إضاءة مات زيدان الخبرهذه المرة حقيقة وليته كان اشاعة، استيقظت جموع السودانيين صباح امس على الفاجعة الاليمة التى تناقلتها اجهزة المذياع والتلفازوالشبكة العنكبوتية ،اغمض العندليب عيونه بمشفى المروة بضاحية المهندسين فى قاهرة المعز التى سافر اليها قبل ايام فى رحلة استشفاء قصيرة تحفه دعوات محبيه على امل الشفاء بعد معاناة مع المرض الذى انهك جسده ورحل عن الدنيا الفانية مخلفا الحزن واللوعة فى وجدان الآلاف من معجبيه،وبموته تنطوى صفحة زاهية فى تاريخ الفن الغنائى حافلة بروائع الاغنيات الخالدة والتى سوف يظل صداها يتردد فى الساحة الفنية. لقد انجز زيدان ما سوف يخلده فى ذاكرة الناس الى امد بعيد وكان موته استفتاء حقيقياً لمدى الحب الذى يتمتع به فى كل بيت سودانى، كانت امس سرادق عزاء الناس يعزون بعضهم البعض والدموع تناثرت من المآقى فى القاهرة ومطارالخرطوم واتحاد الفنانين والعباسية والحاج يوسف .. مات زيدان الخبر الاكيد انتشر وعم القرى والحضر. مات زيدان والموت هو الحقيقة التى لا تقبل الشك وليس لنا الا ان نرفع الأكف بالدعاء ( اللهم تقبله وارحمه واسكنه مع الصديقين والشهداء ( (انا لله وانا اليه راجعون ) . طوال يوم امس ظل فريق الصحافة ) يلاحق) تفاصيل الحدث الحزين فى اتجاهات واماكن مختلفة القاسم المشترك بينها مرارة الفقد. عبرهذه المساحة نسلط الضوء على بعض ملامح سيرته الذاتية ومشواره فى شارع الفن .. الميلاد والدراسة مابين العباسة وكادقلى ولد الفنان زيدان محمد ابراهيم بحى العباسية بامدرمان فى منتصف الاربعينيات ومن الطريف ان الفنان الراحل الكاشف هو الذى صمم له المشاية التى تساعد الاطفال على المشى سريعا بحكم مهنته كنجار فى ذلك الزمان، والتحق الراحل بالمرحلة الاولية بمدينة كادوقلى التى كان يعمل بها والده وعاد مرة اخرى لامدرمان و درس فى بيت الامانة ثم الوسطى بمدرسة حى العرب والثانوى بالاهلية امدرمان وفى مرحلة الثانوى انضم الى فرقة الموسيقى المدرسية تحت اشراف الاستاذ محمد احمد قاسم مسؤول النشاط الموسيقى بالمدرسة وفى هذه المرحلة تفتقت موهبته كعازف مزمار ومؤدى لاغانى الكاشف ومحمد وردى والكابلى فضل الفن على أم درمان الأهلية العناد هوالسمة الملازمة لزيدان ورغم رغبة والدته الراحلة ام الحسن ترغب فى ان يكمل تعليمه وتدخل خاله لاصلاح ذات البين بينه وبين ناظر الاهلية الذي كان يتابع الحفلات التي يشارك في احيائها وترك زيدان المدرسة الاهلية عام 1961 حينما خير بين المدرسة والغناء واصبح بعد وقت وجيز نجماً للجلسات الفنية وحظى بمساندة الاذاعى احمد الزبير من خلال برنامج اشكال والوان و ساعة سمر العزف على العود وإجازة الصوت تعلم زيدان العزف على آلة العود تحت اشراف الموسيقار صالح عركى عام 1960 وبرع فى اداء اغانى وردى حتى اطلق عليه البعض لقب وردى الصغير واستطاع ان يتجاوزعدم اختياره فى احتفالات بخت الرضاء على اعتباره ان صوته لا يصلح للغناء حتى اجيز صوته امام