«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقالة الزيتونة
نشر في الراكوبة يوم 15 - 08 - 2012

في ذكري مجدي محجوب محمد أحمد و القبطان جرس القس بطرس و غيرهم من الأبرياء
الجريمة في تقاليد المافيا منهج للحياة في حد ذاتها تستند في ممارستها علي بنية تنظيمية قوية وقواعد سلوكية موحدة تطورت خلال عملية معقدة من الصراع الإجتماعي الطويل الممتد منذ ظهور المافيا في صقلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لتصبح قِيَّم خاصة راسخة لا يجوز الخروج عن سياقها العام. و تقاس نزاهة و إستقامة عضو المافيا بمدي ولائه و إلتزامه بهذه القِيَّم. فالمقولة الشائعة التي كانت و لا زالت متداولة بين أوساط عائلات المافيا في شتي بلدان العالم (و التي تعكس إيمان و قناعة تامة تصل لدرجة القداسة بسمو هذه القِيَّم) تقول أن (المافيا شريفة) و لذلك فكل ما قِيل و كُتِب عن سيرة زعيم مافيا شيكاغو الإيطالي الصقلي القُح "الفونسو آل كابوني" يُجمِع علي وصف الرجل (و هو من أخطر المجرمين الذين عرفهم التاريخ البشري) بأنه كان "نِعم الزعيم المجرم شريفاً كريماً مع جميع من حوله".
فقد كانت المافيا حسبما تستند إليه قِيمها و أعرافها (علي عكس مافيا الإنقاذ) تأخذ من الأغنياء و تعطي الفقراء لذلك فقد كان لآل كابوني مطعم فاخر في شيكاغو إشتهر بتقديم الطعام الراقي للفقراء و المساكين ظاهريا و لكنه أيضا كان معقلا لتخطيط الجرائم و تنفيذها بجانب الفندق الشهير الذي كان يمتلكه الرجل في قلب شيكاغو علي إعتبار أن منهج المافيا في إدارة عملها يقوم علي تأسيس نشاط تجاري مشروع في ظاهره و لكنه في حقيقة أمره يمثل غطاءاً للعمل الإجرامي الذي يمثل حياة المافيا و نشاطها الرئيسي ،،،
و لذلك فإن كل نشاط مشروع تقوم به أي جهة كانت و يكون في حقيقة أمره غطاءاً لنشاط غير مشروع يعتبر أحد أنشطة المافيا و يصنَّف القائمين عليه ضمن عائلات و رجالات المافيا ،،،
بقالة الزيتونة ،،، إسم يوحي للمرء مباشرة و من الوهلة الأولي ببلاد الشام و فلسطين بتلالها المخضرة المحيطة بنابلس من كل جانب كأشهر مناطق زراعة الزيتون في فلسطين، جنين، رام الله، طولكرم و غيرها من خيرات زهرة المدائن، مسرح النبوَّات، أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ،،، و لكنه (أي إسم بقالة الزيتونة) مع كل هذا الجمال غريب علي أُذن السودانيين الذين ألفت طبول مسامعهم علي مر العصور و الأجيال أجراس مُروج الْبَحْرَيْنِ و خيرات جنوب الوادي التي تُفِيحُ بطعم السمسم، الفول، الفتيريتة و الخُدير، الدخن، الكركديه، و نكهة لوزة القطن الفريدة و بريق كعكول صمغ الهشاب الفاتن و غيرها من نعم الله الوافرة علي بلادنا.
