جلسنا هذه المرة الى صاحب بقالة تيراب للمواد الغذائية التى تقع على شارع الشهيدة الدكتورة سلمى وتزدحم عقب الساعة الرابعة عصرا بالسيارات دون ان تجد موطئ قدم او مكان لسيارتك مع العلم انه بجانب هذه البقالة تقبع اخرى ولكنها خالية تماما وبرغم اننى كمواطن عادى انتابنى ذات مرة ان مكان الزحمة فيه الرحمة وبذات الفهم فان الزحمة بدأت تزداد يوما بعد يوم الى ان استعان مالك البقالة بعدد من العمال لمساعدته فى تقضية حاجيات الزبائن والمدهش فى الامر ان كل الذين يتسوقون من هذه البقالة لا يسألون عن الاسعار وانما يدفعون ما عليهم من حساب ويذهبون عائدين من حيث اتوا . هذه المقدمة كانت ضرورية اردت بها ان اوضح امرين اولهما ان هنالك اناسا «فئة لا يستهان بها» تتسوق وفق ما تهوى ووفق ما تريد، واخرون لايجدون ما يقتاتونه ويسألون عن السعر قبل الشراء وهذا ما وجدته فى سوق «كرور» الواقع بالحارة 14 امبدة يبعد حوالى 3 كيلو مترات من البقالة السالفة الذكر . سألنا احد المتسوقين بالبقالة عن عدم السؤال عن الثمن قبل الشراء وما يمكن ان يترتب عليه من اثر تجاهه ، فقال لى تعرف ان كل الذين يأتون الى البقالة هذه او اخرى من البقالات التى انتشرت فى العاصمة من الطبقات المقتدرة فلايوجد احد يأتى الى هنا ويشترى مثلا بجنيه او جنيهين، ولكنه استدرك وقال ان غالبية السودانيين فى ظل الأزمات هذه قد يكونون ضحايا هذه المجمعات التسويقية الضخمة ورجع وقال لكن اعتقد ان الامر مرتبط بمدى صلاحية السلعة من غيرها ، واضاف ان السلعة داخل هذا المجمع تمتاز بانها مكتوب عليها تاريخ الصلاحية الامر الذى تنتفى معه الشكوك تماما،وقال اذا كانت لدى ملاحظة فهى كالاتى ان تتخذ هذه البقالات الكبيرة او السوبر ماركت كما يحلو للكثيرين وضع ديباجة الاسعار على السلعة حتى لا يقع المواطن فريسة الاسعار وايضا رجع وقال ان الاسعار فى السودان غير ثابتة ومرد ذلك الى السياسات الاقتصادية التى تجعل من التجار يتحايلون على المجتمع ، وقال ان كل الامور ترتبط ارتباطا وثيقا بالحراك الكلى سواء كان فى الجانب الاقتصادى او السياسى وان الاستقرار الكلى يعنى الاستقرارا فى المفاصل المختلفة. اما فى سوق «كرور» قال لنا التاجر اسحاق الدومة ولديه دكان صغير ممتلئ الجوانب بكل ما تحتاجه الاسرة وصلنا اليه بصعوبة بالغة فى وقت تزدحم فى الدكان خاصة الصباحية وسألناه لماذا هذا الازدحام قال لنا لدينا كل شئ وباى شئ قلنا له عرفنا كل شئ ولكن ماذا تعنى باى شئ قال على قدر قروشك فقلت له اعطنى سكر ب50 قرشا فناولنى كيسا صغيرا به سكر يعمل ثلاث كبايات شاى، واردف قائلا تعرف اننا نعمل من اجل المساكين ولا نبتغى الربح فى السلع ولكن نربح فقط فى الفحم والحطب والعيش اما المأكولات المطبوخة فعلى حسب امكانية الزبون، فقلت له ولكن هنالك اناسا يقولون ان بضاعتكم ليست بالجودة، فقال هنالك ناس الصحة والبلدية اسألوهم وقال اعرف ان اصحاب البقالات الكبرى حاقدين علينا ولكن كل واحد يأخذ رزقو وربنا يعلم، وارجع الغلاء الى الجشع فى نفوس الناس، وقال بعض الاسر تعيش فى اليوم الواحد على خمسة جنيهات واسر تعيش على اكثر من خمسين جنيها ،وقال اما نحن فاننا نعمل على تيسير المعيشة لثلاثة ارباع السودانيين وقال اتمنى ان يحذو البقية حذونا ولن نسمع فى يوم من الايام من ضاقت به المعيشة، وقال حتى التانج هذا نحن نوزعه على الاكياس وحتى الصابون نجزئه على ثلاثة وكل بثمنه .