كمال القاضي: العلاقة الشدية بين الزوج والزوجة وما يتخللها من مواقف كوميدية تم تقديمها في أكثر من فيلم فهي ليست اكتشافا حديثا لنجوم الكوميديا الشباب أمثال رامز جلال وإيمي سمير غانم اللذان قدما فيلم 'عش الزوجية' باعتباره نمطاً مختلفاً لتفجير السخرية والضحك. في بداية الخمسينيات كان للثنائي محمد فوزي ومديحة يسري السبق في رصد تداعيات الزواج القسري المبني على غير رغبة الزوج والزوجة فقد برع الاثنان في تصوير وتجسيد التضاد الإنساني بين طرفين لا يطيق كل منهما الآخر، ومع ذلك يعيشان تحت سقف واحد في مفارقة تستدعي الضحك حيناً والبكاء أحياناً، لقد نجح محمد فوزي وكذلك مديحة يسري في استثمار هذه الحالة الفنية الاستثنائية وأصبحا نجمين كبيرين بفضلها وانتهى بهما المطاف الى زواج سعيد على المستوى الواقعي بعد ذلك. بعدها جاء بداع مختلف من نفس النوع لشادية وفريد الأطرش كان الهدف منه معالجة القضية ذاتها بشكل إنساني 'لايت كوميدي' دون الحاجة الى نظريات ونصائح، وفي إطار غنائي فني محبب أعيد تقديم الصورة السلبية لزواج المصالح وما يترتب عليه من أضرار، ولكن لأسباب غير معلومة التزمت الأفلام السابقة المشار إليها بالنهايات السعيدة، ربما حرصاً من أصحابها على تماسك العلاقات الأسرية أو عدم الاتهام بأن السينما تلعب دوراً هداماً في هذا المضمار. الآن وبعد أن قُتلت هذه القضية بحثاً عادا المؤلف لؤي السيد والمخرج أحمد البدري لطرحها مجدداً مستغلين حالة الانفلات الكوميدي والهرولة الجماهيرية نحو كل ما هو ساخر وساذج هرباً من الضغوط الاجتماعية وأحاديث السياسية التي لا تنقطع، ولأن الفيلم الذي قدمه الاثنان لا يرقى لمستوى أفلام محمد فوزي وفريد الأطرش فهو لا يزيد عن كونه رد فعل لحالة التردي العامة، 'فعش الزوجية' الذي يتحدث عنه الكاتب ما هو إلا عش دبابير وقع فيه الزوج 'رامز جلال' الشاب المستهتر ابن رجل الأعمال حسن حسني، حيث نال عقابه المناسب بعد أن أفنى وقتاً طويلاً في اصطياد الفتيات والإيقاع بهن في براثنه، وبما إن الجزاء من جنس العمل فقد ساق القدر في طريقه زوجة تنتمي إلى الجنس الخشن ولا تمت للنعومة بصلة 'إيمي سمير غانم'، فتاة رياضية تهوى كرة القدم وتكرس كل طاقتها لهذه اللعبة، وبالتالي فهي تستغنى بها عن أي شيء آخر ولا ترتضي لغيرها بديلا في حياتها. هذه هي النقطة المحورية للأحداث التي دار حولها المخرج ولف ما يقرب من الساعتين بشكل غلب عليه الإسفاف والمماحكة في الكوميديا الساخرة وهو أبعد ما يكون عنهما، فالفيلم لا يتعدى محاولة فاشلة للاستظراف فحسن حسني كما هو لا يتغير أبداً، طريقة واحدة في الأداء وأفيهات محفوظة وأكليشيهات عفى عليها الزمن فقد لعب حسني دور الأب بذات الأدوات التقليدية ونفس الروح التي غلبت عليه في أفلام سابقة كان فيها أباًَ لنجوم آخرين مثل أحمد حلمي والراحل علاء ولي الدين ومحمد هنيدي وغيرهم. أما رامز البطل لمدلل فلم يكن سوى لاعب أكروبات خفيف الحركة يتمتع بلياقة بدنية عالية لا أكثر ولا أقل فهو ليس ممثلا كوميديا تتوافر فيه خفة الظل ولا هو مهرجاً تتوافر فيه خفة الظل ولا هو مهرجاً يمكن استغلال موهبته في نمرة من نمر السيرك القومي، لم نلحظ على رامز تأثراً ما بموقف من المواقف الدرامية ولم نضبطه متلبساً بالتمثيل طوال الأحداث، فقد كان يتنقل من مشهد لمشهد بخفة الطائر دون أن يترك أثراً يذكر! والمستنتج من هذه الملاحظة أن الممثل الشاب يصلح أكثر لأداء دور المغامرة في برامج التشويق والإثارة وهي قدرة يمتلكها بالفعل رامز جلال وعليه أن يطورها وينميها. وعن إيمي سمير غانم فإنها تمتلك على العكس مقومات ممثلة اكثر منها فتاة رياضية حيث دورها كلاعبة كرة قدم وكابتن فريق الفتيات لم يكن مناسباً لها فقد بدت في الفيلم بدينة تجاهد نفسها لكي تبدو رشيقة بينما الحقيقة تعلن عن نفسها، زيادة واضحة في الوزن وترهلات عضلية لا تخفيها عين الكاميرا، إيمي تفوقت في أداء دور الزوجة المتمردة وأخفقت حين أرادت أن تكون بطلة رياضية، ولا أدري لماذا اختار المؤلف لؤي السيد كرة القدم تحديدا هواية مفضلة للزوجة مع إن هناك أنشطة رياضية أخرى كانت هي الأنسب لها ومن بينها مثلا رياضة الكونغ فو أو الجودو. أسئلة وتفسيرات يمكن أن تطرح على لؤي والبدري يتصل بعضها بإشكاليات كثيرة، أهمها المساحة الصغيرة جدا المخصصة للفنانة القديرة رجاء الجداوي التي لعبت فيها دور الطبيبة النفسية والتي كانت أضيق من مساحة ضيف الشرف مع إن الفرصة ظلت مواتية حتى نهاية الفيلم والعودة السعيدة لعش الزوجية لاتساع الهامش الدرامي ولو قليلا للاستفادة من خبرة ونجومية الجداوي، خاصة أن وجودها على الأفيش بالقطع هو مكسب كبير وعنصر جذب لمن يقدرون المواهب ويدركون حجم وتأثير الفنان في مرحلة الاكتمال والنضج. الفيلم في عمومه حالة هزلية اكثر منها كوميدية ولا يوجد من عناصر الجمال ما يربطه بالسينما سوى اجتهادات مدير التصوير جلال زكي والجمل الموسيقية لعمرو سلامة فهذان المحسنان البديعيان هما الامتيازان الوحيدان اللذان خرج بهما الجمهور بعد ساعتين من عناء المشاهدة!!