فلو كان إسمها بقالة السمسمة أو الفولة أو اللوزة لأختلف الأمر و لما أحدث ذلك الإسم تلك الصعقة اللطيفة في أيقونة سمعنا و وعينا العام و موسيقي حياتنا اليومية و لما أصبحت بالتالي ملفتة للنظر و مثيرة بهذا القدر أو ذاك لحفيظة معظم الناس ،،،
هل بالفعل لبقالة الزيتونة علاقة بشكل أو آخر بزهرة المدائن أرض الضفة و غزة و هل لها علاقة بحادثة إنفجار البرادو ببورتسودان و من قبلها حادثتي قصف قافلتي السلاح و سيارة طريق مطار بورتسودان؟؟؟ الله وحده يعلم و القائمون علي شئون بلادنا أيضا يعلمون و مع مرور الأيام و إتساع حركة الجماهير (لا محالة) ستتكشف حقائق الأمور و سيكشف الثوَّار النقاب عن وجهها الإجرامي الكالح ،،، فكما يقول أهلنا في شمال الوادي (يا خبر النهار ده بفلوس ،،، بكرة يبقي ببلاش) ،،،
تقع بقالة الزيتونة في بحري شمبات شارع المراغنة (أحد مسارح شرارات إنتفاضة 16 يونيو الظافرة) علي جهة اليمين بالنسبة للقادمين من الجنوب إلي الشمال الجغرافيين (و لا ندري إن كان لديها فروعا أخري في العاصمة أم لا و لكن يشاع لدي البعض بأن لها علاقة بالبيت السوري المتخصص في صناعة الحلويات بالنكهة الشامية كاملة الدسم في الجانب الآخر من نفس الشارع و بالقرب من مسجد السيد علي الميرغني) و هي بقالة (علي الرغم من أنها صغيرة نسبيا من حيث المساحة مقارنة بالبقالات الكبيرة المشهورة) ليست كغيرها من البقالات بلونها القرنفلي الأحمر الوردي المميز المختلف تماما عن الألوان الشائعة للبقالات الذي يعطيه بريق الزجاج الممتد علي يمين و يسار مدخلها الرئيسي و سقف المظلة العلوية المتدلي طابعا خاصا أشبه بالمزاج الشامي أو الأوروبي الشرقي. و من دون البقالات الأخري (و علي صغر حجمها) لها مواقف للسيارات (و علي محدوديتها) فهي مصممة تصميما حديثا وفقا للمقاييس المتعارف عليها في هندسة مواقف السيارات حيث يمثل رصيف البقالة الخرساني المغطي بالسيراميك مصدات أمامية للمواقف أما الحواجز الجانبية التي تفصل بين كل موقفٍ و آخر فهي مصممة بإستخدام باقة من كتل الفسفور المضيئة التي تستخدم في صناعة الطرق و المواقف (أو بكتل مشابهة لها) و كأن البقالة قد صُمِمَت لإستقبال نوع معين من الزبائن الذين لم يعتادوا علي حياة السودانيين و أذواقهم ،،، و لعل ذلك ما يفسِّر إرتياد العرب الأجانب المقيمين بالخرطوم لها بشكل ملحوظ خاصة و أن السلع الغذائية و غير الغذائية المرتبة في أرفف البقالة بإتقان و عناية فائقة تتناسب مع أذواق الأجانب و ذوي المخصصات و الإمتيازات المفتوحة من كبار العاملين بالدولة و مؤسساتها بالذات الجزء المخصص للأجبان و أصناف المارتديلا المخلوطة بالزيتون و غيرها من التوابل و المقبِّلات و اللحوم المبردة و المدخنة و الزيتون و الحمُّص و المخللات و أجود ما تعجُّ به المائدة النابلسية من أطعمة طازجة. و من المشاهد التي تلفت النظر أن قسم صناعة الطعمية الموجود بالخارج علي يمين المدخل الرئيسي لا يوجد معه (علي عادة السودانيين و بلهجتهم المحلية "قِدرَة" لصناعة الفول) و هي طعمية شهيّة مميزة مصنوعة من الحمُّص (الكبكبي) المخلوط بالبقدونس و الشبت (الشمار الأخضر) و الثوم بنفس ذوق و نكهة طعمية الحمّص التي يعشقها الفلسطينيون في غزة و الضفة الغربية. فبرغم إشتراك السودانيين في حبهم للطعمية مع أهلنا في شمال الوادي إلا أن القاسم المشترك بيننا و بين الفلسطينيين هو الطعمية المصنوعة من الحمُّص بدلا عن الفول بالذات فلسطينيو غزة.
