أقدمت شبكة "إن بي سي" الأميركية على "مجزرة وظائف" وتخفيض أجور مقدمي برامج شهيرة، في محاولة منها لتوفير أموال لتقديم محتوى متميز تنافس فيه الشبكات ألتلفزيونية وتنافسها المتصاعد مع الانترنت. وتأتي خطوة الشبكة الاميركية بعد اسبوع من الانتقادات التي وجهت لها حول محتوى نقل فعاليات أولمبياد لندن، وبعد أكثر من عام من استغناء مماثل أقدمت عليه هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن أشهر مدرائها وبعض وجوهها الاعلامية اللذين يتقاضون رواتب عالية، لتوفير اموال انتاج برامج وأفلام متميزة. ويرى المتابعون الاعلاميون ان شبكة "إن بي سي" الأميركية قلدت نفس خطوة هيئة الاذاعة البريطانية في محاولة لإعادة دراسة محتوى برامجها وتقديم سلة برامج تنافس فيه التصاعد المضطرد للقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية قد هدفت بخطوتها الى توفير 600 مليون دولار يجري توجيهها إلى انتاج برامج وأخبار بمحتوى وجودة عالية. وأنفقت "بي بي سي" ما يعادل نحو 24 مليون دولار، للاستغناء عن خدمات 115 مديراً بارزاً وبمعدل 150 ألف جنيه لكل واحد منهم. واستغنت شبكة "إن بي سي" الأميركية عن خدمات 20 إلى 25 موظفاً وعمدت إلى تخفيض أجر مقدم البرامج الشهير "جاي لينو" لتفادي صرف عدد أكبر من الموظفين. وذكرت مصادر صحفية أن لينو "62 عاما" تبرع بتخفيض راتبه 30 مليون دولار للمحافظة على أكبر قدر من العالمين وعدم الاستغناء عنهم. وبدأ جاي لينو تقديم "تونايت شو" في العام 1992 واستمر في ذلك طوال 17 سنة قبل أن ينتقل في العام 2009 لتقديم برنامج "جاي لينو شو" عند الساعة 10 ليلاً، ولكن سرعان ما أعلنت شبكة "إن بي سي" بعد عدة أشهر أنه سيقدم برنامجه عند الساعة 11:35 ليلاً. وتسعى إدارة الشبكة الى تخفيض ميزانية انتاج برنامج "جاي لينو شو" من 2.3 مليون دولار إلى 1.7 مليون دولار، عندما كانت ميزانيته قبل ان يقدمه لينو. وسبق وان غادر مقدم البرامج لاري كينغ شبكة "سي ان ان" الاخبارية بعد ان استمر في تقديم برنامجه الشهير بعد تكلم اكثر من 18 الف كلمة في اليوم الواحد" وقد تمكن من اجراء مقابلات "مع اكثر من 40 الف شخصية". وأثارت مغادرة "كينغ" شبكة "سي ان ان" تساؤلات حول المقدم الأوحد للبرنامج الحواري، الأمر الذي يؤول الى ان "جاي لينو" فضل تخفيض راتبه على ترك برنامجه من على على شبكة "إن بي سي". ويبدو ان "تابو" التقليد المتوارث فتح أمام أشهر القنوات التلفزيونية التي عرفت في يوم ما ب"امبريالبة البث الفضائي" اعادة رسم الاستراتيجية الاعلامية للمؤسسات الكبرى بناء على المواقع الالكترونية التي تقدم الكثير من التفاصيل والابتعاد عن نجومية المقدم الذي يرابط على شاشة المشاهد لساعة او اكثر ولسنوات وسنوات، فلا مجال اليوم لهذه النمطية في التقديم وطريقة الحوار ونوعية الموضوعات. وسبق وان اعترف رئيس اكبر شبكة تلفزيونية عالمية بتغيير قواعد الاستراتيجية الاعلامية في العالم أثر استقالته من إدارة شبكة "سي ان ان" الاخبارية الاميركية. وقال جيم والتون في بيان استقالته "تحتاج (سي ان ان) الى فكر