أكد متخصصون في علم الاجتماع أن الكذب يعد أحد أكثر الخصال كراهية، بالرغم من أنه أصبح سمة أساسية بين الأفراد تبعًا لمتغيرات الحياة الحديثة، مشيرين إلى أن الشخص الذي يكذب سواء كان رجلاً أو امرأة يقنع نفسه بأن كذبته بيضاء ليتهرب من تأنيب ضميره. وفي أحد المراكز المتخصصة في البحوث والدراسات بالولايات المتحدة تم اكتشاف أن الرجال أكثر قدرة على حبك الأكاذيب وصياغتها وكذلك اختيار التوقيت المناسب للكذب والطريقة التي تنطلي بها الكذبة فتصدق وبالطبع فإن ذلك مرتبط بمستوى الذكاء الذي يتمتع به صانع الأكاذيب. وتقول آلاء مختار، (35 سنة) "إن الكذب للأسف أصبح وجبة يومية، للحياة الزوجية حتى لو لم تستدعِ المشكلة الكذب، اما بالنسبة لي فلا أستطيع التعايش معها، خصوصًا أنه من المكن أن يصبح الكذب مقدمة للخيانة الزوجية والتي قد تهدم الأسرة وتشرد الأطفال". وترى كريمة فتوح، (43 عامًا، أنها تضطر إلى التسامح وغفران أي كذبة أو خطأ لزوجها لأنها لا تزال تحبه وهو لا يزال يحبها، وتضيف "ولكننى أخشى أن يأتي اليوم الذي لا أستطيع بعده تحمل تلك الأكاذيب"، وهي في نفس الوقت لا تستطيع مواجهته بذلك العيب الخطير لأنها تحترمه وتخاف من غضبه منها. أما إسراء عبد الجابر، (30 عامًا) فتؤكد أن للكذب ألوانًا ودرجات، فهناك الكذب الأبيض الذي لا نتوقف عنده كثيرًا، فكل ابن آدم خطاء، وهنا تلتمس لزوجها العذر، ولكن هناك من الكذب ما لا يجب أن يمر دون حساب، وإلا ستصبح الحياة الزوجية خدعة كبيرة، تنهار سريعًا دون أن نشعر. وتري هناء (49 عامًا) أن الكذب مذموم بكل ألوانه والدين لم يصرح به واعتبره خيانة بين الناس ومن يكذب في الأشياء الصغيرة، يستطيع بسهولة أن يكذب في الأمور الكبيرة، والكذب مبدأ لا يجب التهاون معه أو قبوله في رفيق الحياة ولا يجب أن ندع الفرصة للرجال أو النساء أن يبرروا الخطأ بخطأ أكبر وخاصة أن هذه العادة قد تنتقل إلى الأبناء ويشبون عليها وينقلونها بدورهم لأبنائهم ويشيع هذا المرض فى المجتمع ككل. ويرد على تلك الاتهامات محمد مرشد، (40 عامًا) بقوله إنه لا يكذب عن قصد، وإنما حبه الشديد لزوجته هو ما يدعوه إلى ذلك، ففي كثير من الأحيان، يضطر إلى الكذب عندما يشعر بأن الحقيقة سوف تغضب زوجته، كما أنه كثيرًا ما يضطر إلى الاعتراف بالحقيقة بين يديها، وهناك من الحالات ما لا يعتبره كذبًا بالأساس، وخصوصًا عندما يضطر إلى مدحها على طريقة طهيها للطعام أو لحسن تصرفها ابتغاء مرضاتها، حتى لو كان الطعام ليس جيدًا، أو كان تصرفها خائبًا. فى حين يقول رأفت عبد الودود، (35 عامًا) "إن معظم الرجال يكذبون إما لتجميل صورتهم وإما للخداع". وعن تجربته الشخصية فإنه يضطر إلى إخفاء بعض الأمور عن شريكة حياته، حتى يأتي الوقت المناسب لطرح المعلومة، ولكن الأقدار أحيانًا تسوق الحقيقة قبل أن يبلغها بها، وهنا يحدث سوء التفاهم، ويعتقد "محمد" أنه لا مانع من إخفاء بعض العيوب على زوجته. وعلى العكس تمامًا يرى مدحت فوزى، (44 عامًا) أن الرجال لا يعرفون الكذب ولكن كثيرًا ما تكون المرأة عصبية جدًا ومتسرعة في انفعالاتها فعليًا فلا يعرف متى ستغضب ومتى سترضى، أما المرأة- من وجهة نظره- فكثيرًا ما تكذب لتجميل صورتها أمام من تحب أو خوفًا منه، لكنه شخصيًا لا يحبذ الكذب على زوجته، قائلاً "قد تغفر لى خطئي لكنها لن تسامحني إذا عرفت أنني أكذب عليها. ويؤكد د.عبد الفتاح الشربينى، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة أن هناك أزواجًا يكذبون بشكل يومي وهم يفعلون ذلك اتقاء لغضبهن ورياح النكد التي قد تعصف باستقرار الأسرة كلها، وتطور الكذب لدى الرجال بمراحل لا تقوى المرأة على كشفها وحدها، فالأزواج بعدما عرفوا أن الكاذب لا يستطيع النظر إلى عين محدثه، أصبحوا يطيلون النظر في أعين زوجاتهم ولا يحيدون عنها كي لا يتركون وراءهم أدلة على الكذب أو حتى فرصة للشك. وقليل من الرجال من يعترف بأنه كذب على زوجته حتى تدور عجلة الحياة وإن كان ذلك يتطلب شجاعة كبيرة من الرجل لأنه بالتأكيد اعترافه هذا سوف تكون عليه عواقب وخيمة. أما د.إيمان عباس أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فتقول "إن الكذب يكون عادة من أجل الحصول على فائدة أو لإخفاء أشياء غير سارة عن الشريك الآخر، كما أن الكذب يعرف أيضًا بأنه ادعاء شيء أو أمر يخالف الواقع والحقيقة، ولا يمكن أن نعتبر الكذب سلوكًا شاذًا إلا إذا أصبح حالة مستديمة ومتواصلة ونمطًا ثابتًا في السلوك وأسلوبًا متبعًا في التعامل مع الآخرين، ثم يعتاد الشخص على اختلاق العذر الكاذب، وللكذب أشكال، منها المبالغة والاختلاق والتسامر وقلب الحقيقة والاتهام الباطل. وهو في كل حالاته قيمة مذمومة، وأكدت ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والإنسان ليس كذابًا بطبعه لكنه يكذب محاولاً تفادي موقف معين.(وكالة الصحافة العربية)