و علي نفس شاكلة قصة الحاج عبد التواب في الفيلم المصري الشهير "العار" (للكاتب محمود أبو زيد و بطولة كل من حسين فهمي، نور الشريف، محمود عبد العزيز، و أمينة رزق) الذي يخفي وراء محله الأنيق لبيع العطارة و الأعشاب نشاط حافل من تجارة المخدرات فإن بقالة الزيتونة الراقية (التي لا تختلف في طابعها العام عن عطارة الحاج عبد التواب أو مطعم آل كابوني بشيكاغو من حيث الأناقة و الذوق الرفيع الذي يوهم الزائر بأنه مثالا و نموذجا فريدا لنشاط تجاري ناجح يحتذي به) تمارس من خلال هذا النشاط الظاهر تجارة غير مشروعة و لكنها خلافا لعطارة حاج عبد التواب و مطعم آل كابوني تعتبر أحد أشهر المعاقل التي تُمَارس فيها تجارة العملة عينك يا تاجر أمام أعين البنك المركزي و وزارة المالية و أجهزة الشرطة و الأمن الإقتصادي و رئاسة الجمهورية و كافة دهاليز طغمة الإنقاذ الفاسدة دون أي مظهر من مظاهر الخوف و الإضطراب و السرية التي تميز تُجَّار السوق الأسود و تحيط كل مبادلاتهم بقدر ملحوظ من الحيطة و الحذر.
فعمليات بيع و شراء العملة في بقالة الزيتونة تتم بشكل يضاهي البنوك و الصرافات تنظيما و سهولة و سرعة في خدمة الزبائن فكل عمليات البيع و الشراء تتم في الكاونتر الرئيسي للبقالة المجاور لمدخلها الرئيسي مثلها مثل الجبنة و الزيتون و الحمُّص حيث يتم الإحتفاظ بالعملة الأجنبية و المحلية بكافة الفئات في الأدراج أسفل الكاونتر و تتم عمليات الشراء و البيع بواسطة العاملين بالبقالة و هم يرتدون علي خلاف غيرهم من العاملين في البقالات الأخري زي رسمي موحد (يونيفورم) و ليس هنالك سقفا محددا فالعملة متوفرة دائما من جنيه لملايين الجنيهات و من دولار و ريال لملايين الدولارات و الريالات ،،، و لأن الزيتونة كغيرها من عائلات المافيا "شريفة أيضا" فإن الزبون يجد العناية و المرونة اللازمتين في مستوي تقديم الخدمة التي تبدأ من مواقف السيارات الراقية و الإستقبال الحافل من العاملين بزيِّهم الأنيق و إبتساماتهم التي تنهال علي الزبون بسبب و بدون سبب و تتم الإجابة علي أسئلة العملاء بكل رقة و تهذيب و يتم إستلام الدولار و عدِّه بكل أدب أمام الزبون ثم يسأل عن خياراته المفضلة من فئات العملة المحلية التي يرغب فيها و التي تقدم له طازجة و كأنها خارجة للتو من مطابع العملة أو من خزينة البنك المركزي جديدة و مرتبة و مجيَّرة بديباجة البنك الذي تم سحبه منها ،،، و علي الزبون أن يكون في غاية الإطمئنان (و هذا هو الأهم) فبقالة الزيتونة لا تغش أو تخدع عملائها الشرفاء فهي دائما علي خلاف نظيراتها من عائلات مافيا تجارة العملة تشتري بأعلي سعر لإرتباطها بمراكز النفوذ و القوة و بشبكة منظمة من المعلومات التي تتيح لها معرفة سعر الدقيقة و الثانية و إذا صادف العميل لحظة تغيُّر السعر لديهم تجدهم بكل هدوء يخطرونه بأن السعر كذا و لكنه من المتوقع أن يتغير بين لحظة و أخري في صالحه و بكل تهذيب يطلبوا منه الإنتظار حيث تتم محادثة هاتفية سريعة أمام سمعه و بصره (و لكنها عادة ما تتم بلغة مشفَّرة غير مفهومة له) ثم يتم تهنئته بكل سرور بأن السعر قد زاد خمسة جنيهات فيزداد الزبون ثقة بالزيتونة و العاملين بها و يصبح بالتالي زبونا دائما لها ،،،