لجنة الاصوات بالاذاعة عام 1963 وأجيز بالاجماع بمجموعة اغانى منها (بالى مشغول يا حبيبى - ماهو عارف-بينى وبينك والايام) والفضل يرجع الى الشاعر عوض احمد خليفه الذى شجعه ووجهه الى ان وصل الى مايكرفون الاذاعة. محطات فى شارع الفن مشوار زيدان الفنى مر بعدة مراحل يمكن اعتبار المرحلة الاولى كانت ظهوره بفن جديد ورؤية فنية جديدة قدم فيها باقة من الاغانى (بالى مشغول يا حيبى)الحان عبداللطيف خضر وكلمات عوض احمد خليفه بجانب (ما سألت يوم عليك- لغيرك ما بقدر الوم- من الحان السنى الضوى) واغنية(وداع ) ابراهيم ناجى وخلال تلك المرحلة تأثر زيدان وتأثر به الموسيقار الراحل احمد زاهر الذى لعب دورا بارزا فى بناء شهرته ودعم مكانته الفنية وقدم له من الحانه اغنية معذرة - اكون فرحان- واستطاع من خلال تلك الاغنيات ان يشق طريقه ويفرض نفسه فى ساحة تضج باسماء كبيرة من المطربين آنذاك. المرحلة الثانية بدأت فى التشكل فى عام 1969 من خلال اغنيات كتب لها النجاح والانتشار من الحانه الخاصة (ما اصلو ريد- قصر الشوق- فراش القاش - فى بعدك يا غالى - ليه كل العذاب) وقد احدثت تلك الاعمال ضجة فنية خاصة اغنية فراش القاش بلونيتها الجديدة ومقدمتها الموسيقية القصيرة والتى كتب كلماتها الشاعر التجانى حاج موسى ولحنها الموسيقارعمر الشاعر. وكانت بداية ميلاد ثلاثية زيدان وعمر والتجانى الفنية والتى اثمرت عن ميلاد العديد من الاعمال وكانت نموذجاً مثالياً للورشة الفنية. ومن اهم ملامح المرحلة الثالثة فى مشوار زيدان اغنية اخونك كلمات الشاعر الراحل محمد جعفرعثمان الملقب بود الشريف والذى تغنى له زيدان ايضا باغنية وسط الزهور الحان عمر الشاعر واسرنى يا مياس ومن الطرائف التى رواها لنا ود الشريف عن تلك الاغنيات انه تقاضى مبلغ 20 جنيها من زيدان مقابل وسط الزهور وطبع مئات النسخ من نص اغنية اخونك بعد أن تغنى بها زيدان على آلة الرونيو بناء على طلبات البنات التى ظلت تنهال عليه بمقر عمله فى هيئة المراهنات ( توتوكورة ) زمان. وقدم زيدان فى تلك الفترة اغنية نبع الحنان-غرام الروح و لحن فيها اغنية كلمة عتاب لمين ونشيد ابريل الحديث وفق افادة الدكتور الفاتح الطاهر فى جريدة الصحافة بتاريخ 4/6/1986،وتألق زيدان فى اداء اغنيات الذرى ابراهيم عوض وعثمان الشفيع وكان سفيراً للاغنية السودانية فى الكثيرمن العواصم العربية والافريقية وتواصل مشوار عطائه عبر السنوات وظل الفقيد مشغولاً بتقديم الجديد لجمهوره حتى أيامه الاخيرة . آخر مشاركات العندليب فى الاذاعة والتلفزيون وشارك عبر العديد من البرامج و السهرات في الاذاعة و التلفزيون كان آخرها برنامج (زمان يافن) ضمن برمجة التلفزيون الخاصة بالعيد في العام الماضي مع المذيع عمر الجزلي وشارك في ذات العام في الفترة المفتوحة ( بينا وبينكم) من تقديم المذيع الطيب عبد الماجد وكان آخر برنامج استضاف زيدان برنامج ( ايام طروبة) تقديم الطيب قسم السيد على اثير اذاعة ام درمان.