ليس الفنان ذلك الشخص الذي يعيش في برج عاجي والأرض مفروشة أمامه بالورود، فبعض النجوم يدفع ثمن الشهرة من أعصابه والبعض الآخر من أسلوب حياته، يكفيهم هم الحفاظ على وجودهم في الساحة بأي ثمن. ماذا وراء وجه الفنان المبهر الذي تصوّره الأضواء والشهرة، وكيف يتعامل مع حالات الضيق والاكتئاب؟ من منا لا يتذكر معاناة سعاد حسني في بلاد الغربة، حيث ابتعدت عن الأضواء ووضعت نفسها في عزلة يصعب اختراقها كي لا يراها من يعرفها بالسندريلا؟! وماذا عن الحالة المتردّية التي وصلت إليها الأسطورة صباح بعد ما حظيت به من عز ومجد وشهرة، هذه النجمة التي تحملت الكثير وفشلت في تكوين عائلة مستقرة كان همها الأول والأخير الحفاظ على صورتها مشرقة أمام عشاقها. كذلك لازم الاكتئاب أحمد زكي طويلاً وكان يرتاد عيادات الأطباء النفسيين باستمرار لشعوره بعدم الاستقرار والمصالحة مع الذات ومع المجتمع المحيط به. أما عبد الحليم حافظ فكان الأرق رفيقه الدائم بسبب هاجس انتابه بأن الموت قد يداهمه في الليل، لذا كان يسهر حتى الفجر وينام في النهار. أيضاً أصيب «العندليب» خلال فترة المجد بإحباطات لخسارة حب كبير، وهو ليس الحب الذي تتحدث عنه الأفلام أو المسلسلات أو الروايات التي تتناول سيرته الذاتية، إنما حب حقيقي حرم منه قبل فترة وجيزة من موته، ووحدها الإعلامية سناء منصور تعرف من هي الحبيبة الحقيقية التي حرم منها «العندليب». «لست أسعد واحدة» نجمات اليوم الفاتنات اللواتي لا تفارقهن البسمة في كل إطلالة على التلفزيون وفي كل حفلة، صرحن مراراً بأنهن عشن لحظات صعبة. على سبيل المثال لا الحصر، أكدت إليسا صاحبة ألبوم «أسعد واحدة» في أكثر من مناسبة أنها ليست أسعد واحدة في حقيقة الأمر، وأنها تعاني إحباطات و{طلعات ونزلات»، على غرار الناس كافة. بدورها عانت نوال الزغبي الأمرين قبل طلاقها من زوجها إيلي ديب، مع ذلك حرصت على الظهور أمام الجمهور بأبهى صورة لها. الأمر نفسه بالنسبة إلى أصالة التي عانت ما لم يعانه بشر خلال ارتباطها بزوجها أيمن الذهبي، وعندما طلقها كانت «على الأرض يا حكم»، لذا فضلت الانسحاب من الساحة الفنية، ولم تعد إليها إلا بعدما تزوجت طارق العريان وتصالحت مع نفسها ومع الدنيا. لم تسلم أنغام من المعاناة أيضاً ففضلت الطلاق بسبب خلافاتها المتلاحقة مع زوجها الموزع الموسيقي فهد، الذي تردد أنه كان يخونها. ولم تتأخر ميادة الحناوي في طلب الطلاق من زوجها الأخير مهند عندما اكتشفت أيضاً خيانته لها، وظلت أكثر من عام بعيدة عن الأضواء في محاولة منها للملمة جراحها. حتى هيفا وهبي التي تعيش بسعادة مع زوحها رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، والتي يرافق النجاح أعمالها كافة، تعاني في الحقيقة غصة حزن وألم لحرمانها من رؤية ابنتها، وكلما ذُكر اسم زينب أمامها انهمرت الدموع من عينيها. شهرة وقلق ليلى اسكندر، التي تخطو نحو عالم الشهرة بعد مسلسلها «لعبة المرأة رجل»، أوضحت أنها تعيش حالة قلق سببها كيفية حفاظها على الشهرة وازدياد جمهورها في ظل المنافسة الحامية في الوسط الفني، وهذا الأمر بالذات يشكل عبئاً عليها ويأخذ الكثير من تفكيرها. أما مروان خوري فلا يسمح لنفسه، كما يقول، ببلوغ مرحلة الاكتئاب، إنما قد يتعرّض لحالة من الإحباط بسبب حساسيته الزائدة، إلا أنه يحرص على ألا تسيطر عليه لأنها تفقده الكثير من حيويته. رأي علم النفس تقول الدكتورة جمانة خلاط، اختصاصية في الطب النفسي، إن المبدع يتعرض لحالات الاكتئاب عندما يشعر بأنه غير قادر على العطاء، أو أعطى كل ما يملكه لجمهوره، لكن الحياة كانت مجحفة بحقه، كما حصل مع الفنانة الشهيرة داليدا التي وضعت حداً لحياتها وهي تقول: «لا شيء يستحق العيش لأجله». تضيف أن الفنانين يعيشون حياة مزدوجة، واحدة أمام الناس وأخرى في منزلهم وتشاركهم فيها دائرة ضيقة من المقربين، وقد تؤدي هذه الحياة المزدوجة إلى التطاحن بين الشخصيتين والانهيار أو الاكتئاب، فيلجأ البعض إلى وضع حدّ لحياته والبعض الآخر إلى تعاطي المخدرات والانزواء والانغلاق على الذات. تحمّل خلاط وسائل الإعلام، لا سيما في الدول الغربية، جزءاً من المسؤولية كونها تزيد من توتر المشاهير، إذ تلاحقهم ليل نهار وتنقل تفاصيل تتعلق بحياتهم الشخصية أو أمورهم الفنية من دون مراعاة لخصوصيتهم، بحجة أنهم شخصيات عامة واختاروا أن يكونوا تحت الأضواء. اليوم، بدأت وسائل الإعلام العربية تحذو حذو وسائل الإعلام الأوروبية، وتلاحق الفنانين في حلّهم وفي ترحالهم. الجريدة