ملاحظات اعتبرنها "تحرشًا"، تطوّرت الى صِدام بين مسؤولي التحرير والمذيعات، فاستقالة جماعيَّة وافقت عليها إدارة قناة الجزيرة التي تشهد إحدى أسوأ الأزمات الداخليَّة في تاريخها. بالتزامن، أعلنت الجزيرة أنَّها عينت فريقا جديدا لادارة الاخبار.ويفصل المشرفون على القناة بين الاستقالات وقرار إعادة الهيكلة المتزامنين، بينما تكشف مصادر من داخل القناة ل "ايلاف" أنَّ إعادة الهيكلة تأتي تنفيذًا لتوجيهات الحكومة القطريَّة ب "تحرير" القناة الإخباريَّة من فكيّ الأصوليَّة ذات الدور المتعاظم خلال السنوات الست الماضية. علمت "إيلاف" من مصادر داخل قناة الجزيرة الاخباريَّة - فضّلت عدم الكشف عن هويتها "لحساسيَّة الوضع" - إنَّ التغييرات التي أحدثت على المناصب التحريرية الرئيسة جاءت . استجابة لتوجيهات الحكومة القطريَّة بتقليص نفوذ الأصوليين الإسلاميين الذي تصاعد خلال السنوات الماضية وأحكم قبضته على القناة. كما ألمحت المصادر الى أنَّ الفضائيَّة الإخباريَّة بصدد البحث عن مخرج مناسب "يحفظ ماء الوجه" للتراجع عن قبول استقالات المذيعات اللواتي "ربما تفضي التغييرات على مستوى القيادة إلى إعادة النظر بقبول استقالتهن". وكانت القناة أعلنت في بيان بثّته وكالة فرانس برس عن تعيين فريق جديد لإدارة الأخبار، ونقل رئيس التحرير احمد الشيخ ونائبه ايمن جاب الله الى مناصب جديدة. وقال البيان إنَّ رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة عين رئيس التحرير أحمد الشيخ في منصب مستشار له فيما تم تعيين نائب رئيس التحرير مديرًا لقناة الجزيرة مباشر. ويشتمل الفريق الجديد على مصطفى سواق مديرًا للأخبار وهو سيقوم ب "توجيه غرفة الاخبار والعناية بمسارها العام اداريا وتحريريا والتواصل مع الاقسام والوحدات إشرافا وتدريبا من دون الدخول في تفاصيل العمل اليومي". وعين محمد داوود مديرا للتخطيط الاخباري وحسان الشويكي مديرا للتحرير ومحمد المختار مديرا لتحرير موقع القناة ورمزان النعيمي مديرا لادارة الإبداع الفني. المستقيلات هن اللبنانيات جمانة نمور ولينا زهرالدين وجلنار موسى والتونسية نوفر عفلي والسورية لونا الشبل واوضح المدير العام للشبكة وضاح خنفر في البيان ان هيكلية جديدة ستطبق في القناتين العربية والانكليزية وهي تقضي بتغيير نمط العمل الحالي واعتماد نظام "غرفة الاخبار متهددة الوسائط والوظائف" التي يديرها مدير أخبار وأربعة اشخاص رئيسين آخرين. وكانت الأزمة بدأت بصدام بين خمس مذيعات ومسؤولي التحرير بسبب ملاحظات متكررة أبداها جاب الله حول أزيائهن ومطالبته لهن بالتزام الحشمة، وهو ما دفعهن إلى التقدم بشكوى اعتبرن فيها أن بعض العبارات التي وردت في تقاريره والتي تشير إلى تفاصيل في ملابسهن تتضمن "تحرشا"، الأمر الذي دفع إدارة المحطة إلى إجراء تحقيق انتهى بالانتصار له باعتبار أن هذه الملاحظات هي من صلاحيات عمله. وتقدمت المذيعات باستقالات مكتوبة احتجاجاً على نتيجة التحقيق، وهو ما دفع إدارة القناة إلى قبول الاستقالات. في هذا الصدد، أشارت صحيفة "الجريدة" إلى أنَّ "المذيعات حاولن الضغط على إدارة القناة بتقديم استقالة جماعية ثم بتسريب الخبر إلى الصحف، بل إن بعضهن حاول الاستعانة بجهات سياسية عربية للتوسط من أجلهن وهو ما اعتبرناه لياً للذراع رفضنا الخضوع له". ونقلت "الجريدة" أنَّ القناة بدأت فورًا في تعيين مذيعين جددا سيكون أولهم المصريين محمود مراد ونوران سلام القادمين من محطة (بي بي سي). في المقابل، اصدرت المذيعات المستقيلات بيانا اكدن فيه ان الاستقالة لم يكن سببها "الاعتراض على دليل لباس او سياسات تتعلق بشكل المذيعات على الشاشة" كما افادت تقارير صحافية وتصريحات نسبت اليهن ونقلتها وكالة فرانس برس. واكدت المذيعات ان "الاستقالات تمت قبل اصدار نتائج التحقيق (في شكوى تقدمن بها) والتي عرف بعضنا بها من وسائل الاعلام، ونستغرب من نشر بعض خلاصات التحقيق الداخلي للرأي العام مع تحفظنا عليه". كما استغربت المذيعات "بعض ما نسب الينا من اقوال ونؤكد اصرارنا على ابقاء الموضوع ضمن الاطار التنظيمي للقناة وفقا للاصول وحفاظا على صورة الجزيرة ومكانتها لدينا". بغضّ النظر عمّا إذا كان تزامن الاستقالات مع قرار إعادة الهيكلة داخل الجزيرة القطريَّة "محض صدفة" أم "فعلا ونتيجة"، فإنَّ التغييرات التي طالت مناصب قياديَّة داخل الفضائيَّة تضع الأوساط الإعلاميَّة العربيَّة في حال ترقّب لما سترسو عليه هذه السفينة التي باتت تواجه منافسة قويَّة في الفضاء العربيّ.