فيصل علي سليمان الدابي - المحامي أشعل طلاب جامعة الخرطوم شرارة ثورة الربيع السوداني في مدينة الخرطوم ومن ثم نجحوا في تحريك الشارع السوداني والمعارضة السودانية في أغلب المدن السودانية ضد قرارات حكومة الرئيس البشير التي صدرت بتاريخ 18/6/2012 وقضت برفع الدعم عن المحروقات وزيادة الضرائب وتخفيض المرتبات والغاء مئات الوظائف الحكومية وأدت إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية في السودان ثم بدأ مسلسل الجمع الثورية السودانية بجمعة 'لحس الكوع' أي جمعة تحقيق المستحيل ويأتي اختيار هذا الاسم كتحدٍ شعبي لتصريح رسمي أصدره مساعد الرئيس نافع على نافع الذي علق على إحدى المظاهرات السابقة بقول مفاده من الأسهل عليهم أن يلحسوا أكواعهم من أن ينجحوا في إسقاط النظام' ! من المؤكد أن إعلان الافلاس الاقتصادي من قبل حكومة الانقاذ ومحاولة تحميل فاتورة معالجته للشعب السوداني عن طريق رفع الدعم عن المحروقات هو إجراء غير مقبول شعبياً بدليل احتدام المظاهرات ضد هذا القرار منذ لحظة صدوره، ومن المؤكد أيضاً أن قرار إلغاء مئات الوظائف الحكومية بما في ذلك وظائف مستشاري الرئيس لم يجد ترحيباً لدى الشعب السوداني فتلك الوظائف كانت مجرد وظائف وهمية تم اختراعها كنتيجة لترضيات سياسية معينة كما أن أغلبية السودانيين يدركون أن السبب الأساسي للأزمة الاقتصادية في السودان هو فشل الحكومة في ترتيب الأولويات الأساسية فميزانية القصر الجمهوري والدفاع والأمن تبلغ مئات المليارات بينما لا تتجاوز المليارات المخصصة لميزانية الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية أصابع اليد الواحدة كما أن الفساد الحكومي قد بلغ حداً جعل السودان يحتل الصدارة في قائمة الدول الأكثر فساداً حسب تقارير منظمة الشفافية العالمية! مما لاشك فيه أن استخدام العنف الرسمي لقمع المتظاهرين السودانيين وسقوط عدد من الجرحى وسطهم ونعت الثائرين والثائرات بشذاذ الآفاق وبالشواذ والعاهرات والتهديد بإنزال شبيحة سودانيين إلى الشارع لتأديبهم هو أكبر دليل على الافلاس الاخلاقي، فالثوار السودانيون هم ثوار شرفاء كسروا حاجز الخوف وخرجوا إلى الشارع من أجل قضية شعبية عادلة ولا يجوز استفزازهم بمثل هذه الأساليب المستهجنة محلياً ودولياً والتي لن تزيد المظاهرات إلا ضراوة واحتداما، ولعل الحل الوحيد للأزمة الراهنة في السودان يتمثل في إلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات والدعوة إلى انتخابات عامة بمراقبة دولية لاختيار الحكومة التي ترتضيها أغلبية السودانيين لأن تكرار السيناريو الليبي في السودان هو أمر غير مرغوب فيه بأي حال من الأحوال إذ سيؤدي حتماً إلى عواقب كارثية في بلد فقد ثلث مساحته في العام الماضي بسبب إنفصال جنوبه عن شماله وفقد كل أمنه الاقتصادي في هذا العام بسبب القرارات الحكومية الأخيرة.