بانتيو (جنوب السودان) (رويترز) - ربما كان سكان بلدة بانتيو ذات الطرق الترابية يتوقعون إمدادات مستقرة من الوقود الرخيص نظرا لأن البلدة تقع بين حقلين من أكبر حقول النفط في جنوب السودان. لكن منذ توقفت التجارة عبر الحدود قبل انفصال جنوب السودان العام الماضي اضطرت ولاية الوحدة ومناطق حدودية أخرى إلى جلب البنزين في شاحنات عبر مئات الأميال من الطرق الترابية من كينيا وأوغندا بأسعار مرتفعة مما يؤجج التضخم الذي بلغ خانة العشرات بالفعل. ويأمل التجار والمسؤولون أن تؤدي محادثات السلام التي يجريها زعيما الشمال والجنوب في اثيوبيا يوم الإثنين إلى السماح باستئناف حركة التجارة عبر الحدود لإعادة طرق الإمداد التاريخية للغذاء والوقود والسلع الاستهلاكية. وكان البنزين يأتي من مصافي الشمال أسرع وأرخص من الإمدادات التي يستوردها جنوب السودان من جيرانه الجنوبيين. وقال أبو بكر حامد (25 عاما) في متجره في سوق مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة "نأمل أن تفتح الحدود. ستنخفض الأسعار وتقل النفقات." وتابع أن استئناف جنوب السودان الحبيس صادرات النفط - التي أوقفها في يناير كانون الثاني بسب خلاف مع الخرطوم على رسوم العبور - سينشط الأعمال. ويجلس حامد داخل متجره وسط أكواب زجاجية وأدوات مطبخ تضاعف سعرها منذ إغلاق الحدود ويقول "تعاني السوق من كساد. قبل ذلك كانت التجارة تجري بشكل جيد والامور على ما يرام ولكن الآن لا يوجد مال." وانفصل الجنوب عن السودان بموجب اتفاق سلام عام 2005 لينهي عقودا من الحرب الأهلية لكن الجانبين فشلا في التوصل لاتفاق بشأن العديد من القضايا من بينها اقتسام ثروة النفط وتحديد تبعية العديد من المناطق الحدودية التي يحتدم الصراع عليها. ويأمل وسطاء في المحادثات التي تجري تحت رعاية الاتحاد الافريقي في اديس ابابا أن يحملوا البلدين على الموافقة على أقامة منطقة منزوعة السلاح تسمح للجنوب باستئناف تصدير النفط عبر السودان ومن شأن ذلك أيضا أن يسهل لتجار مثل حامد استيراد سلع من الشمال. وقال مايكل شيانجيك نائب حاكم ولاية الوحدة في مكتبه في بانتيو "نأمل أن تكون الحدود هادئة - حدودا يعبرها الناس بحرية دون خوف. سيتحرر التجار على جانبي الحدود. "نتوقع أن تتقلص أيضا التوترات الأمنية بيننا وبين الشمال وهذا أمر بالغ الاهمية." وارتفع التضخم السنوي في جنوب السودان إلى 43.3 بالمئة في أغسطس آب غير أن محللين كثيرين يقولون إن الأسعار ارتفعت أكثر بكثير فعليا ولاسيما قرب الحدود مع السودان. ورغم استمرار الحروب بين الشمال والجنوب لعقود قبل إبرام اتفاق السلام فان ثمة تشابكا شديدا بين اقتصادي البلدين. وحين أغلقت الحدود في العام الماضي - ويلقي الجنوب مسؤولية هذا التطور على الشمال - بدأ التجار في جلب السلع من أوغندا وكينيا عن طريق قوارب في النبل في بعض الاحيان ولكن معظمها يأتي برا عبر طرق ترابية وعرة. ويزيد موسم الأمطار من صعوبة المهمة إذ تصبح الطرق موحلة. وقال مبارك سليمان (25 عاما) إن رحلته من جوبا عاصمة جنوب السودان إلى بانتيو وهي مسافة لا تزيد على 600 كيلومتر استغرقت خمسة أيام بسبب مياه الفيضان. وتابع "النقل صعب الآن. لا نجد سيارة وإذا وجدنا سيارة تكون غير صالحة." وقدر أن أسعار السلع في متجره ارتفعت نحو 60 بالمئة منذ بدأ في استيرادها من كمبالا باوغندا عبر جوبا. وتابع "لم نتأثر على مدار أربعة أو خمسة أعوام كما تأثرنا في الاشهر القليلة الماضية." وقال جاتماي تشول (35 عاما) الذي يدير متجرا آخر إن أحد المشاكل هو نهم السلطات الجديدة لجمع الضرائب منذ وقف صادرات النفط في يناير كانون الثاني. ويسهم قطاع النفط بنحو 98 بالمئة من ايرادات دولة جنوب السودان. ومضي يقول "نحن قلقون للغاية حيال الامر ولكن ما باليد حيلة. الشمال هو من أغلق الحدود." واستمر التهريب إلى حد ما لكنه غير كاف لتعويض فقد التجارة الرسمية. وقال شيانجيك إن السلطات تشجع سكان المنطقة على الزراعة لخفض الواردات الغذائية ولكن ذلك قبل أن يفسد الفيضان هذه المساعي. وتعتزم ولاية الوحدة بناء مصفاة نفط صغيرة لتقليص واردات الوقود ولكن لم تعرف المدة التي تستغرقها أعمال البناء