واشنطن: ذكرت شبكة الأخبار الأميركية "سي إن إن" أن الناشطة الأميركية تشارلي قررت إقامة حملة إعلامية مضادة لقرار المبشر المسيحي تيري جايمس بحرق القرآن الكريم، حيث بينت تشارلي أن "الرجال سيرتدون الكوفيات ضمن الحملة والنساء الحجاب بهدف إبلاغ المبشر أنه ليس كل الأميركيين يمتلكهم البغض". وتخطط كنيسة "دوف وورلد أوتريتش" الأميركية إلى حرق نسخ من القرآن بساحة الكنيسة في ذكرى هجمات 11 أيلول إذ يقوم أفراد تابعون لها بترويج الحدث على شبكة الانترنت عبر موقع الكنيسة ومواقع الشبكات الاجتماعية مثل فايس بوك. وأشارت الى "أننا ننوي ارتداء الحجاب نحن النساء فيما سيلبس الرجال كوفيات"، موضحة أن "حملة القسيس تذكرني بحملة شنتها جماعات كلو كلوكس كلاوحليقو الرؤوس في بداية التسعينيات من القرن الماضي، حيث كانوا يضطهدون اليهود والمثليين"، مبينة أنها "هي وزملائها ليسوا مسلمين وإنما نشطاء حقوقيين فقط". من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال مأدبة إفطار أقامتها مساء الثلاثاء في مقرّ وزارة الخارجية الأميركية إنها تندد بعزم إحدى الجماعات الدينية حرق نسخ من القرآن وأعربت عن ارتياحها للإدانة الواضحة لهذا العمل الذي وصفته بالمشين. وأضافت كلينتون: "أنا أشعر بالارتياح لهذه الإدانة الواضحة والتي لا لبس فيها لهذا العمل المشين والوقح، والتي صدرت عن عدد من كبار رجال الدين الأميركيين من كل الأديان وكذلك عن المسؤولين الأميركيين العلمانيين وقادة الرأي، وإلتزامنا بالتسامح الديني يعود إلى بدايات أمتنا وبلادنا." وأعلنت كلينتون السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة بين جميع الناس. وقالت: "القصة الحقيقية للإسلام في أميركا يمكن إيجادها في هذه القاعة وفي قاعات مماثلة على امتداد أميركا، لقد اجتمعنا الليلة بروحية التسامح والترحاب وهذه هي السمة المميزة لشهر رمضان المبارك، وسنواصل هذا على مدى السنوات المقبلة للفت انتباه الناس في مختلف أنحاء الأرض إلى ضرورة إيجاد أرضية مشتركة ومفاهيم مشتركة واحترام مشترك." وذكرت كلينتون بالمبادرة التي أطلقتها حول التعاون من أجل تعزيز الفرص في المجتمعات الإسلامية حول العالم وشددت على أهمية انخراط الجميع في مثل هذه المبادرات. جدير بالذكر أنه حضر مأدبة الإفطار في وزارة الخارجية الأميركية قادة المجتمع المدني من المسلمين الأميركيين وأعضاء السلك الدبلوماسي، إضافة إلى نحو 75 شخصية من رواد الأعمال والابتكار من المسلمين الأميركيين الذين هم دون ال30 من العمر. هذا، وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي عن اعتقاده بأن الفعل المتمثل في حرق مصحف يتعارض مع الطريقة التي ظهر بها المجتمع المدني في هذا البلد مشدّدا على أنها فكرة مستفزة ومتعصبة وغير محترمة. وأوضح أن الحرية الدينية وحرية التعبير هي من المبادئ الأساسية للمجتمع الأميركي وأن مثل هذا العمل في حد ذاته مناهض لأميركا. وقال: "إنه عمل غير محترم تجاه رمز ديني وديانة عظيمة، ونعتقد أنه لا يتناسب وغير مألوف مع تقاليدنا، ومبدأ التسامح الذي يشكل جزءاً رئيسياَ من مجتمعنا وتاريخنا." وفي السياق ذاته، أصدر عددٌ من كبارِ زعماءِ الطوائف الدينية المسيحية واليهودية والإسلامية بيانا نددوا فيه باعتزامِ كنيسةٍ صغيرة في فلوريدا إحراقَ نسخٍ من القرآن الكريم في الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقدوه في واشنطن تناوب اثنان منهم في تلاوة البيان نيابة عن الآخرين. وجاء في الجزء الذي تلاه القس جيرالد درولي من الكنيسةِ المعمدانية في ولاية جورجيا: "يندد الزعماء الدينيون بالتعصب الأعمى المعادي للمسلمين، ويطالبون باحترام التقاليد الأميركية التي تؤمن بحرية العقيدة. وكقادة دينيين في هذه البلاد العظيمة اجتمعنا في عاصمة بلادنا لنندد بصورة قاطعة بالاستخفاف والتضليل والتعصب الأعمى السافر الموجه ضد الجالية الإسلامية في أميركا". ودعا البيان إلى التصدي لهذه الظاهرة بقوة "إن الصمت ليس خيارا. وليس أمام القادة الروحيين خيار سوى اتخاذ موقف قوي لتلبية أسمى مبادئ عقائدهم المختلفة، الأمر الذي يمكنهم من جعل أميركا مكانا أكثر أمنا وقوة لجميع مواطنيها". وجاء في الجزء الذي تلته الحاخامة نانسي كريمر المتخصصة في العلاقات بين الأديان: "إن التهديدَ بإحراقِ القرآن الكريم يوم السبت المقبل يمثل اعتداء سافرا يستحق أقوى درجات التنديد من قِبَل كل الناس الذين يَتمسكون بالأخلاقِ الحميدةِ في الحياةِ العامة، ويريدون تكريم ذكرى من فَقدوا أرواحَهُم في الحادي عشر من سبتمبر". وجاء فيه أيضا: "إننا كقادة دينيين مستاؤون لهذا الازدراء لكتابٍ مقدسٍ ساهم على مدى قرونٍ عديدة في صياغةِ كثيرا من الثقافات التي عرفها عالمُنا، وما زال حتى الآن يوفر الطُمأنينة الروحية لأكثر من مليار مسلم اليوم". وقال الكاردينال ثيودور ماك كاريك من واشنطن إن الحديثَ عن إحراقِ المصحف يَنطوي أيضا على إساءةٍ لسمعة الولاياتالمتحدة: "أشعر بخوف شديد من أن يعتقد البعض أن قصص التعصب الأعمى والكراهية والعداء للآخرين تعكس الصورة الحقيقية لأميركا رغم أن ذلك ليس صحيحا. بلادنا ليست هكذا. وعلينا أن نتأكد أن العالم يعرف أن بلادنا هي البلاد التي تتوفر فيها حرية العقيدة، واحترام الجيران ومحبتهم".