سيكون تشافي هرنانديز كالعادة القلب النابض لمنتخب إسبانيا الساعي إلى أن يكون أول من يتوج بثلاثية كأس أوروبا-كأس العالم-كأس أوروبا عندما يخوض غمار نهائيات بولندا وأوكرانيا. لا احد بإمكانه التشكيك بالدور الحيوي الذي يقوم به تشافي ان كان مع المنتخب الوطني أو فريقه برشلونة، ولا يمكن تحديد أهمية هذا اللاعب الفذ بتمريراته البسيطة والسلسة والمتقنة وحسب، بل الذكاء الذي يتمتع به ما يميزه كثيرا عن لاعبين آخرين وهو الذي ساهم في قيادة إسبانيا إلى لقب كأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964 وبرشلونة إلى الظفر بستة ألقاب خلال عام 2009 و20 لقبا منذ أن بدأ مشواره الاحترافي مع النادي الكاتالوني عام 2007. "إن انتصار إسبانيا مرده إلى تبنيها فلسفة تمرير الكرة، ولان لعبي يعتمد على هذه الفلسفة فقد نلت هذه الجائزة"، هذا ما قاله تشافي بعد اختياره أفضل لاعب في كأس أوروبا 2008 اثر قيادته منتخب بلاده للفوز على ألمانيا 1-صفر في النهائي. صناعة اللعب لا تسييره لكن لاعب الوسط الذي يقوم بصناعة الألعاب في صفوف برشلونة منذ أكثر من عقد من الزمن، ليس مجرد ممر جيد للكرة فحسب، فإلى جانب رؤيته الثاقبة وخياله في وسط الملعب، فان تشافي يبذل جهودا خارقة ولا يتردد بالواجب الدفاعي أيضا ويستطيع أن يشغل أي مركز في وسط الملعب، وهو قارئ جيد للعبة ويمتاز بتسديدات قوية ودائما ما يساهم بكثير من الأهداف لفريقه. يجيد تسديد الكرات الثابتة، ويستطيع التأثير كثيرا على زملائه كان في برشلونة أو في صفوف منتخب بلاده. وبعد أن تدرج في صفوف أكاديمية برشلونة في حقبة المدرب الهولندي الشهير يوهان كرويف وفريق الأحلام، سار تشافي على خطى الرجل الذي كان ملهما لذلك الفريق وهو مدربه في النادي الكاتالوني منذ 2008 بيب غوارديولا الذي قرر الرحيل عن النادي منذ أيام معدودة. في الواقع، تشافي هو الذي حل مكان غوارديولا المصاب موسم 1999-2000، وكان جاهزا للحلول مكانه بصورة دائمة عندما انتقل الأخير إلى الدوري الايطالي. ومنذ ذلك الحين، ومهما كانت هوية المدرب الذي اشرف على برشلونة، فان تشافي كان الاسم الأول على لائحته، ومهما كانت فلسفة مدرب برشلونة فانه لم يجد لاعبا مثل تشافي القادر بلمحة أن يمرر كرة متقنة باتجاه زميله أو الخروج من موقف حرج بفضل استحواذه الرائع على الكرة أو حتى رغبته في تأمين الحماية لرباعي خط الدفاع. البدايات انضم تشافي (32 عاما) إلى صفوف برشلونة منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره وبقي وفيا للفريق الكاتالوني وعلى الأرجح سيبقى في صفوفه حتى نهاية مسيرته بفضل الدور الذي يلعبه في صفوف أحد أعرق الأندية الأوروبية. أما على الصعيد الدولي وبعد أن قاد منتخب بلاده إلى الفوز بكأس العالم لدون 20 سنة عام 1999، والى مركز الوصيف في مسابقة كرة القدم لأولمبياد سيدني 2000، بدأ تشافي مشواره مع المنتخب الأول في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2000 ولم يغب عن أي بطولة كبرى شارك فيها منتخب بلاده. يعتبر تشافي محرك المنتخب الإسباني وهو قائد بامتياز ونادرا ما يخسر الكرة أو يقوم بتمريرة خاطئة. انه قائد اوركسترا خط الوسط ويملك قدرة مذهلة على قراءة اللعبة ويستطيع أن يفرض بصمته على مجرياتها. لعب