يصادف غدا الاثنين مرور الذكرى السنوية لوفاة العندليب الاسمر الفنان زيدان الذى توفى بمستشفى المروة بضاحية المهندسين فى القاهرة فى الرابع والعشرين من سبتمبر 2011م بعد معاناة مع المرض الذى انهك جسده، ورحل الفقيد عن الدنيا الفانية مخلفاً الحزن واللوعة فى وجدان الآلاف من معجبيه، وبموته انطوت صفحة زاهية فى تاريخ الفن الغنائى حافلة بروائع الاغنيات الخالدة التى سوف يظل صداها يتردد فى الساحة الفنية، لقد أنجز زيدان ما سوف يخلده فى ذاكرة الناس الى امد بعيد. وعبر هذه المساحة نتوقف عند اهم المحطات فى مشواره، ونترحم على روحه، ونسأل الله ان يتقبله قبولاً حسناً ٭ العباسية الميلاد والملاذ: ولد الفنان زيدان محمد ابراهيم بحى العباسية بام درمان فى منتصف الاربعينيات، ومن الطريف ان الفنان الراحل الكاشف هو الذى صمم له المشاية التى تساعد الاطفال على المشي سريعاً بحكم مهنته «نجار» فى ذلك الزمان، والتحق الراحل بالمرحلة الاولية بمدينة كادوقلى التى كان يعمل بها والده، وعاد مرة اخرى لام درمان ودرس فى بيت الامانة ثم الوسطى بمدرسة حى العرب، والثانوى بالاهلية امدرمان. وفى مرحلة الثانوى انضم الى فرقة الموسيقى المدرسية تحت اشراف الاستاذ محمد احمد قاسم مسؤول النشاط الموسيقى بالمدرسة، وفى هذه المرحلة تفتقت موهبته بوصفه عازف مزمار ومؤدياً لاغانى الكاشف ومحمد وردى والكابلى. ٭ فضل الفن على أم درمان الأهلية: العناد هو السمة الملازمة لزيدان، ورغم رغبة والدته الراحلة ام الحسن التي كانت ترغب فى ان يكمل تعليمه، وتدخل خاله لإصلاح ذات البين بينه وبين مدير أم درمان الاهلية الذي كان يتابع الحفلات التي يشارك في احيائها، ترك زيدان المدرسة الاهلية عام 1961م حينما خير بين المدرسة والغناء، واصبح بعد وقت وجيز نجماً للجلسات الفنية، وحظى بمساندة الاذاعى احمد الزبير من خلال برنامجي «أشكال وألوان» و «ساعة سمر». ٭ العزف على العود وإجازة الصوت تعلم زيدان العزف على آلة العود تحت اشراف الموسيقار صالح عركى عام 1960م، وبرع فى اداء اغانى وردى حتى اطلق عليه البعض لقب وردى الصغير، واستطاع ان يتجاوز عدم اختياره فى احتفالات بخت الرضاء على اعتباره ان صوته لا يصلح للغناء، حتى اجيز صوته امام لجنة الاصوات بالاذاعة عام 1963م، وأجيز بالاجماع بمجموعة اغانى منها: «بالى مشغول يا حبيبى ما هو عارف بينى وبينك والايام». والفضل يرجع الى الشاعر عوض أحمد خليفة الذى شجعه ووجهه الى ان وصل الى مايكرفون الاذاعة. ٭ المحطة الاولى «وداع»: مشوار زيدان الفنى مر بعدة مراحل، الاولى كانت ظهوره بفن جديد ورؤية فنية جديدة قدم فيها باقة من الاغانى «بالى مشغول يا حيبى» من الحان عبد اللطيف خضر وكلمات عوض أحمد خليفة، بجانب «ما سألت يوم علينا لغيرك ما بقدر الوم» من الحان السنى الضوى واغنية «وداع » لابراهيم ناجى. وخلال تلك المرحلة تأثر زيدان بالموسيقار الراحل احمد زاهر الذى لعب دوراً بارزاً فى بناء شهرته ودعم مكانته الفنية، وقدم له من الحانه اغنية «معذرة» وأغنية «أكون فرحان» واستطاع من خلال تلك الاغنيات ان يشق طريقه ويفرض نفسه فى ساحة تضج باسماء كبيرة من المطربين آنذاك. والمرحلة الثانية بدأت فى التشكل فى عام 1969م من خلال اغنيات كتب لها النجاح والانتشار من الحانه الخاصة «ما اصلو ريدها قصر الشوق فراش القاش فى بعدك يا غالى ليه كل العذاب»، وقد احدثت تلك الاعمال ضجة فنية خاصة اغنية «فراش القاش» بلونيتها الجديدة ومقدمتها الموسيقية القصيرة، وقد كتب كلماتها الشاعر التيجانى حاج موسى ولحنها الموسيقار عمر الشاعر، وكانت بداية ميلاد ثلاثية زيدان وعمر والتيجانى الفنية التى اثمرت عن ميلاد العديد من الاعمال، وكانت أنموذجاً مثالياً للورشة الفنية. ٭ وسط الزهور متصور مع الراحل ود الشريف: ومن أهم ملامح المرحلة الثالثة فى مشوار زيدان اغنية «أخونك» من كلمات الشاعر الراحل محمد جعفر عثمان الملقب بود الشريف، والذى تغنى له ايضا بأغنية «وسط الزهور» من الحان عمر الشاعر، و «آسرنى يا مياس». ومن الطرائف التى رواها لنا ود الشريف عن تلك الاغنيات انه تقاضى مبلغ «20» جنيها من زيدان مقابل وسط الزهور، وطبع مئات النسخ من نص قصيدة «أخونك» على آلة الرونيو بعد أن تغنى بها زيدان بناءً على طلبات البنات التى ظلت تنهال عليه بمقر عمله فى هيئة المراهنات «توتو كورة» زمان. وقدم زيدان فى تلك الفترة أغنيتي «نبع الحنان غرام الروح» ولحن فيها اغنية «كلمة عتاب لمين» ونشيد «أبريل الحديث» وفق افادة الدكتور الفاتح الطاهر فى جريدة «الصحافة» بتاريخ 4/6/1986م، وتألق زيدان فى اداء اغنيات الذرى ابراهيم عوض وعثمان الشفيع، وكان سفيراً للاغنية السودانية فى الكثير من العواصم العربية والافريقية، وتواصل مشوار عطائه عبر السنوات، وظل الفقيد مشغولاً بتقديم الجديد لجمهوره حتى أيامه الاخيرة. و«زمان يا فن» و «أيام طروبة» آخر التسجيلات التلفزيونية لقد شارك الراحل فى العديد من البرامج والسهرات في الاذاعة والتلفزيون وقنوات اخرى، كان آخرها برنامج «زمان يا فن» ضمن برمجة التلفزيون الخاصة بالعيد في العام قبل الماضي مع المذيع عمر الجزلي، وشارك ايضا فى الفترة المفتوحة «بينا وبينكم» من تقديم المذيع الطيب عبد الماجد، وكان آخر برنامج استضاف زيدان برنامج «أيام طروبة» من تقديم الطيب قسم السيد على أثير إذاعة أم درمان.