فجر الفيلم المسي للنبي محمد قضية فنية مهمة على الساحة الفنية العربية، فقد لفت الانتباه إلى قلة الأعمال الدينية في مصر سواء في السينما أو الدراما، فعلى الرغم من أهمية تلك الأعمال ودورها في نشر الوعي الديني وتنمية الثقافة الدينية، إلا أنها أصبحت نادرة، كما يعمد التلفزيون الى اجترارا الأعمال القديمة دون السعي الى إنتاج أعمال جديدة. وما يثير الدهشة هو وجود الملايين من المشاهدين الذين يفضلون مشاهدة الأعمال الدينية، بالإضافة إلى أن هناك عددا كبيرا من الفنانين الذين يفضلون خوض ادوار الأعمال الدينية وليس لديهم أي مانع من تقديم تلك النوعية من الأعمال سواء في السينما أو التليفزيون، وهو ما يجعلنا نثير التساؤل حول سبب قلة الأعمال الدينية والتاريخية. أوضح المنتج "محمد فوزي" أن السبب الرئيسي وراء تراجع الإنتاج الديني سواء في السينما أو الدراما هو الوقت والتكلفة التي تتطلبها تلك النوعية من الأعمال، فإنتاج عمل درامي ديني يحتاج لتكلفة كبيرة جدا ومجهود جبار، بالإضافة إلى قلة السيناريوهات التي أصبحت شبه نادرة، والتوفر حاليا ليس على المستوى المطلوب. وأضاف "يوجد أكثر من مشروع مسلسل ديني يتم التحضير له في الفترة القادمة ولكن هذه النوعية من المسلسلات تأخذ وقتا طويلا حتى ترى النور ويتم عرضها". واعترض الفنان "حسن يوسف" على الأسباب التي قالها المنتج "محمد فوزي" مؤكدا أن تلك التكلفة العالية التي يتخذ منها المنتجين سببا لهجرهم الدراما والأفلام الدينية هو أمر غير مقبول، خاصة وأنهم يقومون بإنتاج أعمال درامية اجتماعية لايوجد هدف منها وتكون تكلفتها باهظة جدا وتتعدى الملايين على حد قوله. واوضح "إذا تم إنتاج أعمال دينية بتكلفة عالية فستكون هذه التكلفة لا قيمة لها بمقارنتها بالفائدة التي ستعود من وراء تلك الأعمال، إلى جانب أن تكلفة النوعية الأخرى من الأعمال جزء كبير منها يذهب لنجم العمل، ولكن في الأعمال الدينية الفنانين لا يطلبون أجورا عالية لمعرفتهم بأنهم يقدمون شيئا مفيدا لا ينتظرون مقابل أمامه وهو ما يمكن أن يلعب دورا في تخفيض التكلفة". وعن الأزمة التي يواجهها مسلسله الديني الجديد الذي يجسد خلاله قصة حياة الشيخ "أحمد ياسين"، أوضح "حسن يوسف" أنه لن يتنازل عن تقديم المسلسل خاصة بعد الأحداث الأخيرة، قائلا "نحتاج معها لإنتاج أعمال دينية كثيرة للرد على الإساءة بطريقه عملية"، وبالنسبة لتوقف المسلسل أكد أنه "لم يتوقف ولكنها فترة مؤقتة لحين انتهاء الأزمة المالية التي وقعت فيها شركة الإنتاج، خاصة وأن العمل يحتاج الى تكلفة كبيرة ورغبة الجهة الإنتاجية في أن يظهر على المستوى المطلوب"، مشيرا الى أنه سيستأنف تصويره قريبا ليكون جاهزا للعرض خلال شهر رمضان المقبل. وأكد المخرج "خالد يوسف" على رغبته الشديده في إنتاج أعمال سينمائية دينية وأن هذه الرغبة لم تكون وليدة اليوم فقط تبعا لما حدث من وراء الفيلم يسيء للإسلام، موضحا أنه كان لديه دائما رغبة في تقديم عمل سينمائي ديني ضخم، وهو ما يسعى إليه خلال الفترة المقبله. وأشار الى أنه يبحث عن سيناريو جيد، لأن هناك معايير وأسس للأعمال الدينية ولابد أن يتم عرضها على شيوخ الأزهر وأن تجيزها الرقابة على حد تعبيره. ووصف "خالد" الأفلام الدينية بالأفلام السهلة الممتنعة، لأنها "رغم سهولة تقديمها وإيجاد قصص دينية وشخصيات يمكن العمل عليها إلا أن الرقابة التي تخضع لها تلك الأفلام تجعلها تصاب بالجمود، فالأزهر يتدخل والهيئات الدينية الأخرى تتدخل فهي تحتاج