بيروت - قالت مصادر لبنانية مطلعة أن البيان المشترك للسيدين هاني فحص ومحمد حسن الأمين والذي أيدا فيه الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، يعد الخطوة الأولى لقيام تكتل شيعي مستقبل عن التأثير الإيراني والسوري. وأضافت المصادر "انه لم يحدث منذ الثمانيات وبعد حسم سيطرة حزب الله على الطائفة الشيعية، وخصوصا بعد هزيمته لحركة أمل أن وجه النفوذ الإيراني بمثل هذا التحدي". وأصدر عن عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى في لبنان العلامة السيد هاني فحص والمستشار في المحكمة الشرعية الجعفرية في لبنان القاضي العلامة السيد محمد حسن الأمين بياناً عبرا عبر فيه عن تضامنهما مع الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقالا في البيان "إننا نفصح بلا غموض أو عدوانية عن موقفنا المناصر غير المتردد للانتفاضة السورية، كما ناصرنا الثورة الفلسطينية والإيرانية والمصرية والتونسية واليمنية والليبية، وتعاطفنا مع التيار الإصلاحي والحركة الشعبية المعارضة في إيران وحركة المطالبة الإصلاحية في البحرين وموريتانيا والسودان.. مع استعدادنا لمناصرة أي حركة شعبية ضد أي نظام لا يسارع إلى الإصلاح العميق تفادياً للثورة عليه وإسقاطه". وتعني ولادة تكتل بعيد عن حزب الله أن النفوذ الإيراني الذي راهن على وحدة الطائفة على حساب الوطنية قد تصدع، وان بدائل حزب الله وأمل أصبحت على بعد أيام قليلة. وفي العادة يعبر رجال الدين الشيعة اللبنانيون المستقلون عن وجهات نظرهم المعارضة في الشأن الفقهي، لكنهم يتحاشون الخوض في المسائل السياسية بشكل عام وخصوصا فيما يتعلق بالشأن اللبناني أو السوري أو الإيراني. وفي أول رد فعل لحزب الله على بيان فحص والأمين، أتهم رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية اللبنانية محمد رعد قوى بالتآمر على المقاومة، من دون أن يسميهما بالأسم. وقال رعد "هذه المقاومة إذا كانت تمثل توازن ردع ضد اعتداءات العدو ألان، يجب أن تصان وتحفظ، فيما نجد قوى سياسية تتوغل في التآمر عليها"، مشيرا إلى "أننا عندما قاتلنا العدو في الثمانينات وانتصرنا عليه، لم يكن من هؤلاء المتآمرين شريك لنا في المقاومة، ولذلك لا يهم ولا يضعف من عزيمتنا أن يتواطأ هؤلاء لأنهم في الأصل ليسوا شركاء في هذه المقاومة التي حققت الانتصارات". وقالت المصادر أن رجلي الدين فحص والأمين ما كانا ليصدرا بيانهما إلا بعد مشاورات واسعة النطاق مع وجوه الطائفة الشيعية في لبنان ممن لا ينظرون بارتياح إلى انهيار ما كان يسمى ب "الخط الوطني الشيعي" تحت ضغوط وجهتها إيران لحزب الله ولحركة أمل، أجبرت السيد حسن نصرالله ورئيس حركة أمل نبيه بري على الوقوف في صف النظام السوري وتبني موقفا متخاذلا من الثورة السوري. وواجه نصرالله انتقادات واسعة بسبب موقفه المنحاز من تطورات الوضع في سوريا في الوقت نفسه الذي كان يشجع فيه شعوب دول أخرى على الثورة ضد حكامها. فيما اعتبر موقف نبيه بري موقفا تابعاً تلقائيا من موقف حليفه المتنفذ "حزب الله." ويبدو واضحا اهتزاز موقف حزب الله بعد ان آثر الصمت وعدم الرد على تصريحات سابقة لفحص وبعد البيان الشديد والواضح الذي أصدره رجل الدين الشيعي مع زميله الأمين. واهتمت أوساط لبنانية بالتحركات التي تجري داخل الأوساط الشيعية في لبنان لتشكيل تيار سياسي موازي لحزب الله يقدم مشروعا سياسيا ضمن الالتزام الوطني اللبناني الموحد. ولعبت بعض حلقات الطائفة الشيعة المرتبطة بإيران والأحزاب الطائفية الحاكمة في بغداد والداعمة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد دورا في موجة العنف المتصاعدة في البلاد. إلا أن غالبية الطائفة الشيعية في سوريا مازلت تنأى بنفسها عن الإحداث، لكنها مع ذلك تخشى من عمليات الانتقام التي لن تميز بين شيعي وآخر. ويرى المتابعون أن ثمة نفسا طائفياً سائدا يرى أن الأحداث في سوريا هي الانتقام السني مما حدث للسنة في العراق، وان الشيعة قد أعمتهم فورة العراق وحزب الله والخداع الإيراني. وطالب المتابعون التمييز بين عناصر حزب الله وجماعات جيش المهدي التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، وبين لاجئين شيعة وجدوا أنفسهم في سوريا بعد أن تقطعت بهم السبل في بلدانهم وخصوصا العراق. وحاولت إيران بدورها تغيير وجه دمشق عن طريق الإنفاق الكبير على الاضرحة الشيعية هناك، وهو ما أثار الأغلبية السنية وأعتبر مسعى إيرانيا للتبشير بالمذهب الشيعي في سوريا استغلالا للعلاقات التاريخية مع النظام والعلويين.