تستعدّ شركات تصنيع الأقمار الصناعية الأميركية والأوروبية للدّخول في سباق في أبو ظبي من أجل الفوز بعقد استراتيجي لتوفير أقمار مُراقبة عسكرية جديدة سيضُع الإمارات العربية المتحدة على خارطة الدّول الفضائية بعد أن دخلت عالم الصناعات الفضائية بمشروع ال"ياه سات" كأول قمر صناعي متعدّد الأغراض في الشّرق الأوسط. فقد بات من المؤكّد أن الاصلاحات في قطاع الأقمار الصناعية الأميركية التي يتمّ تبنّيها حاليا ستسمح لشركة "ريثيون" ومجموعة "لوكهيد مارتن" للصناعات الدفاعية بالتّنافس في الأسواق مع مثيلاتها الأوروبية: شركة الفضاء والدفاع الجوّي "إي إيه دي إس" وشركة "تاليس إلينيا سبيس". وأفادت نشرة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية المتخصّصة في الشؤون الاستراتيجية في عددها الأخير أن "شركات تصنيع الاقمار الصناعية العسكرية الأميركية، التي تشعر بالإحباط بسبب القيود على صادرات التكنولوجيا، نجحت في الضّغط على إدارة الرئيس باراك أوباما لتخفيف قيود التّصدير فيما يتعلق بقطاعها، لتتنافس في الاسواق النّاشئة بنفس شروط الشركات الاوروبية". وأضافت النشرة، استنادا إلى مصادرها في أبو ظبي، أن "أول معركة برّية بالنسبة للشّركات الأميركية ستكون في الامارات العربية المتحدة التي تُجري على مدى العامين الأخيرين مفاوضات من أجل العقد الإستراتيجي الهام مع كونسرتيوم أوروبي مُكوّن من 'استريوم'، الشركة الالمانية الفرنسية التابعة ل'إي إيه دي إس' و'تاليس'. ويقود المفاوضات ميخائيل هواري الذي أصبح مديرا تنفيذيا لشركة 'إي إيه دي إس' في الامارات منذ عام ونصف". الاستثمار في التكنولوجيا المتطوّرة وتأمل كل من "استريوم" و"تاليس" ويُعدّ عرضهمامشابه لعرض "ريثيون" فيما يتعلق بدقّة الصور وخفة حركة القمر الصناعي أن تساعدهما علاقاتهما القديمة مع الامارات في الفوز على "ريثيون". وقام التّحالف المُكون من "استريوم" و"تاليس" ببناء شبكة "ياه سات" للأقمار الصناعية للاتصالات التي تستخدمها القوات المسلحة الاماراتية بتمويل من صندوق "مبادلة" للمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، الذّراع الاستراتيجي الاستثماري لإمارة أبوظبي، وبمشاركة فريق من المهندسين الإماراتيين. ويُعتبر "ياه سات" النّموذج الأول من نوعه الذي يخدم القطاعين العسكري والمدني. ويعتبر المشروع مثالا على التّنوع الاقتصادي والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة والفضاء. وبدأ العمل في هذا المشروع سنة 2008 وأطلق القمر الصناعي الأول "ياه سات 1" في أبريل 2011 ليحمل اسم الإمارات عاليا في الفضاء، بينما تم إطلاق القمر الثاني في أبريل الماضي. وأكّد آنذاك الدكتور مهندس محمد ناصر الأحبابي، مستشار أول أنظمة الاتصالات والمعلومات في مركز "الإبداع" المستشار الفني للاتصالات الفضائية في المشروع، أن "القوات المسلحة استفادت من 'ياه سات' خلال مشاركاتها الخارجية في مهام حفظ السلام والإغاثة الإنسانية، حيث وفّرت الاتصالات المرتبطة بالأقمار الصناعية المرونة وسرعة الاتصال المأمون للقوات المتواجدة هناك بفضل استخدام أجهزة الاتصال الطرفية المحمولة على الظهر أو التي يتم تركيبها على الآليات". وتأمل الشركتان الاوروبيتان أيضا ان يكون الأمر لصالحهما حيث ان القيادة الاماراتية حريصة على الحفاظ على علاقات وثيقة مع باريس. وزار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان باريس مُؤخّرا وبحث مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سُبل تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقد افتتحت فرنسا سنة 2009 قاعدة عسكرية دائمة في الإمارات، هي الاولى من نوعها في الخارج منذ استقلال المستعمرات الفرنسية في افريقيا. السعودية وقطر على قائمة الانتظار وفي نهاية العام الماضي دخلت "ريثيون" التي لديها علاقات وثيقة مع الامارات العربية المتحدة، فهي تزوّدها بنُظم "باتريوت" و"ثاد" المضادة للصواريخ المتطور والذي لم يسبق بيعه بالأسواق الدولية السّباق من أجل الفوز بالعقد الإستراتيجي. لذلك، وفقا لنشرة "إنتلجنس أونلاين"، "تسبب تحرك 'ريثيون' في نوع ما من الإنقلاب، ولا سيما أن اقتراحا يتوقع تعديلات وشيكة للقوانين الاميركية حول صادرات الاقمار الصناعية ستمكنها من بيع الإمارات قمرا صناعيا ذي نسبة تدقيق تقلّ عن 50 سم مزوّد بجهاز غيروسكوب عالي الأداء وتوفير تدريبا عمليا للمحلّلين الاماراتيين". وتتابع كل من السعودية وقطر مفاوضات الامارات مع المتنافسين الاثنين متابعة وثيقة حيث تسعى كل منهما إلى التزوّد بأقمار مراقبة عسكرية. ولذا، كما تؤكّد النشرة الفرنسية شديدة الإطّلاع، "فإن المجموعة التي ستفوز بعقد الإمارات ستكون في موضع طيب للغاية للفوز بعقود أخرى في المنطقة"، وبالخصوص في السعودية. ففي سنة 2010 بدأت "إي إيه دي إس" و"تاليس" محادثات مع السعودية، ولكن التقدم كان بطيئا، بصفة رئيسية بسبب "الطبيعة التقنية المعقدة للمفاوضات والافتقار السعودي للمعرفة بالأقمار الصناعية"، بحسب "إنتلجنس أونلاين". وهناك علاقات طويلة تمتد لثلاثين سنة بين "تاليس" والسعودية، حيث أن عملاق الصناعات العسكرية الفرنسية تقوم بعمليات التطوير والترقية على صواريخ "شاهين" و"كروتيل" التي تستعملها السعودية في نظام دفاعها الجوي منذ عام 1980. وتجري "تاليس" حاليا مفاوضات مع السعودية في صفقة يتوقع أن تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار، تتضمن ترقية شبكة أنظمة الدفاع الجوي بالمملكة. وفي حال إتمام الصفقة سيكون ذلك خبرا جيدا لقطاع الصناعة الفرنسي الذي فشل في الفوز بعقود سعودية في الآونة الأخيرة وبالخصوص فشل شركة سكك الحديد الفرنسية بالفوز بعقود قطار الحرمين لصالح تحالف أسباني ، وفشل "تاليس" نفسها في صفقة تأمين الحدود. ويُذكر أن فرنسا تعد ثالث أكبر بائع للسلاح في المنطقة العربية بعد الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا. ميدل ايست أونلاين