من هم أصحاب هذه الزيتونة ؟؟؟ هل صحيح ما يشاع في مجالس السودانيين بأنها أحد إستثمارات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" التي تكرِّسها لإدارة و تمويل شبكة تهريب السلاح من و عبر الأراضي السودانية إلي غزَة؟ و تجد كل الحماية و الرعاية و المباركة من أجهزة السلطة؟؟ و إذا صح ذلك من هو صاحب الترخيص؟؟؟ و من هم مسئولي الدولة الذين يوفِّرون الحماية لهذا النشاط الإجرامي غير المشروع؟؟؟ و ما هو ثمن كل هذه الحماية؟؟؟
لشعبنا إرث عظيم في التضامن مع القضية الفلسطينية منذ حرب فلسطين عام 1948م و العدوان الثلاثي عام 1956م مرورا بقمة اللاءات الثلاثة (لا لإسرائيل، لا للتفاوض ، و لا للتطبيع) التي كانت الخرطوم مسرحا لها في 22 ديسمبر 1967م، و فوق كل ذلك فقد كانت الخرطوم دائما و لا زالت مسرحا للتضامن السياسي و الجماهيري لشعبنا بمختلف قواه السياسية و النقابية و قطاعاته الإجتماعية و منظماته الديمقراطية مع كل المعارك التي خاضها و لا يزال يخوضها الشعب الفلسطيني و من أبرزها و أحدثها التضامن مع صمود أبطال حرب غزَّة البطولي عام 2009م. لكن أن تصبح بلادنا مسرحا للعمل غير المشروع لمنظمات المقاومة الفلسطينية (أو غيرها) من تجارة عملة و تهريب سلاح و حماية عناصر مافيا التيارات و المنظمات الإسلامية السلفية الملاحقة من قبل العدالة الدولية فهذا أمر مرفوض و يعتبر تدميرا للإقتصاد الوطني و تفريطا فاضحا في السيادة الوطنية و يصنَّف ضمن ما يعرف بالإرهاب و يؤكد أن بلادنا في ظل حكم طغمة الإنقاذ الفاسدة تربعت بجدارة علي رأس قائمة الدول الراعية للإرهاب و يجب أن يتم إيقافه فورا و التحقيق فيه و كشف تفاصيله و حلقاته بالكامل للناس و إحالة شبكة القائمين عليه بكاملها دون إستثناء إلي القضاء ،،، لكن في زمن الإنقاذ فقد أصبح السودان كما يقول المثل (زي جنينة السيد علي الميرغني) مرتعا للداني و الغاشي و لكل من هب و دب من خلق الله و يبدو أن أصحاب الزيتونة قد صدَّقوا المثل و طبَّقوه عن ظهر قلب فلا عجب و أن إختاروا شارع المراغنة موقعا لنشاطهم غير المشروع ،،،
أما إذا كان الأمر كما يقولون (مجرد إشاعة عابرة كغيرها من الإشاعات التي لا سند لها) فمن هم إذاً أصحاب الزيتونة ؟؟؟ و ما هي صلتهم بالحزب الحاكم و بأجهزته حتي يتم توفير كل هذه الحماية لها لتمارس عملها الإجرامي في وضح النهار و أمام الملأ ؟؟؟ لماذا يتم غض الطرف عنها كل هذه السنين ؟؟؟ إنها مجرد أسئلة مشروعة يحق لكل مواطن سوداني طرحها و علي كل مسئول من زمرة الطغمة الحاكمة الإجابة عليها بوضوح و شفافية (بدون لف و دوران أو دغمسة) فالزيتونة بقالة معروفة و مكانها معروف و أصحابها و القائمين عليها معروفين لدواوين الحكومة المختصة و الأجهزة التي توفر لها الحماية معروفة فهي لا تحتاج لتكنولوجيا عبد الرحيم محمد حسين في المراقبة بالنظر فهي تمارس نشاطها الإجرامي علي مدار اليوم في وضح النهار و لأوقات متأخرة من الليل دون أن تكون مضطرة لإطفاء أنوارها كما فعلت (علي خطل السيد الوزير) طائرات العدو الإسرائيلي و هي تستبيح أجزاء واسعة ممتدة من ساحل البحر الأحمر و تقصف البرادو بدقة متناهية وسط أحد أسواق بورتسودان ،،، و تمارس نشاطها الإجرامي أمام الملأ و لا تأتي به (كما فعلت طائرة بورتسودان) علي غفلة ذوي الأمر منا في صلوات و مناسك ماسونية لا تنهي عن فحشاءٍ أو منكر.