جديد، يبدأ ذلك برائد جديد يجيء بمنظور مختلف وبخبرات مختلفة وبخطة جديدة". وياتي اعتراف والتوان الذي يتولي منصبه منذ عام 2003، في وقت لم يعد اليوم لهذه النمطية في التقديم وطريقة الحوار ونوعية الموضوعات، مجالا في اعلام متغير وبدائل متعددة متاحة امام المستخدم. وأعلن جيم والتون رئيس شبكة (سي ان ان) الإخبارية انه سيستقيل في 31 كانون الاول (ديسمبر) بعد ان عانت الشبكة من تدنى ترتيبها خلال السنوات الاخيرة. وتثير مطالب مدير أكبر شبكة اعلامية في العالم حول منظور مختلف، ان كرة العولمة التي تعني توحيد وجهات النظر نحو فكرة كبرى "غربية على الاغلب" لم يعد لها وجود بسبب العولمة نفسها التي لم توفر التقنية التي تسمح بذلك فحسب، ولكن سهلت من اجراء المقارنات وزرع الشك فيما يقوله الآخر الساعي للسيادة. ويجب عن الاعلام المعاصر ان ينزع فكرة الصحافة الصفراء لأن عالم الاعلام اليوم ملون جداً واللون الاصفر هو احد اطيافه "المقبولة". ويرى المتابعون ان الشبكات الكبرى بحاجة الى التجديد بعد أن كانت قوة لا يستهان بها في الخبر، الا ان بروز البدائل، القنوات او المواقع الالكترونية، جعلها في وضع صعب اذ ان كثيرين لا يتابعون برامجها حتى وان كانوا يتابعون اخبارها العاجلة. وسبق ان أثارت استقالة المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" مارك تومسون وانتقاله الى رئاسة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز"، حزمة تساؤلات، بعد اشهر من اعلانه ان قواعد الحياد على شاشات التلفزيون اضحت قديمة ولا مكان لها اليوم في مجتمع الفضاء الالكتروني والإعلامي المفتوح على الانترنيت. ووصف المدير العام لهيئة الاذاعة البريطانية مارك تومسون قواعد الحياد على شاشات التلفزيون بانها اضحت قديمة ولا مكان لها اليوم في مجتمع الفضاء الالكتروني والاعلامي المفتوح على الانترنيت. وطالب تومسون قنوات "بي بي سي" التخلص من قواعد الحياد التلفزيونية القديمة ومنافسة "فوكس نيوز" في استقطاب المشاهد في عصر الانترنت. وأكد خلال مشاركته في ندوة اعلامية في المبنى الحكومي "وايتهول" في العاصمة البريطانية لندن، على ان الانترنت يهدد بانهيار التلفزيون ان لم يتكيف مع المستقبل، وانه لم يعد من المنطقي لخدمات "بي بي سي" و"القناة الرابعة" في التلفزيون البريطاني احتكار المنافسة وسط البدائل الهائلة للمشاهد على الانترنيت. وأضاف "كان المنطق قائماً في الحياد الاخباري عند احتكار البث الفضائي من قبل عدد محدود من القنوات، لكن في المستقبل ومع توفر مجموعة واسعة من الخيارات، سيكون بامكان الجمهور تحديد ما يود رؤيته أو سماعه". لكن تومسون الذي واجه مداخلة من رئيس المحررين في "بي بي سي" نيك روبنسون الذي ترأس المناقشة وقال ان الهيئة لم تعد تدافع عن الصحفيين كما ينبغي، أكد ان جميع الخدمات الاخبارية في قنوات هيئة الاذاعة البريطانية ستبقى محايدة، مطالباً في الوقت نفسه السماح لوجهات النظر التي توصف ب"المتطرفة" بالبث ضمن قواعد الحياد القائمة حالياً. للتواصل مع كرم نعمة [email protected] ميدل ايست اونلاين
