اعتبرت مجلة تايم الأمريكية، الثلاثاء 9 أكتوبر، أن السبب وراء موجة النشاط السياسي المفاجئ لقادة دولتي السودان وجنوب السودان من أجل السلام هو خوف البلدين من وضع اقتصادي كارثي ومأساوي حال اندلاع حرب بينهما. واستهلت المجلة تعليقها الذي أوردته في نسختها الإلكترونية بالتساؤل عن مدى إمكانية إحلال سلام حقيقي بين الدولتين، مشيرة إلى نشاط المسئولين من الجانبين ذهابا وإيابا بين جوباوالخرطوم - عاصمتا الدولتين المتحاربتين- في سعي للتصديق على 8 اتفاقيات تم التوصل إليها في محادثات برلمانات الدولتين. ولفتت المجلة إلى أن رئيسي كل من السودان وجنوب السودان عمر حسن البشير وسلفاكير على الترتيب أصبح كل منهما ينادي نظيره بكلمة "يا أخي" وأن البشير يعتزم القيام برحلة إلى جوبا. ورصدت المجلة تفاوت مستويات الحماس الذي قابل بها مواطنو الدولتين وعدد من المراقبين بالمنطقة تلك الاتفاقيات، مشيرة إلى قيام كل من الدولتين بإعادة فتح حدودها مع الأخرى في وقت سابق من الأسبوع الجاري الذي شهد أيضا امتداح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلا من البشير وكير لسعيهما إلى التوصل لحل شامل واختيار طريق السلام بدلا من الحرب. ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن اتفاقية 2005 التي انفصلت جنوب السودان بموجبها عن السودان أعطت دولة الجنوب ما يزيد عن نسبة 70 % من إنتاج النفط، غير أنها تركتها معتمدة في تصديره على ميناء السودان، مشيرة إلى أن اندلاع الحرب الأخيرة في أبريل الماضي بين الدولتين كان بسبب توقف الخرطوم عن السماح بمرور صادرات جنوب السودان عبر مينائها بسبب الخلاف على الرسوم حين رفضت الأخيرة دفعها واتهمت الخرطوم بسرقة النفط. واعتبرت مجلة تايم الأمريكية أن أهم ما جاءت به الاتفاقية هو استئناف إنتاج النفط، بعد الاتفاق على أسعار بيعه ونقله؛ حيث نصت الاتفاقية التي مدتها ثلاث سنوات على أن تدفع جنوب السودان 7 دولارات رسوم خدمات لكل برميل و40ر8 دولارات رسوم نقل لكل برميل عند استخدام خط أنابيب النيل الأعظم و50ر6 دولارات لكل برميل عند استخدام خطوط أنابيب شركة بترودار الصينية. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن شركتي النفط الرئيسيتين بدأتا - كنتيجة للصفقة التي أبرمت بشأن أسعار النفط- عملية طويلة لإعادة عمل خطوط أنابيب النفط. وقالت المجلة أن العائد المتوقع من عملية إنتاج النفط تحتاج إليه الدولتان بشدة للإبقاء على اقتصاديهما المتهالكين على قيد الحياة، مشيرة إلى أن انفصال جنوب السودان كبد الخرطوم خسائر تتجاوز 70 % من إجمالي النفط وهو ما استتبع ارتفاع معدلات التضخم بالبلاد في ظل سعي حكومة الخرطوم إلى تنفيذ عدد لا يحصى من المشاريع، وليست دولة الجنوب بأفضل حال من دولة الشمال؛ فهي تعتمد في 98% من دخلها على النفط الذي يعني استمرار حظره "فشلا مسبقا" للدولة التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم والجريمة على حد وصف تادل مارو، الخبير بالاتحاد الإفريقي. واختتمت المجلة تعليقها بتصريح اختصت به وزيرة الدولة بالمالية السودانية السابقة عابدة المهدي التايم الذي قالت فيه "إن الاختبار الحقيقي لاتفاقيات النفط المبرمة بين الدولتين سوف تشهده الأسابيع المقبلة، ولا سيما في ظل أزمة الثقة الكبيرة بين الجانبين اللذين لم يلجئا إلى الاتفاقية إلا بسبب الاحتياج الاقتصادي الشديد من جانب والضغط الدولي من جانب آخر".