دائما ما تُوصف صناعة الأفلام ببوليوود بأنها صناعة يسيطر عليها الذكور. ولكن كما هو الحال مع المجتمع الهندي في المجمل، تشهد هذه الصناعة تحولا من الأعمال الرومانسية التي يسيطر عليها أبطال رجال ومن أفلام الأكشن العنيفة التي تستخدم فيها الممثلات من أجل تحسين الصورة وحسب، إلى أعمال سينمائية أبطالها ممثلات. وخلال الأشهر المقبلة، ستظهر العديد من الأفلام أبطالها من النساء، فهناك فيلم «سات خون ماف» (العفو عن سبعة قتلة) للممثلة بريانكا تشوبرا، وفيلم «لم يقتل أحد جيسيكا» للنجمة راني مكرجي وفيديا بالان، وفيلم «عائشة» للمثلة سونام كابور وفيلم «ستبموم» للنجمة كارينا كابور وكاجول. ومع ذلك لا يزال هناك سؤال هام يطرح نفسه: هل ستكون لهذه الأفلام جاذبية؟ ولكن، على ضوء الاتجاهات الأخيرة، يبدو أن المشاهدين يقبلون الممثلات البارزات. وفي الفيلم الأخير «إشقيف» (الحب)، نجحت فيديا بالان في جذب جمهور كبير من النساء والرجال على السواء إلى دور السينما لمشاهدة فيلم جسدت فيه شخصية يكتنفها الكثير من الغموض على نحو لم يظهر في السينما الهندية من قبل. وقد كان هناك إقبال كبير على دور السينما بينما كانت تسعى إلى إغواء رجلين. ولم يتوقف الأمر على الجنس، ولكنها كانت تمثل بطلة من نوع جديد في صناعة السينما، فهي هادئة ولا مشكلة لديها في أن تنفصل عن زوجها في منتصف شهر العسل، وتعمل على تاكسي خلال الليل، وتدرس في النهار من أجل الحصول على درجة الماجستير في الإدارة، ولم تهتم عندما اتخذت المبادرة وتوددت إلى رجل أو عندما طلب من الشخص الذي أحبته أن يتزوجها. وبعيدا عن الضغوط العائلية والمجتمعية، تمضي مع طفلها المحبوب على الرغم من الرجل الذي هجرها. وعلى الرغم من أن الأفلام التي تركز على المرأة لا تمثل ظاهرة جديدة داخل بوليوود، فإنه ليس لها صيغة محددة ولا تميل إلى التواصل مع كافة شرائح المجتمع. ويشعر الكثيرون أنها تفتقد دوما إلى عناصر تعزز من المبيعات. وقد كان هناك إقبال ضعيف على بعض من هذه الأفلام (مثل «لاجا» و«زينداجي روكس» و«إيجا ناتشل» و«فيزا» و«لاغا تشوناري مين داغ» و«تشينغاري»)، ولكن كانت هناك استثناءات قليلة مثل الأفلام: «فاشون» و«بارينيتا» و«تشاميلي» و«فاير». ولكن بالنسبة إلى الأفلام المقبلة، نلاحظ وجودة سيطرة نسوية. ويدور الفيلم المقبل «سات خون ماف»، الذي يعتمد على قصة روسكين بوند «أزواج سوزان السبعة»، حول حكاية امرأة تقتل سبعة أزواج. وقالت بريانكا في مقابلة أجريت معها أخيرا: «من المبكر جدا الحديث عن فيلم (سات خون ماف)، ولكنه سيكون بالتأكيد فيلما فريدا من نوعه». وأشارت إلى أن الشخصية التي جسدتها تعد «من أصعب الشخصيات التي جسدتها في حياتي» وأنها لا تدري مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه الفيلم. ويدور فيلم «عائشة»، الذي يعتمد على رواية جين أوستن المشهورة «إيما»، حول قصة امرأة ومخاطر الرومانسية التي يساء فهمها. ويوجد أيضا فيلم كاران جوهر «ستبموم» ويتناول قصة عاطفية حول امرأتين، والفيلم المرتقب «رافان» الذي تظهر فيه ملكة الجمال السابقة ايشواريا راي مع رجلين - زوجها ابهيشيك باتشان وفيكرام. ولكن يقول الممثلون المشاركون مع ايشواريا راي إنها «بطلة» الفيلم. ويقول ابهيشيك: «ايشواريا هي بطلة فيلم رافان». أما فيلم «لم يقتل أحد جيسيكا» فهو يتناول قصة مستوحاة من قتل العارضة جيسيكا لال في عام 1999، وهو الحادث الذي سيطر على العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام منذ أن نفذه ابن سياسي هندي قوي. وربما تكون في هذه الأفلام إشارة على أن الجمهور الهندي يتعود على الأفلام التي تركز على المرأة. ويلخص العالم الاجتماعي شيف فيسفاناثان هذا التحول قائلا: «المرأة الجديدة في السينما إنسانة يعتمد عليها وتتحلى بالمرونة والانفتاح. وجسدها حاليا وسيلة للتعبير وليس الكبت». ولم يكن هذا هو الحال على الدوام، فرحلة الممثلات البارزات في صناعة السينما