انا لا أبالغ ان قلت ان عادل امام اصبح متفوقا في مجال السياسة أيضاً، والا لما هذا الكم الهائل من الانتقادات والمديح، لماذا يدور عنه الحديث أسبوعيا في اشهر الصحف العربية، حتى جريدة القدس العربي وخلال هذه السنة وحدها نشرت 14 موضوعا وخبرا يتحدث عن الزعيم عادل امام، وخصوصا الان بعد تقديم مسلسله فرقة ناجي عطا الله من خلال الشاشات العربية في شهر رمضان، ولكم قرأت من التعليقات الإيجابية والسلبية، وكم قرات من أبحاث تدور حول عمله الاخير المذكور سابقا، وانا أيضاً لم اجد نفسي الى وانا أخوض في كتابة بحث مصغر يدرس فرقة ناجي عطا الله من عدة نقاط واتجاهات. عادل امام هو الممثل رقم واحد في العالم العربي، والذي تعودنا ان نشاهده من خلال اعماله، بدأ بالظهور بهالة جديدة خلال السنين القليلة الفائتة، ظهر يحمل موقفا سياسيا، في البداية داعما لنظام حسني مبارك وبعدها معتذرا ومؤيدا للثورة بإرادته او ربما مجبرا بسبب الضغط السياسي والاجتماعي، وبالإضافة الى ظهوره من خلال مواقفه من الثورة المصرية بدأنا نلاحظ ونشاهد ونقرأ عن موقفه من العراق وسوريا ورحيل بشار او بقائه، وقضية لبنان ودور حزب الله من هذه المرحلة التاريخية للشرق الاوسط. عادل امام تجاوز ال65 من العمر وربما السبعين، ومما لا شك فيه انه يعلن وبشكل موسع ومن خلال كل وسائل الاعلام ومن خلال اعماله السينمائية او الدرامية موقفا من جميع القضايا العربية وله في ذلك نظرياته الخاصة، وهناك يقع اللا محظور في المحظور، فيكفيك عزيزي القارئ مجرد البحث عن اسم الممثل عادل امام من خلال موقع البحث غوغل حتى تجد هناك الكثير من المقالات والأبحاث، منها من يمتدح الموقف وينتقد العمل، منها من يمدح العمل والموقف، ومنها من يسبه ويقلل من قيمة اعماله ويرى في آرائه مواقف انهزامية هدامة. عادل امام رجل التناقضات فمرة يكيل الكيل على حماس وفي ناجي عطا الله يثني على موقفها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، مرة يدافع عن الرئيس المخلوع حسني مبارك ومرات نجده ثائرا يدعم الثوار وينكر انتماءه الى الفئة الحاكمة، مرة يتعرض لحزب الله والسوريين بالتجريح ومن ثم في ناجي عطا الله نجده داعما لحزب الله بل يعتبر مصر ام المقاومة والأم الحنون لحزب الله. شيء وحيد على مدار العقود الفائتة لم يتغير من موقف وطرح امام هو قضية المسلم الملتحي، طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار موقفه المتناقض من حماس، فبدون هذا الموقف نجد ان امام يساري علماني يرى ان مصيرنا مع الاخوان وخصوصا السلفيين هو مصير كارثي، ربما امام صادق وربما لا، ولكنه يتناول أمرا مهما لم يتناوله احد من قبل ان امام الممثل عانى من تهديد السلفيين له بحياته ثمنا لأعماله السينمائية، ولولا ذلك لما شاهدنا امام يتعرض لموقف السلفين اصلا، فأعمال امام التي تعرضت للسلفيين بدأت في بداية سنوات التسعينيات. امام رغم كونه ممثلا وليس سياسيا الا انه يثير حنق الكثير من الكتاب ويثير إعجاب الكثير من الكتاب أيضاً، فالكثير من كتابنا اصحاب المقالات السياسية تعرضوا له بمقالات تتحدث عنه او عن موقفه من هذه القضية او تلك، وجميع هؤلاء أخذوه مجالا للبحث والنقاش، وخصوصا مواقفه الشخصية والفنية من قضية المقاومة في العالم العربي وقضية اسرائيل والقدس والقرضاوي، لقد استطاع امام ان يجلب الكتاب والباحثين كما جذب المشاهد العربي، ومع ذلك الجلب استطاع ان يزيد معجبيه ومنتقديه أيضاً. امام سياسي من الدرجة الاولى، ولعل سياسيين معروفين على مستوى العالم العربي لم يستطيعوا ان يبرزوا موقفهم كما ابرزها امام. كاتب وباحث فلسطيني القدس العربي