لم يقف الأمر علي بقالة الزيتونة فمافيا تجارة العملة تمارس نشاطها بكل حرية و من داخل دهاليز الدولة و تمثل البنوك السودانية (المحلية و الأجنبية) وكيلا لها و يقضي كثير من مدراء البنوك و كبار موظفيها جُل وقتهم في ممارسة نشاط السمسرة في تجارة العملة من داخل مكاتبهم الفارهة و أمام نظر العاملين بها دون رقيب أو حسيب لتصبح ممارسة عادية و مصدر للكسب المشروع بالنسبة لهم و هم مرتبطون بشبكة واسعة من تجار العملة يحتفظون بأرقام هواتف كبار و صغار رجالاتهم و أرقام حساباتهم ضمن سجلات بريدهم اليومي و يقومون بعمل التسويات الخاصة بمبادلاتهم اليومية نيابة عنهم و منهم من يحتفظ بمبالغ نقدية تعود لهم في خزائن مكاتبهم داخل المؤسسة المصرفية بل و منهم من يستغل صلاحياته المصرفية في توفير السيولة تارة بكشف حساباتهم و تارة أخري من ودائع العملاء لتغطية العجز المؤقت لبعض هواميرهم خاصة المحسوبين منهم ضمن فئة كبار رجالات الدولة.
فلم تعد سوق تجارة العملة غير المشروعة محصورة فقط في شارع الجمهورية بالسوق الإفرنجي أو في برندات سوق الذهب و غابت منذ فترة طويلة عن مسامع المارة عبارات سماسرة العملة المعهودة (دولار، ريال، شيك سياحي) في برندات السوق العربي بل إتسعت لتشمل كل القطاع المصرفي و كل أجهزة الدولة و دهاليزها و قصور حمائمها و نمورها من أمثال قطبي المهدي للدرجة التي أصبحت فيها السوق السوداء لتجارة العملة هي المنوط بها تغطية العجز في موزانة الدولة الذي يتجاوز ال 2 مليار دولار لتمويل فاتورة الإستيراد التي تضاعفت بدورها من 27 مليون دولار عام 1992م إلي ما يزيد عن 10 مليار دولار في الموازنة العامة للعام المالي 2012/2013م ،،، فطالما أن حصيلة بنك السودان المستهدفة من العملة الصعبة تقدر بحوالي 5.57 مليار دولار عبارة عن تصدير بترول من انتاج الشمال بمبلغ مليار دولار، و مليار دولار أخرى من صادرات الذهب، ثم 3 مليارات من تحويلات المغتربين، بالإضافة الى صادرات غير بترولية في حدود (570) مليون دولار وهو ما يعني إجمالاً (5) مليار و (570) مليون دولار يضاف إليها مؤخرا العائدات المتوقعة من إتفاق رسوم معالجة و مرور نفط الجنوب عن طريق الشمال و التي تقدر بحوالي 1.6 مليار دولار ليصبح المجموع الكلي المستهدف حوالي 7.17 مليار دولار. و بالتالي و بما أن فاتورة الإستيراد المخططة 10 مليار دولار فإن هنالك حوالي 2.83 مليار دولار ستقوم الدولة مجبرة بتوفيرها من السوق الأسود علما بأنه حتي ال 5.57 مليار دولار المستهدفة غير مضمونة و ذلك:
لضعف صادرات بترول الشمال نتيجة لعدم الإستقرار و اشتعال الحروب الأهلية علي امتداد حزام السافنا.
فوضي تجارة الذهب التي وقعت عائداتها و فوائضها في جيوب مافيا التهريب (حالها حال إنتاج البلاد من المحاصيل النقدية التي أصبحت تشق طريق تهريبها الممهد المحروس من قبل أجهزة الدولة نفسها إلي الأسواق المجاورة للدرجة التي أصبح فيها الصمغ السوداني يُصَدَّر للعالم من دول الجوار بأقل من تكاليف إنتاجه).
إستحالة توفير 3 مليار دولار من المغتربين لإنهيار قيمة الجنيه مما دفع بالغالبية العظمي من المغتربين للإتجاه للسوق الأسود لتنفيذ تحويلاتهم بحثا عن أسعار صرف مجزية لتخفيف عبء الضغوط المعيشية علي أهلهم و ذويهم.
