يكون ذلك بفعل مؤامرة من قبل ضباط موالين للنظام السابق أو بسبب انتفاضة السجناء أنفسهم ضد ظروف الاعتقال. وسردت اللجنة في تقريرها ، الواقع على 652 صفحة مرفق بملحق يتكون من جداول وبيانات ، عدة أحداث حول انتهاكات وعمليات قنص استهدفت مواطنين لم يكونوا حتى طرفا في احتجاجات أو مظاهرات ، فضلا عن تفاصيل دقيقة لليوم الذي شهد سقوط النظام وانتشار الانفلات الأمني على مدى عدة أيام. كما تضمن التقرير كذلك توصيات اللجنة حول الإصلاحات المؤسساتية والتشريعية والإصلاح الإعلامي ومسار العدالة الانتقالية في تونس.