لموافقة أكثر من جهة عليها". وأضاف "لهذه الأسباب يعزف المنتجون عنها، بالإضافة إلى ضرورة أن ندرك مدى تأثير تلك الأعمال في تشكيل الوعي الديني عند الجمهور، لأنها أعمال في غاية الأهمية والحساسية ولابد من أن يكون هناك تعاون بين المؤلف والمخرج في كسر الحدة التي نجدها دائما عند تناول الموضوعات الدينية حتى لا نتسبب في عزوف الجمهور عن مشاهدتها". وعبر الفنان "محمود ياسين" عن استيائه الشديد من الفيلم المسيء للرسول الذي رأى ان يجب أن الرد عليه يجب ان يكون بطريقه عملية، موضحا أن قضية تقهقر الإنتاج الديني هي قضية خطيرة يجب دراستها وخاصة في الوقت الحالي للرد على تلك الحملات التي يشنها الغرب ضد ديننا والتي يجب الرد عليها. وأضاف "ياسين" انه يجب أن ندرك أن الأهم من إنتاج أعمال دينية هو أن يتم ترجمة تلك الأعمال وأن تكون على المستوى العالمي المطلوب، لأن هذه الأعمال لابد وأن تصل للغرب لتعرفهم بقيمة ديننا وكذلك الحال بالنسبة للأعمال التاريخية والتي تبرز قيمة تاريخنا وتظهر قيمة علمائنا. واوضح "لابد أن تصل تلك الأعمال للغرب وأن تحظى بنصف الاهتمام الذي تحظى به الأعمال الفنية الأخرى التي لا تنطوي فبداخلها أهداف أو مضمون ومع ذلك تحظى بالعرض داخل وخارجها. وأشار محمود ياسين إلى ضرورة أن تكون هناك مسلسلات دينية تعرض خلال شهر رمضان، مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك مسلسلا على الأقل جاهزا كل عام في رمضان مثلما كان يحدث في الماضي. واضاف "الأمر لا يقتصر على الدراما فقط ولكننا نحتاج لأعمال سينمائية أيضا تستطيع أن تفرض نفسها وأن نقدمها في المناسبات والتي أصبحنا نكتفي فيها بعرض الأفلام القديمة مثل فيلم 'الرسالة' و 'فجر الإسلام' و 'الشيماء' وغيرها من الأفلام التي يجب أن نعززها بأفلام أخرى تتناسب مع التقنيات الجديدة والتطور في طريقة التصوير وغيرها" . ويرى الناقد "طارق الشناوي" أن عزوف المنتجين عن إنتاج تلك الأعمال هو السبب الرئيسي وراء اختفائها من على الساحة الفنية. وأوضح "ليست التكلفة الضخمة والوقت والمجهود وقلة السيناريوهات هي سبب عزوف المنتجين لأن هذه ما هي إلا أسباب معلنة، ولكن الأسباب الحقيقية تكمن في الاعتقاد السائد عند المنتجين وشركات الإنتاج، حيث أنهم يتصورون أن تلك الأعمال لن تعود عليهم بالفائدة ولن تغطي تكلفتها ولن يقبل عليها الجمهور". وبيّن "تخلى قطاع الإنتاج عن إنتاج هذه المسلسلات هو سبب اعتقاد المهتمين بهذه النوعية من الدراما والأفلام بأنه قد انتهى عصرها، ولكن الحقيقة غير ذلك، لأنه لو يجر استطلاع رأي ليستنتج المنتجون أن هناك رغبة عند قطاع كبير من الجمهور بمشاهدة تلك النوعية من الأفلام حتى وإن كانت لمجرد أن تكسر الملل الذي أصاب المشاهد من وجود نوعية واحدة من الدراما وهي الدراما الإجتماعية، والتي أصبحت مسيطرة على الساحة الدرامية، وكذلك الملل الذي أصاب الجمهور من تعرضه لنفس الأفلام الدينية في كل عام وكل مناسبة ورغبته في أن يجد فيلما دينيا جديدا". وأضاف "الشناوي" أن "الذوق العام لم يتغير وأن هناك ملايين من المشاهدين يعشقون مشاهدة هذه الأعمال الدينية، ولابد ألا نعتمد على الأفلام والمسلسلات التي أنتجت من قبل، لأنها لا تمس الواقع الذي يعيشه الناس الآن، فمن الضروري أن توجد أعمال دينية تنقل الدين من الماضي إلى الحاضر، ويبتعد المنتجون عن النظرة المادية وعدم التركيز المكاسب المادية والإيرادات العالية فقط ولكن في تقديم فن هادف يعيش مع الجمهور ولا ينقرض".