الساحة السياسية السودانية الحبلى بالأحداث، والأحزاب... والمفاجآت؛ ها هي تتمخض فتنجب حزبا جديدا باسم حزب الرحمن، والحزب الذي يبدأ خطواته الأولى كحزب رسمي مسجل يُسمح له بمزاولة العمل السياسي في جمهورية السودان، كنت قد تلقيت رسالة منه عبر بريدي الالكتروني تبشر بمبادئ الحزب وتدعو للانضمام له مع بيان عنوان الحزب المؤقت ومجموعة من أرقام هواتف المؤسسين، والى عمارة متواضعة وسط السوق العربي وفي شقة أكثر تواضعا؛ دلفت قبل حوالي شهرين إلى المقر المؤقت لحزب الرحمن، التقيت عددا من المؤسسين، وتناقشنا حول مبادئ الحزب، ومؤسسيه، وبرامجه، ورؤاه المستقبلية.. وسرعان ما انتهت المقابلة التي لم تستمر لأكثر من نصف ساعة.. وفهمت حينها أن الحزب يقوم على تأسيسه مجموعة من الإسلاميين، وأن على رأس المؤسسين قاضٍ يعاونه بعض الإسلاميين الذين ربما لم يروا في الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني ما يلبي طموحاتهم.. ثم قفز الحزب إلى دائرة الضوء والاهتمام عند تسجيله هذا الأسبوع.. مما استدعى حديثا واسعا مع بعض مؤسسيه وبعض رموز العمل السياسي حول اسم الحزب، وشعاره، ومؤسسيه، وبرنامجه. الشيخ صديق على البشير أمير جماعة الإخوان المسلمين الإصلاح علّق على اسم الحزب بقوله إن الاسم غير مناسب لأنه يُحدث إشكالا والتباسا مع حزب الله اللبناني الشيعي، أما إذا أرادوا أن يقولوا إنهم حزب الله الذي ورد في القرآن فهذا يعني أنه سيضم جميع المسلمين وأن من هم خارجه ليسوا مسلمين، وما أظن أن المؤسسين قصدوا هذا المعنى لكن سيتبادر إلى الأذهان من اسم الحزب، ويضيف الشيخ صديق أن اسم الحزب ليس فيه دلالة على منهج الحزب ولا برامجه، ولا طريقة دعوته، ومن هنا فإنه ينصح المؤسسين بتغيير اسم الحزب من باب ترك الشبهات وإزالة اللبس، أما بخصوص شعار الحزب الذي يتلخص في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، فلا يرى الشيخ صديق بأسا أن يكون هذا هو شعار الحزب؛ لكن المعوّل على البرنامج إذا كان شاملا؛ لأن كلمة التوحيد تشمل جميع جوانب الحياة، لكنه يعلق بأن الأصل في اختيار الشعار أن يكون مرتبطا بقضية مركزية أو آنية. الأستاذ إبراهيم عثمان أبو خليل الناطق الرسمي باسم حزب التحرير ولاية السودان لا يرى بأسا في اسم الحزب، ويضيف لعلهم أرادوا أن يقولوا إنهم حزب الله، والله هو الرحمن، ولعلهم عدلوا عن اسم حزب الله حتى لا يلتبس مع حزب الله الشيعي، مضيفا أن الاسم فيه غرابة لكنه لا يظن أن هناك إشكالية من ناحية شرعية في الاسم، ويستطرد الأستاذ أبو خليل بأن الساحة السودانية فيها الكثير من الأحزاب والأصل أن نفعّل الموجود، وإلا فما الداعي لوجود حزب جديد؟ وحول برنامج الحزب يضيف الأستاذ أبو خليل أنه إلى الآن لم يقف على برنامج الحزب، ولا على أهدافه، لكن يبدو أنه حزب إسلامي. الفريق سيد الحسيني عبد الكريم أحد مؤسسي الحزب وعضو اللجنة التحضيرية له عندما سألناه عن غرابة اسم الحزب أجابنا بالآية القرآنية (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) مضيفا بأن اسم الحزب فيه معنى الرحمة، ومستطردا بأن الحزب أراد في البداية أن يسجل باسم حزب الله، لكن مسجل الأحزاب السياسية نصحهم بتغيير الاسم حتى لا يلتبس اسم الحزب مع اسم حزب الله اللبناني الشيعي، وزاد الفريق الحسيني بأن الحزب مفتوح لكل سوداني دون أي تصنيف أو عزل، ويعطي الفريق الحسيني لمحة عن برنامج الحزب حينما يوضح أنه بعد انفصال الجنوب فليس لنا خيار سوى تحكيم شريعة الله تعالى مستدلا مرة أخرى بالقرآن الكريم ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) مستدركا بأنه يعني شرع الله الأصيل الذي ليس فيه أي دغمسة، وحول ما إذا كان حزبه يقوم على عناصر من المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية قال إننا قبلنا الناس من كل الأحزاب، وهذا حزب مفتوح، وأضاف نريد أن نطبق الأمانة والشورى والعدل، ونوحد الصف المسلم، نافيا أن تكون لهم أي مصلحة في مصادمة السلطان، بل يبذلون النصيحة خالصة. وحول موقعه في الحزب الوليد أشار الفريق الحسيني أنه الآن عضو لجنة تحضيرية، وأن المؤتمر التأسيسي سيختار قيادة الحزب والأجهزة الرئيسية فيه، مضيفا نريد أن نقدم نموذجا للحزب الرشيد الذي يقوم على الشورى دون تآمر، وأن جميع الأعضاء لهم الحق في التنافس الشريف على قيادة الحزب ومؤسساته القيادية. يُذكر أن الفريق الحسيني من قيادات نظام الإنقاذ سابقا وقد تولى عدة مناصب دستورية منها منصب والي كردفان الكبرى، ويُصنّف ضمن الضباط الإسلاميين. الصحافة