تمثل زراعة النخيل عصب الحياه لمواطن الولاية الشمالية، باعتبارها الحرفة الرئيسة لاغلب السكان على ضفتي النيل، ويرتكز اقتصاد المنطقة عليها، حيث يعد بلح الولاية الشمالية التي تتمد على ضفاف النيل اكثر الانواع جودة، ويلعب كذلك دوراً مقدراً في المساهمة في دعم الاقتصاد القومي بالبلاد. ولعل طبيعة مناخ المنطقة هو ما جعل النخيل من اهم الاشجار بالمنطقة، حيث يقوم سكان المنطقة بزراعة النخيل ويولونه الرعاية بالسقاية والري والنظافة، ويتعاونون في حصاده في الموسم الاشهر عندهم باسم «موسم حش التمر». الا ان الحرائق المتكررة شكلت خطراً كارثياً يهدد الأمن الغذائي الاقتصادي لاهالي تلك المناطق، وهي صرخات ظل يطلقها الاهالي قبل أكثر من خمسة اعوام لعلهم يلفتون انتباه المسؤولين لمحصول يعد أساسياً ومن اهم وسائل الامن الغذائي الاقتصادي. أسامة سعيد من أبناء منطقة السكوت المحس يقول إن مناطقهم شهدت عدداً من وقائع الحريق التي تم تقييدها ضد مجهول بعد محاولات يائسة لمعرفة من اين تندلع هذه النيران التي ظلت تلتهم جزوع الاشجار تاركة اياها عبارة عن اعمدة سوداء ميتة، مما يتسبب في خسائر فادحة يصعب تعويضها لخمس سنوات أخرى. ومن أشهر المناطق المتضررة جزيرة نلوتى الواقعة بمحلية عبري محافظة وادي حلفا، حيث أدت الحرائق الى خسائر مادية وبيئية كبيرة بالجزيرة، كما تقول الإحصائيات التي أعدتها جمعية نلوتى الخيرية. يقول أحد أعضاء الجمعية الاستاذ حجازي حسن أحمد، ان الجمعية الخيرية لابناء منطقة نلوتي شعرت بضرورة القيام بمشروع من اجل وقف هذه الحرائق تحت شعار «معا من أجل نلوتي نمنع استمرار حرائق النخيل»، بعد أن وصلت نسبة الخسائر بحلول العام الحالي الى حوالى «4165» نخلة تحولت الى رماد، مشيرا الى ان فكرة المشروع الجوهرية اقامة معسكر طوعي لنظافة مخلفات النخيل بالجزيرة، بعد أن اتضح لهم أن الاوساخ هي السبب الرئيس في تفاقم هذه الحرائق، مبيناً أنهم وبعد أن تم جمع التبرعات من ابناء المنطقة الى جانب مساهمات رجال البر والاحسان والشركات والمؤسسات، بالاضافة الي حكومة الولاية الشمالية وابناء المنطقة المغتربين بالخارج، سينطلق المشروع في الخامس من يونيو وحتى العشرين، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من شجر النخيل، داعياً جميع أبناء المنطقة إلى التوجه معهم الى «نلوتى» لرد الجميل للمنطقة التي أنجبتهم واحتضنتهم وصنعت منهم رجالاً. ومن جهته طالب محمد صالح «مواطن» من أبناء جزيرة صاي بتجمع أبناء الجزيرة وتبني مشروع لإنقاذ النخيل أسوة بأبناء جزيرة نلوتى، مشيداً بتضافر جهود أبناء نلوتي الحادبين على أمر منطقتهم، لعل مثل هذه المحاولات من تجمعات اهالي المنطقة تحل ولو جزءاً يسيراً من أزمة أهلنا النوبيين، مبيناً أنه ومعه عدد من أبناء جزيرة صاي قاموا بزيارة المنطقة وغرسوا عدداً من شتلات النخيل أملاً في إعادة الحياة إلى منطقتهم بعد أن شهدت خسائر فادحة في الفترة الأخيرة . الصحافة