تشافي دورا جوهريا في قيادة بلاده لتحقيق حلم الفوز بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، مؤكدا أن "لا فوريا روخا" تخلص من صفة المنتخب المرشح الذي يخيب آمال مناصريه في النهاية، وبأنه أصبح المنتخب القادر على الذهاب حتى النهاية كما فعل أيضا في 2008 عامين عندما توج بكأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964. ويتحدث تشافي عن نفسه قائلا: "إني مولع بالإبداع في كرة القدم، شأني في ذلك شأن كرويف. نحن نحب هذا النوع من كرة القدم الهجومية والجذابة والجميلة. عندما تربح بهذه الطريقة يكون الرضا مضاعفا". التكتيك والتمرير ويؤكد النجم المميز فلسفته الهجومية عندما تناول موضوع خسارة بلاده مباراتها الأولى في نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010 أمام سويسرا رغم سيطرتها المطلقة على مجريات اللقاء، قائلا: "لقد فازت سويسرا بأساليبها التكتيكية الخاصة والتي كانت تهدف إلى إبطال مفعول قوة إسبانيا الضاربة. كان التعادل ليكفيهم لكنهم تمكنوا من تحقيق الفوز. أنا لا اعرف ما يعنيه الفوز بهذه الطريقة لأني لم أجربه. دائما كنت ألعب من أجل الهجوم، وفلسفتي في كرة القدم واضحة ومحددة للغاية. لقد نشأت في برشلونة بهذا الأسلوب وهو الأسلوب الذي يعجبني. اعتقد أن الفوز بهذه الطريقة شيء جيد، فنحن نسعى لتحقيق النصر من الدقيقة الأولى في كل مباراة". من المؤكد أن تشافي يدرك تماما معنى الانتصار وأهميته وهو الذي تعج خزائنه بالكؤوس حيث توج مع برشلونة بلقب الدوري المحلي 6 مرات والكأس المحلية مرتين وكأس السوبر المحلية 5 مرات ودوري أبطال أوروبا ثلاث مرات وكأس السوبر الأوروبية مرتين وكأس العالم للأندية مرتين، إضافة إلى فوزه مع منتخب بلاده بكأس العالم لدون 20 عاما في 1999 عاما وكأس أوروبا و2008 وكأس العالم 2010. لقد مضى 10 أعوام و6 أشهر على أول ظهور لصانع الألعاب الكاتالوني في صفوف منتخب بلاده الذي كان يشرف عليه حينها خوسيه انتونيو كماتشو، وقد احتفل تشافي في 25 اذار/مارس الماضي أمام تشيكيا (2-1 في تصفيات كأس أوروبا) بخوضه مباراته المائة بقميص "لا فوريا روخا"، وهو يحتل حاليا (108 مباراة) المركز الثالث على لائحة اللاعبين الأكثر مشاركة مع المنتخب بعد الحارس الحالي ايكر كاسياس (129 مباراة) والسابق اندوني زوبيزاريتا (126)، متفوقا على راؤول غونزاليس (102). موعد الاعتزال وتعود مباراته الأولى مع المنتخب إلى 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 عندما قرر كاماتشو أن يمنحه الفرصة مع المنتخب الأول في مباراة ودية مع هولندا في مدينة إشبيلية، وهو لعب أمام "البرتقالي" الدقائق التسعين وشاءت الصدف أن يكون الأخير شاهدا أيضا على تتويجه العالمي بعد 10 أعوام في نهائي مونديال جنوب أفريقيا الذي جمع المنتخبين. وردا على سؤال حول مدى قدرته على مواصلة مسيرة العطاء والتألق بقميص "لا فوريا روخا"، قال تشافي مازحا: "لست ادري، ربما سأعتزل بعدما أخوض مائة مباراة أخرى! بإمكانهم أن يعولوا علي كلما احتاجوني. أنا مستعد للعب بكل فرح وسرور. لا أفكر سوى في البطولة الأوروبية في الوقت الراهن، لكن من يدري، فربما أتمكن من المشاركة في نهائيات مونديال البرازيل (2014) كذلك. سيكون ذلك رائعا، أليس كذلك؟".