صلاح أحمد من لندن منذ صدور أحكام بالسجن تبلغ إجمالا 77 عاما بحق 9 مسلمين بريطانيين استغلوا قاصرات للجنس والاتجار بهنّ في مانشستر الكبرى، والجدل يدور حول هذه القضية. وبينما حاولت الحكومة استبعاد الجانب العنصري، فاجأت مثقفة مسلمة الجميع بقولها إنها قضية عرقية دينية في جوهرها. لندن: منذ إدانة عصابة من تسعة مسلمين آسويين، كلهم باكستانيون عدا واحدا، باغتصاب صبايا بيض واستعبادهن في تجارة الجنس، شغل بريطانيا جدل حول موضع الجالية الإسلامية في مجتمع ينتمي لعرق ودين وثقافة أخرى. وظل الملاحظ هو تشديد السلطات ممثلة في الشرطة ومكتب المدعي العام والمؤسسات الحكومية المعنية باستبعاد البعد العنصري والديني عن الجريمة. ولذا نشأت اتهامات في الجهة المقابلة، فقيل إن هذا التراخي يحدث بدافع الخوف من استعداء الجالية الإسلامية. لكن البارونة (سعيدة حسين) وارسي - وهي من صنّاع التاريخ كونها أول مسلمة تنال مقعدا في مجلس اللوردات ومقعدا وزاريا أيضا في حكومة البلاد إضافة الى رئاستها المشتركة «حزب المحافظين» - فاجأت المراقبين بقولها إن شريحة من الباكستانيين البريطانيين تعتبر نساء البيض حلالاً لهم لأنهن من عرق ودين مختلفين. وناشدت البارونة - وهي من أصل باكستاني وكانت تعمل بالمحاماة قبل تفرغها للسياسة - قادة الجالية الباكستانية خصوصا والإسلامية عموما «التصدي لأولئك الذين يعتبرون نساء البيض مواطنات من الدرجة الثالثة وعزلهم عن المجتمع الإسلامي». ومضت تقول إن هؤلاء الرجال «أصحاب عقليات تعتبر نساءهم المسلمات مواطنات من الدرجة الثانية، ولذا صار حريا بهم اعتبار إناث البيض مواطنات من الدرجة الثالثة». وكانت القضية التي أشعلت هذا الفتيل تتعلق بعصابة مسلمين آسيويين وجهت اليهم تهم استغلال قاصرات بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة من العمر لمتعتهم الجنسية وأيضا للاتجار بهن كمومسات. وتسنى لهم هذا لأن هؤلاء الصبايا ينتمين الى أسر فقيرة مشتتة ويغيب فيها الانضباط التربوي في مانشيستر الكبرى. فأغرقوهن في الهدايا الرخيصة، مثل الوجبات السريعة والكحول والمخدرات لأغراضهم تلك. وأدانتهم المحكمة وأصدرت في حقهم أحكاما بالسجن تتراواح بين 5 أعوام و19 وتبلغ في إجماليها 77 عاما. وقال القاضي يخاطبهم قبل نطقه بالأحكام إن الصبايا صرن ضحايا لهم بسبب لونهم ودينهم. وقال: «لو أنهن كن من جاليتكم ودينكم لما فعلتم بهن هذا». وأتى تصريح القاضي المباشر هذا في وجه تملّص الشرطة من البعد العرقي والديني في القضية. فقد قال مفوضها مرارا إنها لم تنطلق من هذه الزاوية وإنما كانت ستفعل الشيء نفسه لو أن أفراد العصابة كانوا أنفسهم من المسيحيين البيض. وعلى ضوء كل الاهتمام الذي اجتذبته القضية والمحاكمة، اضطرت هيئات إسلامية بريطانية الى إصدار بيانات الإدانة للمجرمين. ووجه محمد شفيق، المدير التنفيذي في «مؤسسة رمضان» وهي أكبر مؤسسات شباب المسلمين البريطانيين، اتهاما لاذعا الى الجالية الباكستانية «لإخفاقها المريع في كبح جماح ذلك النوع من الممارسات»، وأهاب بالشرطة التخلي عن نحفظاتها المتصلة بالعرق والدين عندما يتعلق الأمر بمكافحة الجريمة من أي ربوع أتت. لكن تصريح البارونة وارسي يعتبر ذا الثقل الأكبر على الإطلاق نظرا الى مكانتها العالية سواء لجهة المؤسسة البريطانية التقليدية وتيارها العام، أو لجهة الجالية الإسلامية التي يشوب العسر والضيق علاقاتها مع مجتمع مسيحي ديانةً وثقافة.