منذ أن أوقف جنوب السودان إنتاج النفط، بسبب خلاف مع السودان حول تكاليف النقل، ارتفعت أسعار السلع في جميع أنحاء البلاد. في مدينة ملكال، العاصمة الغنية بالنفط في ولاية أعالي النيل، يقول المتسوقون فيها إنهم يواجهون صعوبة في شراء المواد الغذائية، نظراً لأن أسعارها تضاعفت تقريباً في غضون سنة. وبحسب "رويترز" فقد توقف إنتاج النفط في جنوب السودان خلال يناير الماضي، بعد خلاف مع الشمال في شأن تكاليف النقل، وبما أن جنوب السودان ليس منطقة ساحلية، فإن النفط يجب أن يمر في خطوط الأنابيب عبر الشمال ومنه إلى العالم الأوسع، ومع أن البلاد تملك بعض الاحتياطات النقدية والمحادثات جارية لحل النزاع، إلا أن الطبقة الفقيرة هي أكثر من سيتضرر من ارتفاع الأسعار الناجم عن ذلك، فارتفاع أسعار النفط يعني ارتفاع كلفة نقل كل شيء، وسعر البترول تضاعف في السنة الماضية. وتصطف السيارات لساعات في محاولة لشراء البنزين مع نفاد الوقود من المحطات، نتيجة نقص الدولار بعد أقل من ثلاثة أشهر على وقف أحدث دولة في العالم إنتاجها النفطي، بسبب خلاف مع السودان. ونفد الوقود من أربع محطات للبنزين زارها مراسل «رويترز» في جوبا عاصمة جنوب السودان، بينما اصطفت السيارات في طوابير طويلة أمام بضع محطات مازالت مفتوحة. وقال عامل في إحدى محطات البنزين رفض نشر اسمه، «نفد الوقود لدينا، لا أعلم متى ستأتي إمدادات جديدة، وإن كنا سنتمكن من سداد ثمنها». وأثار الخلاف بشأن مدفوعات النفط، توترات خطيرة بين الخرطوموجوبا أدت إلى اشتباكات حدودية قد تدفع الدولتين إلى حرب شاملة. والقتال هو الأسوأ منذ استقلال الجنوب في يوليو، وبدأت تداعيات خطيرة للخلاف النفطي تضرب اقتصاد جنوب السودان. ويقول جنوب السودان «إن لديه مخزونات كافية للصمود لفترة طويلة، لكن نقص الدولار يدفع تكلفة الواردات للارتفاع، ما يشكل ضغطاً على الاقتصاد». وتحتاج جوبا لاستيراد كل شيء تقريباً، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية والوقود. وأظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، ارتفاع التضخم السنوي إلى 50.9 بالمئة في مارس، من 42.4 بالمئة في فبراير. ومع ندرة الدولارات وتراجع جنيه جنوب السودان تكافح محطات الوقود لسداد مستحقات الشركات الأجنبية التي تزودها بالوقود في شاحنات بعلاوة سعرية من كينيا وأوغندا، ولا يمتلك جنوب السودان مصافي للتكرير. وقال مصدر مصرفي «إن (البنك المركزي) خفّض بنسبة كبيرة كمية الدولارات التي يضخها في البنوك التجارية للحفاظ على احتياطاته المتضائلة». ويبلغ سعر الدولار حالياً بين أربعة و4.2 جنيه في السوق السوداء بجنوب السودان، مقارنة مع 3.5 جنيه قبل وقف إنتاج النفط.