الهندية تعكس التطور الحادث داخل الهند. وفي معظم الأعمال الدرامية الهندية، كانت البطلة بالأساس وسيلة لجذب الرجال، ولم يكن في مخيلة الناس أن لها شخصية تتجاوز شخصية الفتاة الطاهرة الطيبة. ويقول علماء اجتماع إن الانفتاح الاقتصادي ساعد على خلق وسائل جديدة للتفاعل بين الجنسين، وتوجد قفزة جديدة في عدد النساء العاملات. وبعد أن كانت بوليوود بعيدة عن الواقع على مدى أعوام عديدة، تقوم صناعة السينما حاليا بتصحيح المسار الذي تمضي فيه. ويقول ديفيكا باغات، الذي كتب سيناريو فيلم «باتشنا إي حسينو» ويعمل حاليا على فيلم «عائشة»، إن هذا هو السبب في تفضيل عدد أكبر من الشخصيات النسائية، وأشار إلى أنه «خلال الأشهر القليلة الماضية، جاءتني مكالمات تلفونية كثيرة طلبا لقصص أفلام». ويعد ذلك مؤشرا آخر على أن بوليوود تستعد لأفلام تركز على النساء. وعلى الرغم من التغيرات خلال الأعوام الأخيرة ومن أن بعض الأفلام التي جسدت النساء فيها الشخصية الرئيسية حققت إقبالا كبيرا، مما ساعد المنتجين على الحصول على عوائد جيدة، فإن عدد قليل من بين صناع الأفلام يرغب في استثمار أموالهم في أفلام تمثل النساء فيها الشخصية الرئيسية. ويقول براديب ساركار، الذي تلعب النساء الأدوار المحورية في فيلميه «بارينيت» و«لاغا تشوناري مين داغ»: «الأفلام التي تركز على المرأة تحصل على جوائز، وتحظى بالثناء وتجد طريقها إلى مهرجانات الأفلام الكبرى، ولكن يتجنب ذوي الأحلام الكبيرة الأفلام التي تركز على المرأة». ويبدو أن هناك اعتقادا خاطئا يرى أن الأفلام التي تركز على المرأة تكون جادة وكئيبة، فيما يفضل الجمهور في الوقت الحالي أفلاما ترفيهية خفيفة. وتقول المخرجة تانوجا تشاندرا: «المجتمع ذكوري، ولذا لا يوجد طلب على الأفلام التي تركز على المرأة، وتحقق بعض الأفلام الموجهة للمرأة نتيجة جيدة، ولكن عددها قليل جدا. وإذا ارتفع الطلب على هذه الأفلام، يمكن أن يحدث تغيير ويمكن إنتاج عدد أكبر من هذه الأفلام». ويقول براديب ساركار إن الأفلام التي تركز على المرأة تحظى بتقدير كبير في الخارج. ويرى بعض الممثلين أنه يجب على صنّاع الأفلام توسيع آفاقهم والسماح لرياح التغيير بالدخول إلى القطاع. وتقول شرياس تالباد: «مع عمل أفلام موجهة للمرأة يجب على صناع الأفلام الالتزام بأشياء معينة». ولا يتم عمل هذه الأفلام بسهولة، فبالمقارنة مع الأفلام التجارية ذات الميزانية الكبيرة التي تعتمد على سحر الرجال البارزين، لم تنجح القصص التي تعتمد على النساء في الماضي في أن تتحول إلى أفلام. وحتى الوقت الحالي فإن الأفلام التي تدور أفكارها حول المرأة قليلة، ولا يحقق المعظم منها النتائج المنشودة. وتقول غوريندر تشادا، وهي مخرجة هندية تتخذ من بريطانيا مقرا لها: «قلما تُعرض المرأة. وكمخرجة سينمائية، دائما ما أتناول البطلات القويات والنابضات بالحياة والمخلصات». ولكن، قالت مخرجة أفلام، أعدت فيلما يدور حول المرأة وطلبت عدم ذكر اسمها: «أتذكر أني أخذت أحد أفلامي إلى منتج بارز في مومباي، وقال إن قصتي وفكرتي جيدتان ولكننا نجعل شاروخان في المقدمة». وكانت هذه هي اللحظة التي أدركت فيها أن «هناك صعوبات أمام الأفلام التي تركز على المرأة». ولكن لماذا يرفض الناس عمل هذه الأفلام. وتشهد بوليوود، التي كانت تستخدم المرأة كعنصر جذب، تغييرا وتحصل النساء المتزوجات والأكبر سنا على أدوار هامة تتجاوز مجرد القيام بدور أم أو أخت. ومع ذلك، لا يزال الرجال يسيطرون على القطاع، حيث يساعد ذلك على تحقيق المزيد من الأرباح، ولا يمكن تجاهل ذلك. ولكن يقوم حاليا بعض الكتاب بكتابة أفلام تركز على المرأة. ويقول المخرج ديباكار بانيرجي، الذي لديه معجبون كثر يتابعون أفلامه الناجحة التي تعتمد على ميزانية ضعيفة: «هناك المئات من السيناريوهات التي تركز على المرأة لدى منتجي الأفلام في مختلف أنحاء مومباي. والمطلوب هو أن تتحول إلى أفلام وتحصل على دعم من المنتجين والموزعين».