واشنطن ا ف ب: وقع الرئيس الامريكي باراك اوباما وثيقة سرية تسمح بتقديم المساعدة للمقاتلين المعارضين السوريين، في ما يشكل خطوة في اتجاه التخلي عن 'الحذر' في التعامل مع الساعين للاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد. وجاء الكشف عن هذه المذكرة بينما رأى خبراء امريكيون في مجلس الشيوخ انه يتوجب على واشنطن ان تزيد من دعمها للمتمردين من خلال تقديم اسلحة ودعم جوي لهم، لترسم 'بوضوح' لنظام الاسد 'خطا احمر' لا يجوز تجاوزه تحت طائلة تدخل عسكري. وافادت محطتا 'ان بي سي' و'سي ان ان' نقلا عن مصادر لم تحدداها ان توقيع اوباما جاء في اطار ما يعرف ب'التقرير الرئاسي' وهي مذكرة تجيز لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) القيام بتحركات سرية. لكن مسؤولين في البيت الابيض رفضوا التعليق على هذه المعلومات، من دون ان يستبعدوا ان تكون واشنطن تقدم للقوات المناهضة للاسد المزيد من الدعم في مجال الاستخبارات مما تم الاقرار به. ووردت هذه المعلومات عن توطيد العلاقة بين الولاياتالمتحدة والمعارضة السورية في وقت تدور معارك طاحنة في حلب ثاني مدن سورية بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة في ما وصف ب'أم المعارك'. كما تتزامن من تشديد الضغط السياسي على البيض الابيض لحضه على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية رغم تمنع الولاياتالمتحدة عن الانخراط في حرب جديدة في الشرق الاوسط. وكانت واشنطن اعلنت سابقا انها تقدم مساعدة طبية ولوجستية لمقاتلي المعارضة السورية الا انها ترفض تقديم اسلحة، محذرة من ان المزيد من عسكرة النزاع الجاري في سورية لن يكون مثمرا. لكن خبراء مشاركين في جلسة استماع امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حذروا من ان اطالة امد النزاع يزيد المخاطر، ويؤدي الى تزايد المجازر على نطاق واسع. وكان آخر هذه المجازر سقوط 43 قتيلا خلال عملية عسكرية شهدتها بلدة جديدة عرطوز امس الاربعاء، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. واكد رئيس اللجنة السناتور جون كيري انه 'لا بد من العمل على تسريع خروج الرئيس الاسد'. لكن الخبراء لم يجمعوا على شكل التدخل وحدود الدعم الذي يمكن الولاياتالمتحدة تقديمه ولاسيما لجهة تزويد مقاتلي المعارضة بالاسلحة. وشدد مارتن انديك وهو سفير اميركي سابق في اسرائيل ويشغل حاليا منصب مدير السياسة الدولية في معهد بروكينغز، على وجوب ان 'ننتبه الى من نعطي اسلحة' ولا سيما في غياب رؤية اميركية واضحة عن هوية واهداف القوى التي تشكل المعارضة المسلحة في سورية. لكن من غير المؤكد ان واشنطن بدلت سياستها المتبعة القاضية بعدم امداد المقاتلين السوريين بالاسلحة. كما رفضت واشنطن حتى تاريخه اي حديث عن تدخل عسكري اميركي واقتصر دعمها للمعارضة على تجهيزات اتصال بميزانية وصلت الى 25 مليون دولار. كما قدمت 64 مليون دولار كمساعدات انسانية، وخصوصا المساهمة في اقامة مخيمات لعشرات الاف النازحين من سورية الى جارتيها تركيا والاردن. وتتعاون ادارة اوباما في شكل وثيق مع تركيا في الموضوع السوري، واخر اشكاله مكالمة هاتفية اجراها الرئيس الاميركي الاثنين مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، اتفقا خلالها على 'تسريع الانتقال السياسي' في سورية، بحسب ما اعلن البيت الابيض. والنقطة الاخرى التي تشكل منطلقا للدعوات المتزايدة لتفعيل التدخل الاميركي هي ترسانة الاسلحة الكيميائية التي لوح نظام الاسد باللجوء اليها في حال تعرضه لاعتداء خارجي. ومع تردد أنباء عن تحريك النظام مخزوناته من هذه الاسلحة، اعتبر الخبراء انه يجدر بالولاياتالمتحدة ان تكون واضحة في تحذير الاسد من استخدام 'اسلحة دمار شامل'. وقال اندرو تابلر الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان 'التفكير بان الاسد يعرف ان استخدام اسلحة دمار شامل كهذه سيكون تجاوزا لخط احمر امر جيد (...) لكن هذا مجرد شعور بالتفاؤل'. من جهته طرح مدير الامن الدولي في 'راند كوربورايشن' جيمس دوبينس فرض منطقة حظر جوي فوق كل مناطق سورية او اجزاء منها، مما يتطلب نوعا من المشاركة الامريكية. ويأمل دوبينس في ان يتضح لنظام الاسد ان استخدام الطائرات الحربية في شكل ممنهج سيكون 'خطا احمر' يدفع الى تدخل اميركي اضافي. وكانت الناطقة باسم بعثة المراقبين الدوليين في سورية سوسن غوشة اكدت امس ان الجيش النظامي السوري يستخدم الطيران الحربي في قصف مدينة حلب. لكن السفير الاميركي السابق في الاتحاد الاوروبي يفضل ان يكون الاقدام على حظر الطيران بطلب من المعارضة السورية وقبول من جامعة الدول العربية. لكن فرض حظر الطيران فوق سورية 'سيمثل تحديا اصعب من الحملات الجوية فوق البوسنة وكوسوفو وافغانستان والعراق حيث لم تخسر الولاياتالمتحدة طيارا واحدا، لكن المهمة ليست خارج القدرة' الامريكية على توليها. ويعتقد دوبينس ان معظم اعضاء حلف شمال الاطلسي سيكونون داعمين لهذه الخطوة. ومع ان اقرارها في مجلس الامن 'مرغوب فيه في شكل كبير' الا انه 'ليس ضروريا' كما حصل في كوسوفو.