عدم الوضوح حول طبيعة إتفاق النفط الأخير بين الشمال و الجنوب مما يجعل من إيراداته من العملات الصعبة أمر محاط بمخاطر سياسية عالية من ناحية قد تحول دون إكتماله و تطبيقه و كذلك بمخاطر فساد الطغمة الحاكمة التي يسيل لعابها لأي فلس يقطُر من عائدات النفط و غيرها من ناحية أخري فتصبح بالتالي كل عائدات الإتفاق في حال تطبيقه حبيسة في خزائن ضاحية كافوري مربع 9 و محسوبيها من الطغمة الفاسدة ريثما تجد طريقها للخارج لتلحق بما تم نهبه و تهريبه خلال السنوات السابقة إلي شرق آسيا و بعض دول الشرق الأوسط و أوروبا و أمريكا اللاتينية.
فإذا كان هذا هو الحال فما هي الفائدة التي جنتها البلاد من إعدام الأبرياء الذين راحت حياتهم هكذا سديً بكل بساطة و دم بارد بتهمة الإتجار بالعملة ؟؟؟ ماذا يقول المشير و طغمته لوالدة الشهيد مجدي محجوب محمد أحمد الحاجة المكلومة هانم حسن (شقيقة الحاجة فاطمة حسن زوجة الأديب السوداني الراحل جمال محمد أحمد) (و لا نعلم إن كانت لا زالت حيَّة ترزق أم رحلت من الهم و الغم عن الدنيا و ما فيها) و التي ظلت حتي قبل لحظات من إعدامه و هو لا يزال شابا لم يتجاوز السابعة و العشرين من ربيع عمره تهرول بين القصر و القيادة و دهاليز الغدر و الخيانة تنشد الرحمة و قد عادت لبيتها علي حد قولها آنذاك (مسرورة بعد أن ذهبت لمقابلة البشير و ناشدته بالمولي الكريم ألا يعدم إبنها و وعدها بأن لن يمسه مكروه و صدقته و لكن في اليوم الثاني إستدعوها بكل دم بارد لإستلامه جثة هامدة) ؟؟؟ ماذا يقول المشير لمشروع القبطان الجوي جرجس القس بطرس الشاب السوداني الذي كان يشق طريقه المهني بثبات و نجاح و قد سلبه حياته و كل أحلامه و أحلام من عقدوا الأمل علي مستقبله الباهر من أهله و أقاربه ؟؟؟ ماذا يقول لأم المسيح مريم العذراء التي وهبها الله له غلاما زكيا و جعله للناس آيةً و رحمة ؟؟؟
ماذا فعل المشير و طغمته حيال فضيحة سرقة قصر السيد قطبي المهدي و حقائب عبد الرحيم محمد حسين الدبلوماسية الشهيرة التي لا تلتقطها كاميرات المراقبة في منافذ الدولة الجوية و الأرضية و البحرية ؟؟؟ لماذا يغض الطرف كل هذه السنين عن الزيتونة و غيرها من دهاليز تجارة العملة التي لا تبعد رمشة عين عن مرمي أبصارهم التي لا تري و عن آفاقهم الضيقة و نفوسهم التي وقفوا عاجزين كل هذه السنين العجاف عن جهادها ؟؟؟ و ماذا يقول في كل هذا للنبي الكريم محمد عليه الصلاة و السلام الذ صدق حين قال (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) و هو القائل لأسامة بن زيد (حُبِ رسول الله) (أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة ! والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) ؟؟؟
و لكن ماذا نقول لسخرية القدر و لم يترك لنا المشير و طغمته الفاسدة غير الدمار و القتل و التدهور المريع و الفشل التام بعد كل هذه السنين و هو يتراقص طربا ملطخا برزيلة المشروع الحضاري و الدمل الذي يحمله من ورائه و حوله و الفشل الذي لا ينفك يتباهي به في كل مناسبة و لسان حاله يقول "هنع ،،، هنع ،،، هنع ،،، أنا التسخو ال الله مسخو ورد البحر جاء بي وسخو" ،،،
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.