يقولون إن تولستوي قد قتلته زوجته بحماقتها ... وما ذلك إلا لخروجها من عُش درجت فيه وتعودت على ريشه ونعيمه حيث كان تولستوي ميسوراً صاحب مال وجاه وحينما إختلف الأمر نكدت عليه ونقصت عيشته فخرج ذات ليل هائماً على وجهه تاركاً لها الدار فما هي إلا ساعات حتى وُجد ميتاً من موجه برد اصابته بالتهاب رئوي حاد .والعاطفة القوية والغرام المشبوب غالباً ما يكون المال اساسياً فيها .. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء إثماً أن يُضيَع من يقوت ) .. إعتمدت الدولة الإنقاذية على الشارات والمظاهر لأظهار تدين أنصارها وطقوس باهتة ظاهرية على أكثرها لا تسمو بروح ولا تزكي نفساً .. لا تملك سُلطة على الغرائز .. ولا تضبط الفرد بمنهج حازم .. إستغلها البعض كأداة للزينة ومطايا للشهوات .. فانفلت القيد وانفرط العقد .. لا غرساً حسناً تُرجى ثماره ولا عزائم تُلزم أصحابها عند الميسرة وتحتضنهم عند المعسرة .. وسيدنا عمر بن عبد العزيز يُعرض عليه ( مِسك ) من بيت مال المسلمين فيسُد أنفه حتى وُضع .. فقيل له : ومن رائحة المسك يا عمر .. أنظر كيف كان جوابه : قال عُمر : وهل يُنتفع من المسك إلا ريحه .. جاء يزيد الخليفة إلى فاطمة بنت عبد الملك زوج عمر بن عبد العزيز فقال لها أرينا ما ترك عُمر في هذين البيتين المُغلقين فقالت : ما ترك والله من سبد ولا لبد ولكن قميصاً غليظاً مرقوعاً ورداءً قشيباً وجُبة محشوة غليظة واهية البطانة .. وفي بيته الثاني وقد دخله يزيد وُجد مسجداً مفروشاً بالحصا .. إن صلاح الأمة لن يتأتى إلا عبر رفع الظلم عنهم ... فما أخرج الشباب والكبار النساء والرجال إلا الظلم .. فارفعوا الظلم وردوا المظالم والحقوق يرجع الناس إلى بيوتهم .. ولكن كيف السبيل إلى ذلك ؟؟ لما بنى الخليفة عبد الرحمن الناصر مدينته الخالدة ( الزهراء ) في الأندلس تفنن في بنائها وجعلها من أعاجيب المدن في العالم وبنى ( الصرح المُمرد ) واتخذ لقبته ( قراميد من ذهب وفضة ) وأنفق عليها من مال الدولة شيئاً عظيماً وكان في قرطبة عالمها الفقيه ( مُنذر بن سعيد ) فهاله إنهماك الخليفة الناصر في بناء ( الزهراء 9 وما أنفقه فيها من أموال الدولة فوقف يخطب الجمعة والناصر حاضراً وتلا قوله تعالى: ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون .وتتخذون مصانع لعلكم تخلدُون . وإذا بطشتم بطشتم جبارين . فأتقوا الله وأطيعون ) صدق الله العظيم .. ثم أخذ يذم تشييد البنيان والإسراف فيه حتى خشع القوم وقال للناصر : ما ظننت أن الشيطان أخزاه الله .. يبلغ بك هذا المبلغ أن تُمكنه هذا التمكين مع ما آتاك الله وفضلك به على العالمين وأنزلك منازل الكافرين .. فاقشعر الناصر من قوله وقال : أنظر ماذا تقول ؟؟ كيف أنزلتني منازلهم . قال : نعم أليس الله يقول في سورة الزُخرف : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقفاً من فِضة ومعارج عليها يظهرون ) صدق الله العظيم .. فوجم الخليفة الناصر ونكس رأسه ودموعه تجري على لحيته خشوعاً لله تعالى وندماً على ما فعل .. ثم أقبل بعد إنتهاء الخُطبة والصلاة على قاضيه منذر بن سعيد فقال له : جزاك الله خيراص عنا وعن المسلمين والذي قلت هو الحق وأمر بنقض سقف القبة وأن تكون قراميها تراباً .. تُرى ما موقف الرئيس إذا وقف بين يديه شيخه عبد الحي يوسف ويطالبه بهدم أو إرجاع قصور كافوري واسترداد أموال زوجاته وأموال آل البشير التي ولغوا فيها بغيرما حق ؟؟ لا أعتقد أن لدولة الخلافة سعة صدر لسماع ذلك ولا رغبة من السارقين لإرجاع ما نهبوه لأنهم وببساطة لا يعرفون القانون ولأن الدولة لم تطلق يد القانون لحصد هؤلاء .. وذلك ما سمح لهؤلاء الإساءة للأمة السودانية وطعنها في شرفها ونسيجها الإجتماعي المصون .. وأموالها فأكلوا مال الأرملة والفقير والمسكين .. هذا جزء أسود من تاريخ أمتنا السودانية كالح السواد لا ينفع النُصح في إزالته .. ولكل تلك المظالم خرج الشعب على أمل فجر جديد ستشرق شمسه عما قريب .. حرباً على دولة إستحقت ( الفرعونية القارونية ) !!!! أبو أروى - الرياض 2012-07-01 [email protected]