بنفس القدر الذي يحتفي فيه المجتمع البريطاني بنبذه العنصرية، فإن تيارا معاكسا يشق طريقه بلا أضواء إعلامية تكشف خبايا ما يدور فيه. لكن استطلاعا للرأي يكشف الآن وللمرة الأولى أن ثلث البريطانيين يعترفون بأنهم عنصريون، وبغض النظر عما يُقال في المحافل الرسمية. لندن: يعتقد المتابع للمنابر السياسية والإعلامية في بريطانيا أن البلاد تعتبر تعدديتها العرقية الواسعة بعرض الأفق ثروة قومية. لكن استطلاعاً للرأى ينسف هذا التصنيف الرسمي على الأقل، إذ أظهر أن واحدا من كل ثلاثة بريطانيين (بيض بالغين) يعترف صراحة بأنه «عنصري». وكان الاستطلاع، الذي شمل عينة من ألفي شخص سوادها الأعظم من أهل البلاد البيض، قد طلب الى المشاركين توخي الصراحة في مشاعرهم إزاء «الأجانب» المقيمين والعاملين في بلادهم. فأقر ثلثهم بأنهم يصدرون تعليقات عنصرية بانتظام و / أو أنهم غاليا ما يشاركون في مناقشات يعتبرها السامع المحايد عنصرية. وأظهر الاستطلاع أيضا أن أكثر من 10 في المائة من البريطانيين البيض اعترفوا بأن شخصا أبيض آخر قريبا منهم وصمهم بأنهم عنصريون وكان محقا في هذا الوصف. وفي هذا الاتجاه قال نحو 40 في المائة إنهم غالبا ما يبدأون مناقشة الأمر بعبارة «لست عنصريا ولكن...»! وهي كلمات تعني أن ما سيتبعها تعليق يقع في خانة العنصرية. ونقلت الصحف عن الباحثين قولهم إن من أخطر ما كشف عنه الاستطلاع الإحساس العام بأن ميولهم المعادية للأجانب إنما هي ورثة طبيعية من الأجيال السابقة. لكن ثمة اعتقادا ايضا أن مسألة الهجرة (أو ما يسميه المنتقدون سياسة «الباب المفتوح» أمام المهاجرين) تسببت في قفزة كبيرة للمشاعر العنصرية في الشارع البريطاني. فقد صارت سياسة الحكومة في هذا المجال محل انتقاد لاذع وسط المستطلعة آراؤهم، وعزا 71 في المائة منهم تنامي الشعور العام بالعداء نحو الأجانب الى ذلك «الباب المفتوح» مباشرة. وفي هذا الصدد قال واحد في كل ستة إن على البلاد سد المنافذ كلها أمام تدفق سائر الأجانب الوافدين. وقال 40 في المائة إنهم لا يمانعون في الهجرة ولكن على الحكومة وضع سقف لا يتم تجاوزه لعدد المهاجرين. وقال 20 في المائة على الأقل إنهم لا يشعرون بالضيق في حال سمعوا شخصا يذم اولئك المهاجرين ويلقي عليهم باللائمة في كل مشاكل المجتمع. ووصفت جماعة Hope Not Hate «الأمل وليس الكراهية»، الخيرية المعنيّة بترقية التناغم العرقي ومكافحة العنصرية في بريطانيا، نتائج الاستطلاع بأنها «مخيبة للآمال رغم أنها لا تأتي مفجئة أو صادمة. وهذا يعني أن أمامنا طريقا طويلا نحو محو التمييز الذي يسود وسط شرائح لا يستهان بها داخل المجتمع البريطاني». وقال ناطق باسم OnePoll «وان بول»، التي أجرت البحث، إن العامليْن الكبيرين الذين يسلط الاستطلاع الضوء عليهما هما التربية والهجرة. ومضى يقول: «لا شك في أن آراء الآباء والأجداد تؤثر بشكل مباشر على النظرة التي يلقيها الشخص على الأجنبي بغض النظر عن جنسيته ولون بشرته. والحال نفسه ينطبق على الإطار الثقافي الذي ينشأ فيه المرء فتتخذ اللغة التي يتحدث بها الشخص عن الأجنبي صبغتها من لونه». وفي ما يتعلق بالفئات العمرية فإن البريطانيين البيض فوق سن 55 هم أصحاب القدر الأكبر من مشاعر العداء نحو الأجانب تليهم بفارق ضئيل فئة 18 - 24 عاما. ولوحظ أن الأصغر سناً في كل من هاتين الفئتين هم الأكثر مغالاة في مشاعرهم العنصرية.